ركزت الصحف الفرنسية اليوم على الأزمة السورية واحتمال مشاركة فرنسا في التدخل العسكري، موضحة أن هذه الأزمة كشفت الخلافات بين اليمينيين والاشتراكيين وأيضا الشيوعيين الفرنسيين. ونبدأ من الصحيفة اليسارية القريبة من الحكومة التي ترغب في المشاركة في ضربة عسكرية ضد سوريا "لا ليبراسيو"، التى ترى أن "أولاند" لديه أدلة قاطعة على أن الحكومة السورية هي من استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد شعبها. وبينت "لا ليبراسيو" أن القرار أولا وأخيراً في يد السلطة التنفيذية للبلاد، فأولاند هو الذي سيحدد أن فرنسا ستقوم بهذه الضربة أم لا، وليس في يد البرلمان الفرنسي اتخاذ هذا القرار، ولا حتى في يد المعارضة اليمينية التي تريد امتطاء الموجة السورية، وكسب شعبية من خلال موقفها المعارض لهذه الحرب. أما الصحيفة الشيوعية "لو مانيتيه" الرافضة لعملية تدخل عسكري في سوريا، فتؤكد أن الأزمة السورية تحولت معركة بين الأحزاب اليمينية والحزب الاشتراكي. وأشارت الصحيفة إلى أن الأمر لا يقتصر على معركة بين اليمين واليسار، بل أن اليسار الفرنسي نفسه يشهد انقساما داخليا حول جدوى الذهاب إلى حرب مكلفة وغير مفيدة، كما يعارضها الرأي العام الفرنسي ومعظم دول العالم. ووصف الصحفي الفرنسي " جان بول بايروت " في افتتاحية الصحيفة الشيوعية، لقاء رئيس الوزراء الفرنسي "جان مارك أريلوت" أعضاء في البرلمان، بأن الحكومة تحاول أن تستقطب هؤلاء النواب كي يوافقوا على هذه الحرب المرفوضة. وأوضح "بايروت" أن الرئيس الفرنسي الذي يتمتع بكل الصلاحيات لإدخال البلاد في مغامرة حربية دون اللجوء إلى استفتاء مجلس النواب، هو الآخر يزيد من الانقسام في فرنسا، بل وسوء الفهم وإنكار الديمقراطية بدخول حرب يرفضها الرأي العام. أما الصحيفة اليمينية "لو فيجارو" فترى أن جميع الأحزاب السياسية مترددة تجاه التدخل العسكري في سوريا، مشيرة إلى أن هذا التردد يعكس الفجوة التقليدية بين الأطراف السياسية الفرنسية، فعلى الجانب اليساري نجد الأغلبية يؤيدون قرار أولاند، أما باقي الأحزاب المعارضة، فهي تضع شروط قبل تدعيمها لهذا التدخل العسكري. وتوضح "لو فيجارو" أنه على الرغم من الدعم القوي للحزب الاشتراكي الفرنسي لقرار أولاند، إلا أن 10% منهم لا يزال رافض لعملية التدخل. ولفتت "لو فيجارو" إلى أن غالبية النواب اليمينيين الفرنسيين يرون أن فرنسا ليس لها مصلحة في التورط في صراع ضد النظام السوري وحلفائه. وأضافت الصحيفة أن موقف المعارضة الفرنسية ضعيف بسبب الحملات الدعائية التي يشنها الحزب الاشتراكي الحاكم للحصول على التأييد وتغيير الرأي العام الفرنسي، موضحة أن الرئيس الفرنسي "أولاند" يشن حملة إعلامية لتغيير الرأي العام الفرنسي الرافض للتدخل عسكريا ضد سوريا، متسائلة: كيف يمكن للمعارضة الفرنسية أن تدافع عن موقفها إزاء الحملة التي يشنها التليفزيون الفرنسي والصور التي يعرضها باستمرار التي تدعو لدعم أولاند في قراره؟ ونقلت "لوفيجارو" ما قاله رئيس الوزراء الفرنسي السابق "إدوارد بالادور" أنه ينبغي اقناع الفرنسيين بأن مصلحة فرنسا في تجنب انتهاك القانون الدولي.