أثار توقيع قضاة وأفراد من الشرطة على استمارات حركة "تمرد"، والتى تطالب بسحب الثقة من الرئيس مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة عبر توقيع الملايين من المصريين على الاستمارات الخاصة بالحملة، جدلاً واسعًا، ليس فقط بين المواطنين، بل أيضًا بين رجال القانون، فمنهم من يرى أنها مجرد وسيلة للتعبير ليست دستورية أو قانونية، ومنهم من يرى فيها وسيلة للتغيير بسند قانونى وحماية دستورية. المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة الاستئناف يوضح أن "هناك فرقًا بين آليات التعبير والتى تشمل التظاهرات والمسيرات وجمع التوقيعات، وبين آليات التغيير، وهى الطرق القانونية التى ينظمها الدستور عبر إجراء عمليات التحول السياسى فى النظم الديمقراطية، والتى تعتمد فى الأصل على العملية الانتخابية والرجوع إلى الشعب؛ باعتباره مصدر السلطات"، محذرًا من أن مخالفة هذه القواعد تهدد المجتمع بالفوضى؛ لوجود نظام اكتسب شرعيته، ولن يسمح بنزعها منه بغير الطريق الشرعى وهو صندوق الاتخابات. وأضاف "وهو الأمر الذى قد يدفع البلاد إلى نفق مظلم من الفوضى والاضطرابات، لا سيما وأن الرئيس الحالى تم انتخابه وفقاً للإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011، ثم أعيد انتخابه فى دستور مصر الجديد 2012، والذى نص صراحة على أن تكون مدة رئيس الجمهورية 4 سنوات، مؤكدًا أن الرئيس الحالى سوف يكمل تلك المدة. وعن الأثر السياسى لجمع التوقيعات أوضح أنها مجرد ضغوط على الرئيس لتغيير سياساته، ومحاولة لإظهار تراجع شعبيته، وهى أحد أساليب الدعاية الانتخابية المضادة قبل الانتخابات البرلمانية القادمة. وعن قيام بعض القضاة وأفراد من الشرطة بالتوقيع على "تمرد"، قال الخطيب إن القضاة غير محرومين من مباشرة حقوقهم السياسية، سواء فى التصويت، أو فى إبداء الرأى أو التظاهر، مشيرًا إلى أن المحظور بالنسبة لهم قانونًا هو الاشتغال بالعمل السياسى من خلال الانخراط فى الأحزاب السياسية، أما الحديث فى الشأن العام وأمور البلاد فلا يشكل مخالفة لهم، مشددًا على أن حرية الرأى مكفولة للجميع. أما بالنسبة لأفراد الشرطة، فأفاد الخطيب أنهم ممنوعون فقط من التصويت فى الانتخابات، لافتًا إلى أن "ما نحن بصدده هو مجرد استطلاع للرأى وليس تصويتًا بحجية قانونية، ولا يمثل انتخابات، وإنما هو تعبير عن الرأى غير محظور قانونًا". ويتفق معه الدكتور إبراهيم إلياس عضو الجمعية المصرية للقانون الدولى ووكيل نقابة المحامين قائلاً "إن حملة "تمرد" تؤكد على روعة الشعب المصرى وقدرته الهائلة للتعبير عن رأيه، ومدى الحرية التى حصل عليها الشعب بعد سنوات طويلة من القمع والكبت بفضل ثورة 25 يناير"، مشيرًا إلى أن هذه المساحة الكبيرة من الحرية جعلت الكل يستخدمها بحسب وجهة نظره. وشدد إلياس على أنه من رابع المستحيلات أن يتم تغيير نظام الحكم من أجل تغيير بعض الأمور، مؤدًا أن "تمرد" وسيلة للتعبير وليست وسيلة للتغيير؛ لأن الوسيلة القانونية للتغيير هى دخول الانتخابات البرلمانية القادمة؛ مما سيسمح لهم بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مضيفًا "وهذا هو التطور الطبيعى للتمرد"، مؤكدًا "تبقى "تمرد" فكرة رائعة للتعبئة وليس للانقلاب". وتابع إلياس "أما بالنسبة للقضاء والشرطة فهذا أمر مخالف للقانون والدستور، ومثل هذه الأمور تجعل البعض يطالب بتطهير القضاء؛ لأن القاضى وصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها أن يسيطر على نفسه من ممارسة الأمور السياسية، فعندما يكون الأمر متوافقًا مع أهوائه السياسية، يتدخل ويشارك به، أما عكس ذلك فيمتنع عن المشاركة". وطالب إلياس بتحويل كافة القضاة الذين وقعوا على الاستمارات للتحقيق بالتفتيش القضائى. فيما يرى الدكتور رأفت فودة أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة أن حملة "تمرد" قانونية، وتستند للدستور الحالى، والذى كرس لحرية الرأى والتعبير ولم يحدد مظاهر معينة لها، سواء بالإشارة أو بالذكر، مؤكدًا "لذا فهى دستورية مائة في المائة، فمن حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه". واتفق مع الدكتور إبراهيم إلياس بشأن توقيع القضاة قائلاً "هنا لا بد من وقفة، فبما أن حملة "تمرد" ذات أهداف سياسية تسعى إلى إسقاط الرئيس، أو حتى إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة، فالقاضى محظور عليه بحسب قواعد المهنة وقانون السلطة القضائية أن يعبر عن رأيه السياسى، ومحظور عليه المشاركة فى السياسة طالما كان يعتلى منصة القضاء، وعليه أن يحاسب وفقًا لقانون السلطة القضائية، وعليه واجبات أشد تصل إلى حرمانه من بعض الحقوق، وإذا تدخل فى ذلك يكون عرضة للعقاب". وبالنسبة لأفراد الشرطة، قال "إذا كان التوقيع خارج نطاق العمل مثل الضباط الملتحين فلا مانع، أما إذا كانوا عاملين بالوزارة، فإن ولاءهم الرئيسى يكون لوزير الداخلية؛ ومن ثم رئيس الجمهورية، وبالتالى فإن توقيعهم على الاستمارات يعد نوعًا من عدم الاحترام لوزير الداخلية" وأكد أن رجال الشرطة الموقعين أمام مخالفة تأديبية وظيفية، ويمكن أن يحالوا إلى التحقيق فيها؛ لأنهم وضع أنفسهم محل شك، وهم بذلك غير مؤتمنين على العمل الذى يقومون به، مشيرًا إلى أنه إذا كان القضاة وأفراد الشرطة بحاجة إلى المشاركة السياسية، فعليهم بالاستقالة؛ لممارسة كامل حقوقهم السياسية كمواطنين عاديين. المستشار أحمد الخطيب: غير قانونية وتنذر بالفوضى.. ولا مانع من توقيع القضاة والشرطة عليها إلياس: مجرد وسيلة للتعبير لا ترتقى إلى إمكانية التغيير فودة: دستورية، ويجب معاقبة القضاة وأفراد الشرطة الموقعين عليها