في اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، نتحدث كل عام عما نصت عليه الاتفاقيات الدولية من قوانين والتزامات وحقوق لهم ونغفل أن الإسلام شرع وأوجب حقوقا للأطفال قبل هذه المواثيق قبل 1400 عاما، بدأت من رحم أمه ثم رضاعه مرورا بصباه. ويرى الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر أن تراجع الاهتمام في المجتمعات المسلمة بقضايا الطفل عن غيرها لا يعني أن العيب في التشريع الإسلامي الذي تعامى عن نفائسه المسلمين بسبب إسناد أمر الدعوة لغير أهلها من الجهلاء وأنصاف المتعلمين ، الذين ابتعدوا عن الواقع وثرثروا في حكم التصوير والسياحة والفنون وبول الإبل وتفسير الأحلام والمقويات الجنسية إلى آخر ما تذيع القنوات المسماة بالدينية، في الوقت الذي يتعايش فيه الغرب مع المعاصرة والجامعات والمراكز البحثية لخدمة المجتمع وصانعي القرار. وتابع "كريمة" أن التشريع الإسلامي أعطى للطفولة والصبا نصيبا وافرا من الرعاية والعناية وأوجبت له حق الحياة وهو في رحم أمه ومنعت الإجهاض إلا بمسوغ شرعي، وتلا ذلك حق الرضاعة ثم حق الغذاء والكساء والدواء والمسكن على المولود له وعلى المجتمع المسلم، ثم حق التعليم واكتساب حرفة أو مهنة مع عدم إيلامه أو امتهانه، ضاربا المثل بالرجل الذي دخل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يشكو له عقوق ابنه فلم يفصل بينهما إلا بعد أن سمه الابن وعلم أن الرجل ظلم ابنه وقال له " لقد عققت ابنك قبل أن يعقك". وأضاف أن الشريعة الإسلامية نظمت حق الحضانة للصغير وحق الرؤية دون قيد كما هو منصوص عليه في القانون الوضعي للأحوال الشخصية الآن، مؤكدا أن هناك أبوابا فقهية متكاملة تنظم أحوال وحقوق الطفل لا مثيل لها بين قوانين الدنيا. ويتفق معه د.محمد رأفت عثمان، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر والذي يرى أن قضية الطفولة تشكل أحد أهم المقاصد الكبرى في التشريع الإسلامي، التي جاءت لتحقق للبشرية خمس مقاصد هي حفظ النسل والعقل والمال والدين ،وتقع قضية الطفولة في قلب المقصد الأول وهو "حفظ النسل" كما نصت على حماية الأطفال من الاستغلال في النواحي الاقتصادية، حيث أوجبت نفقة له على أبيه وجعلها من الأشياء التي يتقرب بها المسلم من ربه بجانب وجوبها النفقة حيث قال تعالى "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف "،وقال صلى الله عليه وسلم "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله". وأضاف أنها أوجبت أيضا منع وقوع المشقة على البشر من قبل بعضهم البعض ومن باب أولى الصغير، حيث قال تعالى:" وما جعل عليكم في الدين من حرج "،و" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " ،"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، بالإضافة إلى تحريم بيع الأطفال وتهريبهم عبر الحدود والاستغلال الجنسي وتهريب المخدرات، كما نصت الشريعة الإسلامية على حماية الأطفال المحرومين من رعاية الوالدين، ومن المبادئ العامة في الإسلام هو أن الناس جميعا أخوة يعودون فى أنسابهم إلى أب و أم واحدة ،حيث قال تعالى" ياايها الناس اتقو ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا". وتابع عثمان إن الله تعالى أوجب على المجتمع رعاية الأيتام رعاية كاملة وانزل في ذلك قرأن يتلى ،حيث قال عز وجل "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا "،" و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم". ويقول د.أيمن السكندري أستاذ الفقه والدعوة إن الإسلام أقر حقوقا للأطفال سبقت تلك التي جاءت بها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية منذ 1400 سنة، حيث أن الإسلام في جوهره و نصوصه وتشريعاته يوفر بيئة حامية للأطفال، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة "،وقال صلى الله عليه وسلم "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع". وأضاف أن المنهج الإسلامي بين الأبناء مساواة مطلقة ،وقال صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "،كما دعى الوالدين لتعليم أطفالهم وتأديبهم وتهذيبهم ،حيث يقول صلى الله عليه وسلم "ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن "،كما يدعو الاسلام الى نبذ العنف وان يكون الوالدان والمدرسين وغيرهم قدوة للأبناء كما نصت الشريعة على حماية الأطفال من الانتهاك الجسدي والجنسي حيث ترك ختان الإناث لا يؤثم شرعا ،ولا يصح أن يقال انه من أمور الفطرة أو من خصالها بالنسبة للإناث لخلو القرآن من أي أمر يتعلق به ، أما الأحاديث النبوية التي يستدل بها على وجوبه كلها ضعيفة. وأوضح أن الشريعة حرصت أيضا على حماية الطفل من النزاعات المسلحة واشترط سنا حددا لمن يشارك فيها سواء كان حرا أو عبدا، كما روي عن ابن عمر قال "عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة سنة – أي ليشارك في القتال – فلم يجزني". كريمة: أبواب فقهية كاملة لحقوق الطفل لا مثيل لها في قوانين الدنيا رأفت عثمان: الشريعة نصت على حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي السكندري: الإسلام وضع أول اتفاقية لحماية الطفل من الانتهاك الجسدي