على أعتاب وطن سُمي ب " الفردوس المفقود "، تجد أمالاً وأحلاماً لم تزهر بعد، ومواطنون يحلمون بالعودة لبلادهم، وآخرون شردتهم "الجرافات" الإسرائيلية، وسُلطة شغلتها الخلافات والفصائل عن هموم وطنهم الجريح، "فلسطين" التي مازالت تنزف منذ 65 عاماً هي عمر النكبة، ولم ينصفها "جامعة عربية" أو مجتمع دولي، وحدهم شبابها يدفعون ثمن العزة والكرامة من دمائهم؛ وهي أغلى ما يملكون، على أمل أن تغرد "فلسطين" يوما وتتغنى بأناشيد الحرية، وترفع رايتها على "قبة الصخرة". كان ل"البديل" حواراً مع "سامي الأخرس"، الخبير الفلسطيني في العلوم السياسية، للتعرف على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للاجئين، وعن دور المجتمع الدولي والجامعة العربية في ردع الكيان الصهيوني، ووقف الممارسات التي يقوم بها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. من الذي يتحمل مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين ؟ اللجوء الفلسطيني مختلف عن أي لجوء آخر؛ لأنه تم باقتلاع شعب بأكمله من أرضه أمام صمت العالم والأسرة العالمية ومنظمات حقوق الإنسان، وكل ما تم تقديمه لهم هي محاولات لتحويل قضيتهم إلى قضية إنسانية فقط، عن طريق تسكينها وحلها في إطار التوطين القائم على عدة مشاريع منها ما هو علني، ومنها ما هو غير معلن عنه، و يتم بتواطؤ وتلاعب في قضية اللاجئين. صف لنا الوضع الإنساني والاقتصادي للاجئي فلسطين ؟ اللاجئ الفلسطيني مشتت على بقاع الأرض منذ بروز هذه القضية عام 1948، وقد حاولت الأسرة الدولية وبعض المنظمات تسليط الضوء على قضية اللاجئين كقضية إنسانية فقط، وتكديسهم في مخيمات معينة بالبلدان العربية التي تضم أكبر عدد من اللاجئين وتقديم خدمات معينة، بعد إنشاء وكالة "غوث" وتشغيل اللاجئين، التي أخذت على عاتقها تقديم بعض الخدمات مثل المساعدات الغذائية والصحية والتعليمية، في ظل واقع مأساوي للاجئ الذي تكدس في مخيمات مجردة من سبل ووسائل الحياة الإنسانية، وبإطلاله على مخيمات اللاجئين في لبنان يتم استدراك هذه الحقائق المذهلة، فاللاجئ الفلسطيني لا زال يتعرض لتقليص حجم هذه المساعدات سنويًا سواء على المستوى الشخصي أو مستوى الخدمات الصحية أو التعليمية أو الإنسانية، حتى تحولت حياة اللاجئ الفلسطيني لمزيج من اللا ضمير الإنساني، والتواطؤ ضد اللاجئ وقضيته. ما هو الدور الذي يقوم به المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية ؟ المجتمع الدولي كل ما قدمه حفنة مساعدات أقل من أي مساعدات يمكن أن تقدم لقضية بهذا الحجم، حيث أنه لم ينصف هؤلاء اللاجئين وقضيتهم بل تآمر عليهم، وأكتفي بما يقدم عبّر وكالة "غوث "وتشغيل اللاجئين التي أصبحت مساعداتها للاجئين مساعدات رمزية فقط. ما هو الحل الأمثل لقضية اللاجئين ؟ الحل لا ينصب على مساعدات بقدر ما هو مُنصب على جوهر المسألة وحلولها القانونية والإنسانية، التي تتمثل بضرورة حل هذه القضية وعودة هؤلاء اللاجئين لديارهم التي اقتلعوا منها هذا هو الحل الوحيد لقضية اللاجئين، ولا يجب أن يكون هناك مزيد من المسكنات أو المتاجرة بأحلامهم وتمسكهم بحقهم في العودة. ما هو تقييمك لدور الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية ؟ الجامعة هي مؤسسة عربية لم تحرك ساكنًا نحو قضية اللاجئين منذ بدايتها حتى هذه اللّحظة، وكلَّ تحركاتها بهذا الملف تحركات خجولة لذر الرماد بالعيون، واكتفت بموقف المشاهد والداعم خطابيًا، بل هي اشترطت أن مساعداتها تكون عبّر وكالة "غوث "وتشغيل اللاجئين، ولم تتحرك الجامعة العربية قانونيًا نحو هذه القضية وتدافع عنها وتطالب بحلها جذريًا بعودة اللاجئين لأرضهم. هل ترى أن هناك تخاذل من الجامعة في حق الشعوب العربية؟ الجامعة العربية قامت بدور "المتفرج في بعض المذابح التي ارتكبت بحق المخيمات واللاجئين الفلسطينيّين، سواء في مذبحة "أيلول الأسود" في الأردن، والمجزرة التي ارتكبت ضد اللاجئين الفلسطينيّين، أو مذابح المخيمات الفلسطينية في لبنان سواء من الحرب الطائفية أو الصهيونية، وتكرر نفس الموقف في سوريا حاليًا فلم تتحرك عمليًا لحماية اللاجئين الفلسطينيين والدفاع عنهم، بل أنها لا تقدم أي إسهامات للاجئ الفلسطيني الذي هرب من ويلات الموت في سوريا إلى مصر واعتبرتها قضية فلسطينية رغم أنها قدمت مليارات الدولارات لإيواء اللاجئ السوري والليبي أثناء ألأزمتين السورية والليبية. كيف يرى الفلسطينيون ثورات "الربيع العربي" ؟ الرّبيع العربي هو موضوع كبير وشائك؛ لأن أهدافه لم يعد ينظر لها كما انطلقت ثوّرات هذا الرّبيع في تونس ومصر، ففي تونس حمل الشباب العربي رسالة تحررية هدفها التحرر والعدالة الاجتماعية، وكذلك شبابنا العربي في مصر الذي خرج باحثًا عن حريته وحياته ومستقبله، ولكن النتائج التي أفضى لها في هاتين البلدين جعلت الجميع يتوقف ويلتقط أنفاسه والتفكير من جديد بعدما آلت إليه أحوال كلًا من مصر وتونس والفوضى الغريبة التي عليها هذين البلدين ومحاولة خلق فتنة في كليهما تدمر مقوماتهما، ثم التعريج على ثورتي ليبيا وسوريا التي بكل الأحوال لا يمكن التغاضي عن التدخل الغربي الاستعماري في هذين البلدين ومحاولات إعادة احتلالهم وتقسيمهم تحت قناع ثوّرات الرّبيع العربي، إذن فالرّبيع العربي لم يحقق ولم يسير في الخط الذي تأملناه وتوقعناه، بل اعتبره فخ للدول العربية لإعادة إنتاج الاستعمار بشكله الجديد. ما الذي أضافته ثورات "الربيع العربي" للقضية الفلسطينية ؟ جميع المؤشرات في البداية أكدت أن الثوّرات العربية كانت تصب في صالح القضية الفلسطينية، وحمل الشباب العربي القضية الفلسطينية كقضية جوهرية وأساسية في الوجدان العربي كأولوية يجب أن يتم حلها وهو ما فعله الشباب التونسي الذي رفع شعار تحرير فلسطين، وكذلك الشباب المصري الذي رفع نفس الشعار ووفود التضامن من شباب التحرير المصريين أثناء حرب غزة، وأكدوا أن ثوراتهم تصب في جوهر القضية الفلسطينية، ولكن مع مرور الوقت والزمن أصبحت القضية الفلسطينية تتراجع في أولويات هذه الثورات التي غرقت بالفوضى والتخبط وأصبحت الشؤون الداخلية تطغوا على الشؤون الخارجية. كيف تؤثر فكرة "الشرق الأوسط الكبير" على دعم القضية الفلسطينية ؟ اتضح بالمقام الأول والأخير أن من ضمن الأهداف البعيدة للثورات العربية، هي مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يدمج الكيان الصهيوني في المنطقة وعليه الالتفاف على القضية الفلسطينية وحلولها العادلة المنصفة للشعب الفلسطيني ومطالبه وثوابته، وربما الأزمة السورية أكملت هذه الرؤية وهذا المشهد، حيث أن سوريا تعتبر من القوى الداعمة للمقاومة الفلسطينية تاريخيًا، وبذلك مع سقوط سوريا يتم سقوط أخر قلعة تدعم المقاومة الفلسطينية والعربية، وتصبح سوريا كالعراق مهلل ومنقسم على ذاته. بعد العراق وسوريا وفلسطين .. ما هي الدولة العربية التي يسعى اليهود لإسقاطها ؟ لا يجب أن ننسى ما قاله "بن جور يون" رئيس الوزراء الإسرائيلي، عندما أعلن عن أن أمن الكيان مرتبط بإسقاط ثلاث دول عربية هي "مصر، العراق، سوريا"، وقد استطاعوا إسقاط العراق وها هم يحاولوا إسقاط سوريا وبعدها مصر، فهي الدول العربية الوحيدة التي تمتلك جيوش قوية ومنظمة ومدربة تستطيع أن تصمد وتخوض أي حروب، ورغم تكبيلهم لمصر باتفاقيات "كامب ديفيد" إلَّا أن الجيش المصري كان هدف لهم دائم لإسقاطه. ما هو حقيقة الدور الذي يلعبه "جون كيري" في عملية السلام بالشرق الأوسط ؟ لم تعد الحلول السياسية العادلة للقضية الفلسطينية واضحة، رغم ثوّرات الرّبيع العربي، ولذلك فإن الولاياتالمتحدة تحاول الالتفاف على هذا المنطق من خلال جولات وزير خارجيتها "كيري" وتخدير الشعوب العربية بهذه الجولات لاستكمال مهمتها في المنطقة العربية وعلى وجه الخصوص سوريا؛ ولن يحقق أي تقدم في الصراع العربي الإسرائيلي. الرّبيع العربي لم يحقق ما تأملناه وكان فخاً لإعادة إنتاج الاستعمار بشكله الجديد القضية الفلسطينية تراجعت في أولويات الثورات العربية إسرائيل تستهدف سوريا لأنها أخر قلعة تدعم المقاومة الفلسطينية والعربية