أربعٌ وعشرون ساعة، ويحل شهر رمضان الكريم على الأمة العربية والإسلامية، ولكنه مختلف هذا العام لما تمر به البلاد من ظروف سياسية صعبة. ولكي تنعزل عن تلك الأحداث، عليك التجول في «سوق البلح» أسفل كوبري الساحل شمالي القاهرة؛ لتعبق أنفك برائحة «الزبيب، الياميش، جوز الهند والبلح»، وتستمع بمظاهر السعادة المناهضة للواقع الأليم. ولكن السياسة أبت أن ترفع يدها عن المنتجات الرمضانية، فلكي يروج البائعون بضاعتهم، وضعوا أسماء الساسة والنخب على أنواع البلح المختلفة، وكان «بلح السيسي» الذي وصل سعره إلى 40 الأغلى سعرًا، و«بلح تمرد» 25 جنيه، و«بلح قنابل تمرد» 22 جنيه، أما «بلح مرسي والشاطر» فكان الأقل سعرًا، إذ تراوح بين 3 و6 جنيهات فقط. علي سيد، أحد تجار السوق، أرجع ارتفاع سعر «بلح السيسي» إلى إقبال المواطنين عليه؛ ل«إنقاذه البلد من الإرهابيين»، وقال ل«البديل»، إن «هناك إقبالًا كبيرًا من الشارين على بلح قنابل تمرد». فيما أكد التاجر سيد عرابي ارتفاع أسعار البلح هذا العام؛ لما يشهده السوق من حالة ركود كبيرة، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع أسعار السولار، وأوضح أن «تكلفة نقل طن البلح من أسوان إلى القاهرة كسرت حاجز ال900 جنيه، ووصلت إلى 2400 جنيه»، مشيرًا إلى أن «السائقين اضطروا لشراء السولار من السوق السوداء». وعن أفضل نوعيات البلح، قال أحمد السبال، تاجر من أسوان، إن أجود الأنواع هي تلك التي تأتي من «أسوان، السد العالي، الأقصر، قنا والواحات»، ولكنه عاد وأكد أن «أنقى الأنواع وأجودها هو البلح الأسواني الذي يسقط على تربة جبلية، فينضج دون إضافة أية مواد كيمائية، ومن ثم تجده خاليًا من السوس والحشرات، ولذا تستطيع ربة المنزل الاحتفاظ به طوال العام». عبد الظاهر أحمد –بائع-، أشار إلى أن «البلح الذي يباع حاليًا ليس طازجًا، بل مخزنٌ من العام الماضي؛ لتغير مواعيد حلول رمضان عن مواسم نضوج البلح»، بينما أوضح الجابري فتاح، تاجر قطاعي، أنه «كان يبيع كل عام ما يزيد عن 20 طن بلح، أمام هذا العام فهو لم يكمل حتى الآن بيع 5 طن». أما عن أسعار الياميش، فقد تأثرت إلى حد كبير بالحرب الدائرة في سوريا، إذ تأتي أغلب أنواعه من هناك، هذا ما أكده محمد مشمش –بائع-، وقال إن «الياميش لم يعد يأخذ طريقًا مباشرًا من سوريا إلى مصر، بل أصبح يمر بلبنان وتركيا، ويتحمل تكاليف سفر وانتقال إضافية». مشمش لفت إلى أن «باقي المنتجات الرمضانية ارتفعت أسعارها بشكل كبير، إذ وصل سعر البندق واللوز والعين جمل إلى 40 جنيه للكيلو، بعد أن كان 23 جنيهًا في رمضان الماضي»، منوهًا إلى «وصول ثمن العين جمل الأمريكي إلى 46 جنيه، ولفة قمر الدين إلى 12 و22 جنيه، بعد أن كانت ب6 و7 جنيهات». في حين بلغ سعر الزبيب الإيراني 35 جنيه، والمصري 25 جنيه، والمشمشية 30 جنيه، والقراصية 35 جنيه، وجوز الهند 20 جنيه، والبندق واللوز المقشر 65 جنيه. وفيما يخص القدرة الشرائية لربات البيوت، قالت نجاح فوزي، موظفة وربة منزل، إنها لا تستطيع تدبير الأموال لشراء الاحتياجات الرمضانية، مؤكدة أن الأسعار تضاعفت عن العام الماضي، ولذلك لم تشتر قراصية ومشمية هذا العام واكتفت بشراء البلح لكونه سنة واجبة عن الرسول صلي الله عليه وسلم، ومعه جوز الهند والفول السوداني لتتمكن من تحضير الكنافة والقطائف. فوقية ياسر، ربة منزل التقطت طرف الحديث، وقالت «المصروف الذي أعطاه لى زوجي لياميش رمضان لا يكفى على الإطلاق، إذ بلغ سعر البلح 20 جنية، ومن ثم فتحتاج أسرتي ل 60 جنيه على الأقل؛ لشراء ثلاث كيلو بلح». وأضافت: «بالكاد أستطيع شراء الفول السوداني لأنه أرخص أنواع المكسرات، ويدخل فى حلوى رمضان، لكن باقي أنواع الياميش أصبحت شكلًا من أشكال الرفاهية التي لا تقدر عليها أسرة بسيطة».