* رسالة لندن : 50 عام من الصعود للفضاء ... شهران ونصف من الثورة! لندن – شيماء زاهر : في الثاني عشر من أبريل عام 1961 صعد “يوري جاجارين” إلى الفضاء ؛ في المملكة المتحدة –حيث أقيم الآن- لاحظت أن وسائل الإعلام تتعامل مع الحدث كما لو كان احتفالا، اليوم يذاع على محطات البي بي سي عدة برنامج تليفزيونية وإذاعية عن رحلة يوري جاجارين إلى الفضاء ، في ذات الوقت الذي يذاع فيه مسلسل تليفزيوني عن الصعود للقمر مقتبس عن رواية خيال علمي للكاتب “هربرت جورج ولز” (1866-1946)؛ الجرائد هي الأخرى خصصت مجموعة من المقالات عن صعود الإنسان للفضاء وعن سيرة يوري جاجارين الذاتية والمحيطين به. لكن الاحتفال بالصعود إلى القمر يبدو شيئا عاديا بالنظر إلى السياق هنا ، جدول محطات البي بي سي على سبيل المثال يحتوي على عدة برامج تتناول –ضمن أشياء أخرى- تاريخ البشرية بدءا من الحضارات القديمة، إلى الحقائق التي توصل إليها الباحثين عن الإنسان والكون. الحقائق المذهلة عن الإنسان والكون تصنع فروعا من العلم تتداخل بحيث يصبح من المحال الفصل بين الطب والفلك و الطبيعة والجولوجيا. الحديث عن فروع العلم لا يقتصر عن وسائل الأعلام على ما لها من أهميتها، في الجامعة اتوقف عند بوستر به دوائر، داخله صور صغيرة لعلماء أوروبا وتواريخ ميلادهم ووفاتٍهم ، أجدها تتباين بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. المتاحف والمكتبات العامة هي الأخرى تقدم محاضرات عن نفس الحقبة التاريخية وما تلاها. الانبهار هو الوصف الأمثل لما أمر به حينما أشاهد برنامج أعلم منه للمرة الأولى أن على سطح الشمس ثقوب سوداء تؤثر –بطريقة ما لا أتبينها تحديدا- على حركة الكواكب في المجموعة الشمسية؛ أو أن المجرة الشمسية على ما لها من اتساع ما هي إلا واحدة من مجرات أخرى. في ذات الوقت تذيع قناة أخرى برنامجا عن الحضارة المصرية القديمة؛ في معظم المكتبات التي دخلتها، أجد رفا لبيع كتب للأطفال يتحدث عن تاريخ مصر القديم بجانب الكتب الأخرى التي تتناول تاريخ مصر القديم. وأجدني مدفوعة إلى السؤال : وما الذي يمنع من وجود مشروع لنهضة علمية في مصر؟ مؤخرا، بين الحين والآخر تجيء على بالي أغنية لفريق تاكسي كانت تتردد على الفيس بوك قبل شهور قليلة من الثورة، “قالوا مجنون اللي يفكر بلدنا دي تتطور..طب فين وازاي ومنين؟ ...قالوا مجنون اللي يرجع للمصري تاني قيمته وكل الناس نايمين”، التصور بإمكانية التغيير كان دربا من الخيال، تماما مثلما كان في وقت ما درب من الخيال، التصور بإمكانية الصعود إلى القمر. من حقي أن أحلم بنهضة علمية تليق بدولة كانت أولى الحضارات في العالم، أن تهتم وسائل الإعلام بما توصل إليه العلماء بدئا من عصر النهضة إلى الآن، أن تعيد المدارس الاهتمام بالمعامل، أن تفتح مصر قنوات اتصال مع المهاجرين في الخارج، ليكونوا جسرا للنهضة، أن تسمح لي –بداية- حيز من الاختلاف معك؛ أن يقدم وزير الدولة للبحث العلمي ورقة للنهضة بالتعليم، تُطرح للنقاش العام، في وسائل الإعلام وعلى الإنترنت، يقدم فيها كل مهتم تصوره عن النهوض بالتعليم في مصر وما يمكنه تحقيقه. من حقي أن أحلم بنهضة علمية في مصر كما آراها في الخارج، ومن الممكن أن تشاركني الحلم، تحقيق الأحلام، لم يعد مستحيلا، على الأقل هذا ما يقوله التاريخ.