إجازة 4 أيام في 36 مدرسة بشمال سيناء بسبب انتخابات مجلس النواب    نائبة تدعو المواطنين للمشاركة في انتخابات النواب: صوتك مسئولية وطنية    المستشارة أمل عمار تدلي بصوتها في انتخابات مجلس النواب 2025 غدا    استمرار فعاليات التدريب المشترك "ميدوزا -14" بمصر |صور وفيديو    لقاء مشترك بين غرفتي الإسكندرية وبورسعيد لبحث سبل التعاون    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري مساء اليوم    أستراليا: الإعصار فينا يتجاوز داروين ويتحرك إلى بحر تيمور    حزب العدل يحصل على العضوية الكاملة في الليبرالية الدولية    ترامب يعتزم تصنيف الإخوان "منظمة إرهابية"    الشباب يتعادل مع الأخدود 1/1 في الدوري السعودي    خطة ليفربول لموسم 2025/26: أسلوب اللعب، التشكيل، ودوري الأبطال    الأرصاد تحذر من أمطار رعدية وسيول محتملة في بعض محافظات مصر غدًا    إحالة عاطل للمحاكمة عثر بحوزته على ربع كيلو هيروين بالعمرانية    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    طرح برومو فيلم "طلقني" لكريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني ( فيديو)    شيرين عبد الوهاب: لن أعتزل أنا قوية    انطلاق فعاليات مؤتمر الصناعات الثقافية والإبداعية وأبعادها التنموية بالعريش    الصحة: بنها التخصصي للأطفال ينجح في إنقاذ طفلين من جرح قطعي بالرقبة ومسمار دباسة بالبطن    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    توقيع بروتوكول تعاون لتجهيز مكتب توثيق الخارجية فى كفر الشيخ    رونالدو يقود تشكيل النصر أمام الخليج    ضبط سائق ميكروباص خالف الحمولة القانونية بعد تداول فيديو بالفيوم    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    وصول إسلام كابونجا نقابة الموسيقيين للتحقيق معه.. صور    لفصل بعضهم.. زامير يستدعي ضباطا كانوا على رأس عملهم ب7 أكتوبر    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    تشكيل إنتر ميلان ضد ميلان المتوقع في قمة الدوري الإيطالي    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    إنشاء محطة لتموين قاطرات قناة السويس بالغاز الطبيعي المسال    رئيس جامعة أسيوط يهنئ طلاب ذوي الهمم لحصولهم على 22 ميدالية    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    ازدحام غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح وسط استمرار الأزمة بغزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    قصف إسرائيلي يستهدف سيارة في عيتا الشعب جنوبي لبنان    وزير الاستخبارات الإيراني يحذر من محاولات أمريكية وإسرائيلية لاستهداف المرشد أو إثارة الاضطرابات في الداخل الإيراني    تحصين 94,406 رأس ماشية عبر 1,288 فرقة بيطرية خلال 4 أسابيع بأسيوط    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نادر فرجاني: لا تنمية بلا ديمقراطية في مصر
نشر في البديل يوم 17 - 11 - 2010

تعاني مصر من حالة حادة من الفشل التنموي تكاد تقضى على الكرامة الإنسانية لكثرة المصريين.
ويتجلى الفشل هذا في عدد من الظواهر السلبية مثل تفشي البطالة واستشراء الفقر، وما يترتب عليهما من تفاقم سوء توزيع الدخل والثروة في المجتمع، حيث تعني البطالة في بلد كمصر التحاق من لا يتمكنون من الحصول على دخل من العمل بصفوف الفقراء.
وتعاني الفئات الضعيفة في المجتمع مستويات أعلى من البطالة والفقر.
وهكذا ينجم عن هذا الفشل التنموي أن يعاني عامة المصريين تعاسة قاصمة، تتفاقم باطراد، وتقوض الكرامة الإنسانية لجموع المصريين الضعفاء. وتكفي هنا الإشارة إلى شقاء أطفال الشوارع- لاسيما بنات الشوارع وأبنائهن من “مواليد” الشوارع اللائي يحملن اغتصابا وسفاحا ثم يضعن حملهن في الشوارع أيضا- ومعاناة المسنين، من النساء والرجال، والمعاقين مهانة التسول في ظروف قاسية من حر الصيف وزمهرير الشتاء لمجرد سد الرمق.
مثل هذه الظواهر تنفي عن أي مجتمع أي إدعاء بالتنمية أو الإنسانية.
