للعشر الأواخر من رمضان فضلٌ عظيم، وميزةٌ كبيرة، يظهر ذلك جلياً من خلال تتبع حال النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف أنه كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان، ما لا يجتهد في غيرها. وحول فضل العشر الأواخر من رمضان، كان ل"البديل" هذا اللقاء مع الشيخ رجب شعبان رمضان السيد، الداعية الأزهرى، حيث قال "إنه لمن الحرمان العظيم والخسارة الفادحة أن ترى كثيراً من المسلمين يُمْضُون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، يسهرون معظم الليل في اللهو الباطل، فإذا جاء وقت القيام ناموا عنه، وفوَّتوا على أنفسهم خيراً كثيراً لعلهم لا يدركونه بعد عامهم هذا أبداً". وأضاف "ليست قيمة الأيام بساعاتها ولا قدر الليالى بطولها وعددها، إنما قيمة الأوقات بما يحدث فيها من خير للبشر وسعادة للناس، فقضاؤها بالقران، فقيل عنه: {نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} المائدة15،16، فطوبى لمن اتخذ القرآن جليسه وسعد به أنيساً". وأوضح الشيخ رجب أن المقصود بالاعتكاف هو انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلباً لفضله وثوابه وإدراك ليلة القدر، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة، وأن يتجنب ما لا يَعنيه من حديث الدنيا، ولا بأس أن يتحدث قليلا بحديث مباح مع أهله أو غيرهم لمصلحة، ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في حديث،"ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". وتابع "الاجتهاد : روت عائشة رضي الله عنها -:(( أن النبي كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد مئزره))، وقد كان يكثر من قراءة القرآن في هذه الليالي فعن عائشة - رضي الله عنها – أيضاً أخبرت: كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره))، وهذا يدل على اهتمامه بطاعة ربه، ومبادرته الأوقات، واغتنامه الأزمنة الفاضلة، فينبغي علينا الاقتداء به، والسير على نهجه، وكان ((يطرق باب فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما: ألا تقومان فتصليان)). وعن فضل العشر الأواخر من رمضان أجاب الشيخ الأزهري بقوله من فضل هذه الأيام هي 1- نزول القرآن فيها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. 2- أنها خير من ألف شهر: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. 3- وهي ليلة مباركة: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}. 4- وفيها يقدّر مقادير الخلائق: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}. 5- وفيها مغفرة الذنوب: فعن أبي هريرة قال :أن النبي قال:((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)). 6- قال الإمام القرطبي في فضلها: وحسبك قوله - تعالى -: {لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} وقوله: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا}، وفى الصحيحين: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه)). 7- أن الملائكة تنزل فيها والروح : أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له"، والروح هو جبريل عليه السلام - وقد خصَّه بالذكر لشرفه. 8- أن الله - تعالى - وصف تلك الليلة بأنها سلام من أولها إلى آخرها: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.