أعلنت وزارة المالية عبر صفحتها الرسمية عن نيتها في طرح أذونات وآجال خزانة بقيمة 70 مليار جنيه، لسد الفجوة التمويلية التي تعاني منها موازنة العام المالي 2013/2014 والمتوقعة أن تصل إلى 186 مليار جنيه، الأمر الذي دعا خبراء الاقتصاد لاعتبار أن هذه الممارسات على الرغم من أنها تحقق حلولًا سريعة لحل الأزمة الاقتصادية إلَّا أنها ستخلف ديونًا ثقيلة ترثها الأجيال المقبلة إلى جانب بروز شبح عجز الموازنة العامة الذي لا يمكن القضاء عليه نهائيًّا إلَّا من خلال تشجيع الإنتاج وترشيد الموارد العامة للدولة بما يسمح في النهاية لزيادة حجم الإيرادات السيادية للبلاد من رسوم وضرائب وجمارك للقضاء على معدلات البطالة من جهة وزيادة الناتج المحلي من جهة أخرى. وقالت الدكتورة هند مرسي مدرس مساعد بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة بني سويف: إن طرح وزارة المالية أذونات خزانة بمبلغ 60 مليار جنيه خلال الشهر الجاري ومن قبلها أذونات وآجال للخزانة بقيمة 70 مليار جنيه، من الممكن أن تزيد من حجم الدين العام للبلاد وتتحمل تبعات ذلك الأجيال المقبلة؛ لارتفاع سعر الفائدة على الآجال باعتبارها ديون على الحكومة. وأضافت أن حكومات ما بعد الثورة لم تبحث سوى على الحلول السريعة للازمة الاقتصادية من خلال الاقتراض سواء من الداخل أو الخارج، لافتة إلى أن عجز الموازنة العامة بحاجة لحلول غير تقليدية خاصة وأنه رغم توفير السيولة المالية لدى الدولة إلَّا أنها ستتسبب تلك الأجال في تقليل الطلب الداخلي نظرًا لتوقف عجلة الإنتاج عقب اندلاع الثورة ومنذ 3 سنوات ماضية وترتب عليها إغلاق لمئات المصانع وتسريح لآلاف العمال مما زاد من معدلات البطالة إلى 13%، مشيرة إلى أن ذلك سيزيد من حدة العجز الهيكلي للموازنة العامة. واقترحت حلولًا لسد الفجوة التمويلية المتوقعة بالموازنة العامة، من خلال تطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور بما سيوفر نحو 2 مليار جنيه للخزانة العامة بجانب ضم الصناديق والحسابات الخاصة للموازنة العامة بالإضافة إلى تقليل عدد المستشارين بالوزارات والجهات الحكومية وتقليل إهدار المال العام خاصة بشركات القطاع العام من خلال إحكام الرقابة عليها. وأضافت أن مصر تعاني بالفعل من تباطؤ في الناتج المحلي وهو المشكلة الكبري لعمليات العرض والطلب والسبب الرئيس للعجز، مطالبة بضرورة توفيق أوضاع المصانع التي تم إغلاقها عقب الثورة، لافتة إلى أنها ستسهم بشكل كبير في العملية الإنتاجية بما يساعد في النهاية لزيادة الناتج المحلي نتيجة زيادة فرص الموارد السيادية كالضرائب والرسوم على الأنشطة بما يقلل معدلات البطالة في النهاية. من جهته أكد الدكتور صلاح العمروسي الخبير الاقتصادي، أنه من المعروف أن سندات وآجال الخزانة تستخدمها الحكومة لتمويل عجز الموازنة، مرجحًا أن الحكومة لم تحصل على أموال حقيقية ويمكنها أن تحتفظ بقيمة الأذونات في حوزتها دون التصرف فيها. وأشار إلى أن اتجاه الحكومات التي تعاقبت بعد ثورة 25 يناير تعتنق فكر الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق، لافتًا إلى أن فكرة أذونات الخزانة تعد أحد البدائل التمويلية لسد عجز الموازنة العامة مثل الاقتراض، معتبرًا أن حكومة الببلاوي تعتبر أفضل مما سبقتها نظرًا لأنها تحتوي على خبراء اقتصاديين ولديهم المام بالملف الاقتصادي للدولة، لافتة إلى أن الحكومة طبقت البرنامج الاصلاحي لصندوق النقد دون أن تحصل على القرض البالغ قيمته 4.8 مليار دولار، معتبرًا أنه لم يعد له أي قيمة بعد حصول مصر على حزمة مالية من الدول الخليجية مؤخرًا وبلغت قيمتها 12 مليار دولار. وأضاف أن عجز الموازنة لن يكون مقلقًا خاصة وأن هناك دولًا متقدمة تتجاوز فجوتها التمويلية أكثر من 200% من حجم الناتج المحلي بالنسبة لها خاصة في دولة اليابان مثلًا، مقترحًا أن تكون الحكومة بعدد من الإجراءات التوسعية بالموازنة العامة دون اي اجراءات تقشفية، معتبرًا أن ذلك سيسمح بعد مدة معينة بزيادة حجم الناتج المحلي نتيجة لزيادة معدلات الإنتاج والتي سيستتبعها زيادة الضرائب، مشيرًا إلى أن الموازنة التقشفية ستزيد من حجم الركود الاقتصادي؛ لتوجيه النفقات لسد العجز فقط دون اي انشطة اقتصادية حقيقية. وكانت وزارة المالية أعلنت عن نيتها في طرح أذونات وآجال خزانة خلال الشهر الجاري بقيمة 60 مليار جنيه لسد الفجوة التمويلية التي تعاني منها الموازنة العامة للدولة، بجانب ما أفصحت عنه عن وصول قيمة تلك الأذونات خلال يوليو الماضي إلى 71 مليار جنيه، لترتفع قيمة الدين العام للدولة إلى نحو 1.5 تريليون جنيه.