ويعود هذا الفشل التنموي الحاد إلى مرض عضال في الاقتصاد السياسي للبلد فحواه تحالف الاستبداد والرأسمالية المنفلتة بما يؤدي لاحتكار شلة تحيط برأس الحكم التسلطي للسلطة السياسية والثروة كلتيهما، وتسخير جميع إمكانات البلد لخدمة مصالح هذه الشلة، بدلا من خدمة مصالح عموم المصريين. ويضمن الاستبداد أن يفلت المسؤولين من عقاب عامة الشعب على هذه الجرائم في حق المصريين لانتفاء المساءلة الفعالة التي لا تقوم إلا في حكم ديمقراطي صالح.
تحالف الاستبداد والرأسمالية المنفلتة، أو البربرية، يطلق حرية رأس المال وحافز الربح فقط، على حساب حقوق وحريات عامة الناس. ويقوّض تحالف الرأسمالية المنفلتة مع الاستبداد، مقومات الرأسمالية الكفء والناجحة، وهي حماية المنافسة بمكافحة الاحتكار وبسط العدالة التوزيعية في المجتمع من خلال آلية الضرئب التي تأخذ من أرباح رأس المال لحماية الفقراء والضعفاء من غائلة الفقر وعاديات الدهر. بل في ظل هذا التحالف الشرير تستخدم السلطة السياسة لتكريس الاحتكاروحمايته بدلا من منافحته باعتباره أشد الأمراض المجتمعية فتكا بالكفاءة الاقتصادية وبالعدالة الاجتماعية سويا (في ظل المنافسة التامة وتعدد المنتجين أو الموردين، أي غياب الاحتكار، يجري الإنتاج أوالبيع بأعلى كفاءة وبأقل تكلفة، ما يحقق للمستهلك أفضل جودة وأقل سعر، بينما لا يهتم المحتكر إلا بتعظيم أرباحه، ولو على حساب الجودة ورفع سعر المستهلك).
وهكذا يسبب تحالف الاستبداد والرأسمالية المنفلتة دوام التخلف لإنتاجي وتدني الإنتاجية، ناهيك عن استشراء البطالة والفقر والحرمان من الحريات الأساسية. كما يتيح هذا التحالف مرتعا للفساد الفاجر وإهدار المال العام
ولذلك لا يحقق هذا التحالف الشرير نموا اقتصاديا يعتد به، وتتوجه عوائد ما يتحقق من نمو لزيادة ثراء شلة الحكم التسلطي وإفقار الغالبية الساحقة من الناس.
في النهاية، مثل هذا التحالف الآثم لابد يحابي الأغنياء والأقوياء ويعاقب الفقراء والضعفاء. وتكون النتيجة اشتداد حدة الاستقطاب المجتمعي بين قلة قليلة تحظى بالنصيب الأكبر من السلطة والثروة، وغالبية ضخمة مهمشة ومفقرة، ما يمهد، خاصة في مناخ قمع الاستبداد للحريات العامة، لاقتتال مجتمعي لا تحمد عقباه.
ثانيا: أي تنمية نريد
نريد التنمية التي تقضي على الفشل التنموي الحاد الراهن وتبعاته.
نريد التنمية التي تضمن العزة والمنعة لمصر وتصون الكرامة الإنسانية للمصريين جميعا.
لذلك نريد تنمية تقيم بنية إنتاجية قوية وتضمن زيادة الإنتاجية باطراد مما يفضي إلى قوة الوطن.
وعلى مستوى المواطنين، نريد تنمية إنسانية تقضي على أدواء الفشل التنموي الراهن من بطالة وفقر وانتفاء العدالة في توزيع الدخل والثروة، ومن مهانة الإنسان التي تتبدى في أطفال ومواليد شوارع، وفي كبار سن ومعاقين يتسولون لسد الرمق في ظروف تحط بالكرامة.
باختصار نريد تنمية تضمن حق جميع المصريين في العيش الكريم والكرامة الإنسانية.
ولن تقوم هذه التنمية بداية إلا إذا أصبح الحكم خاضعا لمحاسبة فعالة من عموم المصريين على مدى وفائه بحاجتهم إلى العزة والكرامة، ولن يحدث ذلك أبدا إلا في نظام حكم ديمقراطي صالح تكون المساءلة الفعالة للحكام أحد أهم مكوناته.
ولن تقوم مثل هذه التنمية الإنسانية إلا بالقضاء على تحالف الاستبداد والرأسمالية المنفلتة، سبب الفشل التنموي الحالي. ولذلك فبالإضافة لقيام حكم ديمقراطي صالح يتعين ترشيد التنظيم الاقتصادي للمجتمع بعيدا عن نمط الرأسمالية المنفلتة لضمان الكفاء الاقتصادية والعدالة الاجتماعية كليهما.
