علقت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية على التدخل التركي المتزايد في المنطقة العربية خاصة بعد ثورات الربيع العربي، قائلة :تركيا لا تضيع وقتها، فبعد يوم من زيارة "ديفيد كاميرون"،و"نيكولاس ساركوزي" إلى طرابلس في ليبيا بعد مقتل الزعيم الليبي"معمر القذافي" ،توجه إليها "رجب طيب أردوغان" لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية في منطقة تشكل أهمية بالغة بالنسبة لأنقرة. وأضافت أن الاستعدادات جرت بشكل مكثف، فخصصت الخطوط الجوية التركية رحلات كاملة لنقل العمال والطباخين إلى طرابلس لتجميل فندق "ريكسوس" التركي ذي الخمس نجمات، مقر استضافة الصحفيين الأجانب خلال الحرب الليبية التي استمرت قرابة ستة أشهر. وذكرت أن "أردوغان" لم يصطحب معه وزير خارجيته "أحمد داود أوغلو" فقط، بل وزراء آخرين والعشرات من رجال الأعمال، وأوضحت الصحيفة البريطانية أن سياسة تركيا مع الدول العربية تتخذ منحنى جديدا بعد الربيع العربي، وزوال الأنظمة الاستبدادية وانتخاب قوى الإسلام السياسي بدلا منها. وبعد أكثر من عامين على الربيع العربي ودعم تركيا للأنظمة السياسية الجديدة في أنحاء المنطقة، فالسؤال ما هي المكاسب والخسائر لتركيا من التغيرات السياسية في الشرق الأوسط؟. ويقول "مصطفى اللباد"، مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية في القاهرة:"أعتقد أن تركيا تبالغ في تقديرتها"، ويضيف:"إذا نظرت للصورة التركية قبل الربيع العربي فإنها كانت مصدر إلهام بالنسبة لليبراليين وللديمقراطية ،ولكن بعد الربيع العربي وقفت تركيا وبانحياز جانب تيارات الإسلام السياسي". ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا تؤكد أن توجهاتها صوب المنطقة العربية تأتى متأثرة بالأبعاد الثقافية الناجمة عن علاقة هذه الأراضي بالإمبراطورية العثمانية، بالإضافة إلى وجود مصالح اقتصادية واستراتيجية سابقة على الثورات في تونس ومصر وليبيا وسوريا. ويقول مسئول في وزارة الخارجية التركية تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته:"تربطنا بدول شمال إفريقيا من المغرب إلى مصر شراكة وثيقة للغاية من قبل الربيع العربي، ونعتقد أن مستقبل هذه المنطقة على مقربة من تركيا، فهي دول قريبة ثقافيا من تركيا". واعتبرت أنه بالرغم من نجاح تركيا في إدارة أعمالها الاقتصادية، في دول مثل دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية، التي أصبحت المورد الرئيسي للنفط الخام لتركيا، وقطر والاستثمارات التي تقدر بالمليارات في ليبيا، بالإضافة إلى الاستثمارات في مصر وتونس، وكذلك الجزائر، فإن أي سؤال حول ما إذا كانت تركيا سوف تتمكن من الإفادة من صلاتها الثقافية، والنموذج السياسي الذي تطرحه لتحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية يجب أن يضع في اعتباره الخسائر التي منيت بها في الحرب السورية. إضافة إلى الخسائر فيما يتعلق بالتجارة والنفوذ مع إيران، وذلك حيث تزايدت حدة الخلافات بين طهران وأنقرة حول القضية السورية والانقسام الطائفي المتزايد، وكما قال الدكتور "اللباد":""إنه من السابق لأوانه تقييم ما إذا كانت تركيا فازت في الربيع العربي أم لا."