تحرص أوساط إسرائيلية نافذة على إثارة ما تسميه "قضية اللاجئين اليهود من الدول العربية" كلما أشيع عن احتمال استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لتذكر بأن إسرائيل ستطرح القضية في موازاة طرح الفلسطينيين قضية لاجئيهم، من خلال "مشكلة اللاجئين" وليس "حق العودة" المقصور على الفلسطينيين، وأيضًا ل"تثبيت صلة بين ما تصفه مأساة اللاجئين اليهود وبين مسألة اللاجئين الفلسطينيين في إطار واحد على نحو يخدم إسرائيل في المفاوضات ويردع الفلسطينيين ويكبح مطالبهم بحق العودة". والقضية التي ابتكرها مسئول إسرائيلي أواسط سبعينات القرن الماضي، وعاد وزير إسرائيلي إلى طرحها بقوة أكبر عام 2007، وتبناها لاحقًا "مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة"، وتداولها مؤتمر هرتسيليا للأمن القومي"، مرتبط بالأحداث الأخيرة في مصر وبادعاءات جديدة بأن بنايات ضخمة ومراكز تجارية مركزية في قلب القاهرة تعود ملكيتها إلى يهود من أصول مصرية هاجروا إلى اسرائيل في السنوات الأولى التي تلت إقامتها عام 1948، وأنه يجب الآن المطالبة باسترجاعها وليس فقط تلقي تعويض مالي. وقال نائب وزير الخارجية السابق "داني أيالون" الذي أطلق قبل عامين حين كان يشغل المنصب حملة ديبلوماسية عالمية إعلامية دولية واسعة تشدّد على أنه من دون الاتفاق على القضية لن يتم التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين: إن "إطاحة حكم الإخوان المسلمين في مصر يخلق فرصة ذهبية لتغيير اجتماعي وبنيوي عميقين في مصر تكون نهايته في تأسيس نظام ديموقراطي حقيقي". وأضاف أنه يتحدث عن "ديموقراطية تحترم حقوق الأقليات"، ما سيتيح برأيه "تسوية حقوق اليهود المصريين الذين تم ترحيلهم إلى إسرائيل بأوامر من النظام المصري والجامعة العربية في السنوات 1948-1967"، وزاد أن جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أخطأت حين لم تولِّ المسألة أهمية قصوى، مذكّرًا بأن الرئيس السابق "بيل كلينتون" اقترح عام 2000 إقامة صندوق دولي يعالج قضية اللاجئين، بمن فيهم اللاجئون اليهود. ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس تقريرًا موسعًا عن الجهد الكبير الذي يقوم به "مجلس الأمن القومي" في مكتب رئيس الحكومة لمتابعة القضية، وتحديدًا منذ عام 2011. ونقلت عن أحد المسئولين عن المشروع قوله: إن استثمار الموارد الكبيرة والوقت الكبير لمتابعة القضية "مرتبط بسيرورة نزع الشرعية المتسعة ضد إسرائيل" في الحلبة الدولية وتركيز الفلسطينيين على حق العودة، مضيفًا أنه سيكون في وسع إسرائيل حين تستأنف المفاوضات أن تطرح قضية اللاجئين اليهود من الدول العربية في مقابل قضية اللاجئين الفلسطينيين. ويعني هذا الكلام اعتبار "قضية اللاجئين اليهود من الدول العربية" واحدة من قضايا الحل الدائم في المفاوضات مع الفلسطينيين، أو "القضية السادسة" مع التشديد على أنه من دون حلها فإن إسرائيل لن توافق على الإعلان عن نهاية الصراع. وتابعت الصحيفة أن "مجلس الأمن القومي" الذي وضع أواخر العام الماضي ورقة موقف شاملة، يكرّس عمله الآن لجمع معطيات دقيقة عن ممتلكات اللاجئين اليهود" الكثيرة في الدول العربية، علمًا أن عددهم يقدر بأكثر من 800 ألف يهودي، هاجر 600 ألف منهم إلى إسرائيل. وبحسب المجلس، فإن اللاجئين اليهود تركوا ممتلكات قُدر ثمنها في حينه 700 مليون دولار، وتساوي اليوم 6 بليون دولار، لكن الصحيفة أشارت إلى أن ثمة نقاشًا داخل المجلس في شأن كيفية التصرف بهذه المعطيات، بين مؤيد لتقديم دعوى قضائية ضد الدول العربية "التي نهبت ممتلكات اليهود"، وعلى رأسها مصر التي اعتبرت الجالية اليهودية فيها الأغنى قياسًا بالجاليات في الدول العربية الأخرى، وبين معارض لتقديم شكوى كهذه. ويرى المؤيدون أنه يمكن رفع الشكاوى في محاكم الدول العربية التي عاش فيها اليهود، أو أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. لكن المعارضين يخشون من تقديم شكوى كهذه يصفها المؤيدون بأنها "أكبر دعوى قضائية في الشرق الأوسط"، سيغمر إسرائيل بسيل من دعاوى مماثلة من الفلسطينيين. ويبدو المستشار السابق للأمن القومي عوزي أراد من أشد المتحمسين لتقديم دعوى قضائية. أخبار مصر- البديل