باختصار لن تتحقق مثل هذه التنمية الإنسانية في مصر إلا بإحلال التحالف الخير بين الحكم الديمقراطي الصالح والتنظيم الاقتصادي، الكفء والعادل، محل تحالف الاستبداد والرأسمالية المنفلتة، المؤسس للتخلف والظلم. ونقدم في الجزء التالي بعض معالم التحالف الخير المطلوب.
ثالثا: مضمون التنمية المرغوبة
تستهدف التنمية المرغوبة بداية إقامة بنية إنتاجية قوية ومتنوعة تسند الاستقلال الوطني وتضمن منعة الوطن.
وتتطلب مثل هذه البنية الإنتاجية اطراد ارتفاع الإنتاجية. وتستلزم زيادة الإنتاجية رفع جودة نظم التعليم والتدريب، المستمرين مدى الحياة، وحسن إدارة مشروعات قطاع الأعمال وصلاح حكمها وفق مبادئ الإدارة العامة الرشيدة. غير أن أهم مقومات الإنتاجية العالية قاطبة هو شعور العاملين بالانتماء الذي يغذيه تبلور شعور الفرد بأن الوطن يحميه ويضمن له العيش الكريم والكرامة الإنسانية. بعبارة أخري يعلى من الانتماء، بما يرفع الإنتاجية باطراد، أن يتمتع الفرد بكامل حقوق المواطنة و مجمل حقوق الإنسان، ما لا يتحقق إلا في ظل شق الحكم الديمقراطي الصالح من تحالفنا الخير. وها هنا مدخل واسع آخر للتلازم بين الديمقراطية والتنمية الإنسانية.
أما شق التنظيم الاقتصادي، الكفء والعادل، فيتطلب المقومات الرئيسية التالية.
دولة تنموية قادرة وفعالة، تخضع للمساءلة الصارمة من عامة الناس، وتقوم على ضبط الأسواق ورأس المال وحافز الربح لضمان المصلحة العامة للمصريين جميعا، من خلال مناهضة الاحتكار وإرساء العدالة التوزيعية.
ويتكامل مع الدولة التنموية الرشيدة هذه قيام قطاع أعمال (عام وخاص) يخضع لمعايير حسن الإدارة والحكم الرشيد. ويعني ذلك على وجه التحديد إعادة الاعتبار لنمط الملكية العامة لمشروعات الأعمال (أقصد ملكية الشعب وليس ملكية الحكومة) وتشجيع أنماط الملكية والإدارة التعاونية التي أهدرتها حقبة تحالف الاستبداد والرأسمالية المنفلتة لمحاباة رأس المال الكبير والاحتكاري، بلاطائل، إلا الفشل التنموي.
ولضمان الوفاء بحاجات المصريين جميعا للعيش الكريم والكرامةالإنسانية، يتوجب أن يضمن الحكم الديمقراطي الصالح أجورا تكفي للوفاء بالحاجات على مستوى مقبول إنسانيا، وتزداد تلقائيا حسب معدلات غلاء الأسعار الحقيقية.
ويتعين أن تقوم الدولة بواجبها في حماية عامة المصريين من الفقر والفاقة من خلال آليات العدالة التوزيعية. ما يستوجب ترشيد الموازنة العامة، من خلال آلية الضرائب المباشرة التصاعدية، مثل الضريبة العامة على الدخل- بدلا من الضرائب غير المباشرة التي تثقل كاهل الفقراء- ومكافحة التهرب الضريبي وشتى أشكال الفساد التي استشرت في البلاد؛ ما يوفر الموارد لضمان الدولة لمستوى جيد من الخدمات الأساسية الحامية للقدرات البشرية الأساس، لاسيما خدمات الصحة والتعليم، التي ترفد بدورها ترقية الإنتاجية.
كما تقتضي حماية الكرامة الإنسانية إنشاء شبكات أمان اجتماعي واسعة وفعالة، وإطلاق الحريات المفتاح للرأي والتعبير والتنظيم.
مواضيع ذات صلة
1. د. نادر فرجاني : سيادة نمط مثقف المتسلط يؤسس لانحطاط الثقافة (3)
2. د. نادر فرجاني : مثقف المتسلط ومثقف الشعب(2)
3. د.نادر فرجاني: خيانة المثقفين في الوطن العربي، بالتركيز على حالة مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.