بات حديث كل مواطن مصري بعد إعلان تحويل مجرى النيل الازرق تمهيدا للبدأ في عملية بناء سد النهضة الإثيوبي هو مدى تأثير هذا السد على الاراضي الزراعية وما يتم زراعته من المحاصيل الزراعية دون غيرها وحرمان الفلاحين من زراعة محاصيل اقتصادية لمجرد أنها مستهلكه للمياه، وعلى الثروة السمكية بالإضافة إلى تأثيرها على المخزون الجوفي للمياه ، فناقشت "البديل " بعض الخبراء المتخصصين في تلك النقاط التي تهم كل مصري . أكد الدكتور مغاوري دياب -أستاذ جيولوجيا الموارد المائية- أن بناء سد النهضة سيؤثر على مليون فدان من الأراضي الزراعية، نتيجة زيادة ملوحة التربة، مؤكدًا أن الخزانات الجوفية بمنطقة وادي النيل والدلتا هي أكثر الخزانات تأثرا بسد النهضة حيث إنهم يعتمدون في تغذيتهم بالمياه على مصادر نيلية، مما يؤدي إلى انخفاض المخزون المائي نتيجة زيادة السحب وزيادة ملوحتها أي أن المخزون الجوفي للمياه يصبح غير صالح للزراعة، لأن كمية المياه بهذه الخزانات الجوفية تعد محدودة ولابد من تغذيتها باستمرار من مياه النيل. ومن جانبه قال محمد زيدان -الباحث بمركز بحوث الصحراء- إن بناء سد النهضة سيجعل مصر أولا تابعًا لسياسات الدول التى تتحكم فى هذا المشروع الإثيوبى، فضلا عن تغيير سياسة المنظومة الزراعية بمصر من نظم رى وأنواع المحاصيل المنزرعة ومناطق الزراعة على المدى الطويل. وأكد أنه سيقلل من مساحة الرقعة الزراعية وسيوقف مشاريع الاستصلاح للأراضى الصحراوية، ويتوقف معه استثمارات الزراعة بمصر، وعندئذ سيتحول الفلاح المصرى لزراعة أنواع بعينها من المحاصيل، مما سيؤثر بالسلب على الثروة الحيوانية، وزيادة حجم الواردات، واستحالة الوصول إلى الاكتفاء الذاتى . وأكد زيدان على ضرورة البحث عن بدائل للرد عن الآثار الكارثية لهذا المشروع الإثيوبي، ومنها تغيير النهج السياسى للزراعة فى وتفعيل مشاريع زيادة حصة ماء النيل ( مشاريع أعالى النيل) والبدء فى تنفيذ مشروع نهر الكونغو. وقال: "مشروع جاهز للتنفيذ من أيام الرئيس "السادات" (مشترك بين مصر والسودان والكونغو) ويتلخص في نهر الكونغو الذي تذهب معظم مياهه إلى المحيط الأطلسي دون فائدة وهي أضعاف إيراد النيل الأزرق، وذلك بربط نهر الكونغو ببحيرة ناصر الذى يوفر لمصر 95 مليار م3 من المياه فى السنة و طاقة كهربائية بقدرة 18000 ميجاوات واستصلاح وزراعة ملايين من الأفدانة". وفي سياق متصل قال الدكتور أسامه كساب -أستاذ بقسم العلاقات المائية- والري الحقلي بالمركز القومي للبحوث أن من التأثيرات السلبية للسد هو إنشاء بحيرة لتخزين المياه مثل بحيرة ناصر في مصر ويكون له تأثير على حصص المياه لدولتي المصب. وأشار كساب إلى أن انخفاض حصة مصر من مياه النيل ستؤثر على خصوبة التربة، وإصابة الأراضي بالجفاف مما سيزيد نسبة التصحر بنسبة 20 % مضيفا إلى أنه لن يكون ثمة تأثير في الوقت الحالي لسد النهضة ولكن خلال خمس سنوات سيبدأ تأثير سد النهضة على التركيب المحصولي في مصر. وأوضح أنه يحرم الفلاحين من زراعة بعض المحاصيل ذات الاحتياجات المائية العالية مثل الأرز وقصب السكر والبرسيم، هذا بالإضافة إلى وضع المراكز البحثية في مصر تحت ضغوط كبيرة لسرعة استنباط أصناف جديدة من القمح تتحمل الجفاف وهذا بدوره يمثل عبئًا ماديا على الدولة وسط الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وأكد كساب أن ضرورة تغيير طرق الري المتبعة في الأراضي القديمة من الري السطحي بالغمرإلى الري السطحي المطور، أما في الأراضي الجديدة فيتم الري فيها إما بالرش أوبالتنقيط إلا أن اتباع هذه الطرق يؤخذ عليه أنه لابد من غسل التربة من الأملاح في بداية كل موسم زراعي مما يستهلك كميات كبيرة من مياه الري . وقال الدكتور خالد الحسني -رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية- إنه لابد من مواجهة حقيقة الاثار السلبية لسد النهضة وعقد مؤتمر قومي حقيقي لمحاولة وضع حلول مرضية، وأكد أن إنتاج الأسماك من النيل لا يمثل سوى 6.5 % فقط من إجمالي الناتج المحلي، حيث إننا في الوقت الحالي نعتمد على المزارع المقامة في البحيرات والبحار لتوفير الأسماك للمواطن المصري. وأشار إلى أن البحيرات الشمالية لن تتأثر ببناء السد حيث إن مصدر المياه به عن طريق البواغيز التي تنقل مياه البحر إلى البحيرات، مضيفا أن المزارع السمكية مصدر المياه بها مياه معاد استخدامها مرة اخرى (صرف زراعي – مياه صرف صحي معالج ) ويمثل 75% من المياه.