صدر حديثًا عن المركز القومي للترجمة النسخة العربية من كتاب "المشروع القومي العربي في سينما يوسف شاهين"، تأليف مالك خورى، وترجمة حسين بيومي. يقع الكتاب في 433 صفحة، و11 فصل، ويناقش كيف أن فكرة المشروع القومي العربي والهوية القومية العربية التي ظهرت ونضجت من خمسينيات القرن الماضي كونت وشكلت الجزء الرئيسي من أعمال شاهين. يقول المؤلف: إن شاهين ليس مجرد مخرج حرفي، وإنما هو صانع أفلام كبير، أكد جوهر إبداعه مكانة السينما باعتبارها فنًّا رفيعًا إلى جانب محاولة احتوائها، باعتبارها الفن الأكثر شعبية، كما لم يكن يوسف شاهين تكرارًا لغيره ولكنه أضاف الكثير، وساهم بقوة لوصول السينما المصرية إلى مصاف السينمات الكبرى في العالم. وأشار إلى أن اهتمامه بسينما شاهين يرجع إلى سنوات دراسته بالمدرسة الثانوية، حين أصبح فيلم العصفور أيقونة بالنسبة لكل اليساريين في مدينته وعبر البلاد، فليس هناك صانع أفلام آخر في تاريخ السينما العربية شهد وتأمل ثم صور في أعماله أوجهًا كثيرة للتغيرات التي طرأت في العالم العربي المعاصر مثل يوسف شاهين، فإن هذا الكتاب يعيد وضع علاقة شاهين بالسينما في بيئتها ومصادرها وجماليتها العربية وبالسياق الخاص بقرابتها إلى ما يشار إليه عموما بالمشروع القومي العربي، وبدقة أشد يركز الكتاب على مساهمة أعمال شاهين باتساق في هدم أسطورة الهوية القومية العربية المتجانسة، في الوقت ذاته الذي تعيد فيه بناء مفهوم الأمة العربية والهوية القومية العربية باعتبارها مفهوما غير متجانس ومكمل لمشروع التحديث طويل المدى من أجل تقرير المصير القومي. وأضاف خوري أنه على امتداد سيرة شاهين السينمائية الطويلة، فإن انهماكه التوقعي في نضالات مجتمعة خلال أشد الفترات اضطرابًا في التاريخ العربي المعاصر، نتج عنه مجموعة أعمال ألقت الضوء على دوافع إعادة الانبثاق المعاصرة للمشروع القومي العربي في الفترة التي تلت ثورة جمال عبد الناصر 1952 في مصر، وتشمل هذه الدراسة أربعة وأربعين فيلما، تجسد فحصًا ثريًا ونقديًا للتاريخ الاجتماعي والسياسي والثقافي في مصر والعالم العربي في القرن الماضى. يفحص هذا الكتاب أفلاما صنعت في خمسينيات القرن الماضي، وعلى امتداد حياة شاهين حتى فيلمه الأخير "هي فوضى" في العام 2007، ويحلل المضمون ومكونات الشكل في أفلامه في تفاعلهما مع ما يخص الأمور الثقافية والاجتماعية والسياسية في فترات مختلفة من التاريخ المصري والعربي المعاصر، كما يفسر الكتاب دوافع إنتاج الأفلام وتلقيها - وخصوصا في التفاعل مع النظم المحلية للمارسة الثقافية والسينمائية - كما يستقبلها النقاد والجمهور المصري والعربي. توضع أفلام شاهين داخل مدونة كبيرة للهموم الاجتماعية والثقافية المواكبة للنضال الممتد في سبيل تقرير المصير القومي العربي والتحديث، كما تشير أفلامه إلى الثورات التي هزت الشرق الأوسط منذ أوائل القرن الماضي - وهي أزمنة للحرب والنضال المدني التي قد يكون وقودها الجوعى واليتامى والعمال والفلاحين والعاطلين، ومنذ تسعينيات القرن الماضي مالت أفلامه إلى تأريخ صعود الأصولية الإسلامية بين الشباب العاطل في المدينة، الذين يحصرون غضبهم في نزعة رجعية دينية وسياسية وظلامية، ولكنها تشهد معضلات فعلية أنتجها التحرر القومي العربي. المؤلف مالك خوري، رئيس قسم الأداء والفنون البصرية ومدير برنامج السينما بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، حصل على الدكتوراه في وسائل الاتصال من جامعة ماك جيل في مونتريال بكندا، ونشر العديد من الدراسات عن السينما الكندية، وله العديد من الكتب الأكاديمية المنشورة بالإنجليزية. والمترجم حسين بيومي، نشر الكثير من المقالات والدراسات المؤلفة والمترجمة في دوريات ومجلات وصحف مصرية وعربية، صدرت له العديد من الترجمات نذكر منها "آلة الطبيعة: الإيكولوجيا من منظور تطورى"، وثلاثة أجزاء من كتاب "أفلام ومناهج".