قال اللواء بحري محمود متولي، الخبير الاستراتيجي، وزميل كلية الدفاع الوطني، وعضو الصالون البحري المصري، إن القوى الشاملة للدولة هي محصلة المقومات المادية والمعنوية، وما يوفره التقدم التقني لها، والتي يتم توظيفها في إطار الإستراتيجية الشاملة للدولة؛ لتحقيق أهدافها مع قدرة الدولة على استخدام كل مواردها بطريقة تؤثر على سلوك الدول الأخرى؛ لصنع أو صياغة السياسة القومية. وأضاف متولي في تصريحاته للبديل أن القدرات الشاملة للدولة تنقسم إلى عناصر مادية "القدرة الاقتصادية، القدرة الحيوية، القدرة العسكرية، القدرة السياسية"، وعناصر معنوية "الإرادة القومية، الأهداف الاستراتيجية، القدرة الدبلوماسية". كما تنقسم القوة من حيث النوع، إلى قوة عسكرية، وهي الأداة التي تلجأ إليها الدولة عند إخفاق السياسة في تحقيق الأهداف، وقوة اقتصادية، وهي قدرة الدولة في التحكم والسيطرة على الثروات الطبيعية وفن إدارتها لتحقيق الازدهار والرفاهية، بالإضافة إلى قوة قومية، تتركز في المصادر والثروات الطبيعية، العنصر البشري والعلم، القوة البحرية. عن قوة مصر في البحر، قال عضو الصالون البحري المصري ل"البديل"، إن قوة مصر في البحر تقاس، بما تمتلكه من أساطيل تجارية وصيد وسفن أبحاث وحفارات ومنصات بترولية وأنشطة سياحية وثروات طبيعية، وكذلك كل ما يعمل لصالحها بالبر من موانئ ومؤسسات لأعداد الكوادر وترسانات بناء وصيانة وإصلاح السفن وتسهيلات ولوجيستيات. إضافةً للقوات البحرية التي تحمى وتؤمن كل ذلك، في ضوء رؤية القيادة السياسية لتفعيل قوة الدولة في البحر. واعتبرت البحار على مر التاريخ أحد مصادر الخير والتواصل والرخاء، وحرصت معظم الدول والإمبراطوريات القديمة على تعظيم الاستفادة من البحر، وتطويعه واستغلال ثرواته، ويكفى أن نشير أن ما يقرب من 95% من حجم التجارة العالمية يتم نقلها بحرًا. وأضاف الخبير الاستراتيجي، أنه ومع تزايد الاستنزاف الهائل لموارد اليابسة، الذي أدى بالإنسان إلى الاتجاه نحو البحر لسد احتياجاته البشرية، ونظرًا لاختلاف دوافع الدول لاستغلال البحار، تم عقد العديد من المؤتمرات وإبراز اتفاقيات، بغيه الوصول إلى أفضل وأنسب السبل لاستغلال واستثمار ثروات البحار "الحية والمعدنية"، بالإضافة إلى تحديد طرق التعامل مع السفن مختلفة الجنسيات. ويؤثر الموقع الجغرافي لمصر على قوتها في البحر، ومن ثم على تحديد مصالحها القومية، نظرًا لأنها دولة ساحلية تقع في قلب العالم، وتمتلك سواحل ومساحات مائية كبيرة، وتتحكم وتسيطر على قناة السويس "طريق التجارة العالمية والبترول"، وامتداده الطبيعي خليج السويس، بالإضافة إلى تحكمها في مضيق تيران المدخل الوحيد لخليج العقبة. يتأثر الدخل القومي لجمهورية مصر العربية، تأثرًا مباشرًا بما يتعلق بالموارد البحرية بأبعادها المختلفة، فمن وجهة نظر الاقتصاد تعتبر البحار وما تحويه نشاطًا إنتاجيًا هامًا، يخلق قيم اقتصادية تساعد على زيادة الدخل القومي للدولة. كذلك أوضح متولي، أن مكونات قوة مصر في البحر، تنقسم إلى: عناصر الثروة المرتبطة بالبحر، الموارد الاقتصادية، منصات البترول والغاز، الثروة السمكية، السياحية، قناة السويس. وعناصر حماية الثروة المرتبطة بالبحر القوة العسكرية، والتي تقوم بها القوات البحرية، لحماية أسطول النقل التجاري وأسطول الصيد، علاوة على السفن الخاصة بالأبحاث العلمية والمعدات البحرية، التي تمكن من استغلال الثروات الطبيعية الموجودة في البحر. وتمثل عناصر دعم وتأمين الثروة المرتبطة بالبحر: "الموانئ البحرية، الترسانات والأحواض العائمة والجافة وورش الصيانة والإصلاح مؤسسات إعداد الكوادر". وأكد الخبير الاستراتيجي، أن قوة مصر في البحر ترتبط، ارتباطًا مباشرًا بقوى الدولة الشاملة في علاقة تكاملية تتناسب طرديًا فيما بينهما، فهي تؤثر فيها وتتأثر بها، وطالما أن قوى الدولة الشاملة تعمل على تحقيق التنمية الشاملة، وأن الأمن القومي المصري يهدف إلى تحقيق أكبر قدر من الحماية والاستقرار لتحقيق التنمية الشاملة للدولة، فإن الأمن القومي المصري يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقوة مصر في البحر. ومن هنا تنبع أهميه قوة مصر في البحر، تعد قوة الدولة في البحر أحد الدعائم الأساسية التي تؤدي إلى تقدم وازدهار الدولة في كافة المجالات "اقتصاديًا، سياسيًا، أمنيًا"، ونظرًا لما تتمتع به مصر من موقع استراتيجي فريد وطول للسواحل وكبر للمسطحات المائية، بالإضافة إلى التزاماتها القومية كدوله محوريه ورائده في الوطن العربي, تسير على درب التنمية والتقدم وتقابل العديد من التحديات، فإنها تحتاج إلى تفعيل قوتها في البحر.