أصبح الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في مصر، عبئا يضاف إلى أعباء الصناع الذين يعانون بشكل كبير من تراجع كميات الوقود الأخرى اللازمة لعمليات الإنتاج سواء السولار أو الغاز الطبيعي أو المازوت التي يحصلون عليها من الحكومة، فقد بلغت الخسائر في منطقة شبرا الخيمة ما يتجاوز ال " 600 مليون جنيه"؛ بسبب انقطاع الكهرباء وتأثر الإنتاج وتوقفت مصانع كثيرة عن العمل وكذلك قامت بعض المصانع بالاستغناء عن جزء من العمالة، وأثر هذا على جودة المنتجات وكذلك عدم الالتزام بالمواعيد اللازمة لتسليم الطلبيات أو الشحن للخارج. و قد رصدت " البديل " صرخة العمال وعجز أصحاب المصانع عن توفير حلول ومطالبهم للحكومة. قال محمد حسين "45" سنة، عامل بمصنع أقمشة في منطقة شبرا الخيمة، أن التيار الكهربي ينقطع في اليوم ما يقارب من السبع ساعات وربما أكثر؛ وهو ما يؤدي إلى توقف الماكينات وبقاء العمال بلا عمل، وبالتالي يرفض صاحب المصنع أن يعطي الأجور كاملة، قائلا" إحنا بنعذره لأنه خسران هو كمان"، لأن الإنتاج يقل عن المعدل المطلوب، ويسبب خسارة للمصنع مما يجعله غير قادر على تسديد مرتبات العمال. وأشار إلى أن هذه المشكلة أصبحت تمثل كابوسا؛ لأنها جعلتنا نذهب إلى المصنع، ثم نخرج ونجلس أمامه حتى يعود التيار الكهربي، فلا نحن نعمل ولا نجلس في بيوتنا، كما أننا ملزمون بمصاريف للبيوت والدراسة، والمسئولون لديهم تكييفات تجعلهم لا ينظرون إلينا، قائلا " كل وزير يطلع يقول نرشد الاستهلاك ومكتبه فيه عدة تكييفات، ومايعرفش أن بيوتنا كلها شغالة بمروحة واحدة وحتى مش لاقيينها"، مؤكدا أن الكهرباء يتم فصلها عن " الغلابة " لتخفيف الأحمال، أما سبب الأزمة فهم من ينعموا بها. وطالب حسين بأن تنتهي هذه المشكلة في أقرب وقت، حتى لا تخرب بيوت العمال وقبلهم أصحاب المصانع، لافتا إلى أن الرواتب انخفضت للنصف، وأصبحنا غير قادرين على الإنفاق على بيوتنا، ولو كانت الأزمات تنتهي ب" الدعاء والحب"، لأصبحت مصر خالية من أي مشاكل؛ ولذلك نناشد كل المسئولين أن يتقوا الله فينا، ويعلموا أن أقصى مطالبنا هي أن نعمل ونتقاضى أجرا يساعدنا في المعيشة، ولم نعتصم لزيادة رواتب أو طلب مكافآت، فليتقوا شرنا ويحترموا صمتنا. كما قال عبد الله السيد "38 عاما" ويعمل في مصنع ورق: إن ما يحدث كل يوم بسبب تكرار انقطاع الكهرباء هو إهمال و"خراب بيوت" ؛ فكل " الصنايعية " تقل رواتبهم للنصف، على الرغم من أن كل شيء تزداد أسعاره، مشيرا إلى أنهم لم يعتصموا ولم يطالبوا بزيادة، لكن الدولة تصر على الصدام بهم، عن طريق تعطيل مصالحهم وتوقف عملهم. وأضاف أن أزمة الكهرباء ينبغي أن تكون ضمن أولويات الرئيس وحكومته؛ لأنها تهدد بتشرد العمال، ولو حدث ذلك فلا تلوموهم على ما يفعلوه، لأنها ستكون حربا في "لقمة العيش"، وإن لم تحل هذه المشكلة سيقرر العمال النزول يوم 30 يونيو القادم؛ فلا تهمهم السياسة ولا بقاء الرئيس أو رحيله، لكن كل همهم هو أن ينفقوا على أسرهم وذويهم، وطالما ضاع الأمل في التغيير والحياة الكريمة، فلن نتهاون في أبسط حقوقنا، قائلا: " يا واخد قوتي يا ناوي على موتي"، مطالبا بضرورة الالتفات إلى الطلبة والمرضى لأنهم كرهوا الظلام الذي يعيشون فيه، وبالتحديد في المناطق العشوائية، لأن التيار الكهربي يتم قطعه من 5 إلى 6 ساعات يوميا، وتتوقف الحياة بشكل شبه كامل بسبب الظلام. وفي السياق ذاته قال" الحاج رمضان " 75 عاما - صاحب مصنع أقمشة بشبرا الخيمة: إن المولدات الكهربائية لا تصلح لتشغيل الماكينات؛ ولا نجد السولار لتشغيلها لفترات طويلة، وبالتالي نضطر للتوقف عن العمل، مما يسبب قلة إنتاج المصنع وخسارته، مضيفا " إحنا بنشفق على العمال وقت القبض لكن مفيش عندنا حلول"، لأن صاحب رأس المال يخسر وربما لا يتمكن من تسديد الأجور كاملة، مؤكدا أن هناك خسائر أخرى غير توقف العمل تتمثل في أن بعض الأجهزة الكهربائية واللمبات تتأثر بانقطاع التيار الكهربي ثم عودته بقوة فيؤدي إلى إفسادها، بالإضافة إلى أن أكثر من شقة حدثت بها حرائق في المنطقة. وأضاف أن تخفيف الأحمال يمكن أن يأتي عن طريق فصل الكهرباء ساعة أو حتى ساعتين يوميا، لكن ما يحدث لنا فهو "عقاب "؛ نظرا للفترات التي تظلم فيها المنطقة بالخمسة والستة ساعات متواصلة، وكلما اشتكينا وناشدنا الحي للتواصل مع المسئولين وحل الأزمة، يقولون إن الجمهورية كلها تعاني مثلكم، مشيرا إلى أن الكبار قبل الشباب فقدوا الأمل في كل شيء حولهم، متمنيا أن تعود مصر كما كانت عليه قديما، وتستعيد مكانتها وتتغلب على كل ما يواجهها من أزمات. أما المركز القومي للتحكم في الشبكة الكهربائية أوضح- في بيان له" أن تخفيف الأحمال الكهربائية إجراء وقائي للحفاظ علي سلامة الشبكة لعجز قدرات التوليد المتاحة عن مجابهة زيادة الاستهلاك، وذلك بسبب نقص إمدادات الوقود المغذي لمحطات الكهرباء، وأن الحمل الأقصي للشبكة القومية للكهرباء خلال ساعات الذروة المسائية بلغت 25 ألفا و250 ميجاوات، فيما لم تتجاوز القدرات المتاحة في محطات الكهرباء بسبب نقص الوقود 19ألف ميجاوات، وأن العجز بلغ 4 آلاف و500 ميجاوات. ولم تراع المناطق الحيوية التي تمس حياة المواطنين ومنها الموانئ والمطارات والجمارك والمنطقة الحرة والبنوك والمستشفيات ومحطات المياه والصرف الصحي ومحطات الغاز والشركات والمصانع، مما تسبب في خسائر تقدر بنحو" 100 مليار جنيه" خلال الستة أشهر الماضية. كما ارتفعت أسعار الكشافات الكهربائية بنسبة كبيرة خلال الفترة الماضية، فالكشاف الصيني يبلغ سعره نحو 170 جنيها وأيضا الكلوب الغاز ارتفع سعره ليتجاوز 100 جنيه، أما المولدات الكهربائية فتراوحت أسعارها بين 3 و4 آلاف جنيه وهناك إقبال شديد عليها، وظهرت بالأسواق أيضا لمبات جاز صينى ويصل سعرها إلى 50 جنيها. أخبار مصر - البديل