قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه بعد مرور أكثر من عامين على الثورة المصرية وفي الوقت الذي تكافح الحكومة المصرية الجديدة لمواجهة انخفاض السياحة، والاقتصاد المتعثر، ظلت صامتة تجاه "ارتفاع معدل المواليد"، الذي ارتفع إلى أعلى مستوياته منذ عشرين عاما. وتفادى المسئولون، خلال العام الماضي الحديث عن تنظيم الأسرة وتحديد النسل، وانخفضت حملات التوعية، في إشارة مبكرة لطريقة تعامل القيادة المصرية الجديدة مع السياسة الاجتماعية في أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان. وأوضحت أنه بعد عقدين من انخفاض مطرد وزيادة متواضعة في تعداد المواليد، بلغ معدل المواليد في عام 2012 ،32 مولودا لكل ألف شخص، متجاوزا المستوى الذي تم تسجيله في عام 1991 قبل تفعيل نظام الرئيس السابق"مبارك" لبرامج تنظيم الأسرة والحملات القومية للحد من النمو السكاني، والتوعية بخطر شلل الأطفال، ولكن خلال العام الماضي كانت هناك نحو 2.7 مليون حالة ولادة، ليصل عدد السكان إلى 84 مليون نسمة، وفقا للإحصاءات الحكومية. ولفتت إلى أن حكومة الرئيس "مرسي" تواصل تمويل برامج تنظيم الأسرة، ولكن مسئولي الصحة لهم وجهة نظر مختلفة بشأن ارتفاع معدل المواليد، ويعتقدون أنها إحدى المشاكل المستمدة من سوء الإدارة الاقتصادية للبلاد، بينما يشعر الخبراء بالقلق بشكل متزايد بسبب صمت الحكومة وافتقارها إلى التركيز على هذه القضية. ويقول "حسن زاكي" خبير ديموغرافي في جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية :"معدل الولادة مهم، ومن غير الصحيح أن نتجاهل مشكلة الزيادة السكانية"وأضاف:"في الماضي كانت هناك سياسة واضحة لمواجهة المشكلة، ولكن الآن لا نعرف إلى أين نحن ذاهبون، ولا نعرف وجهة نظر الدولة". ويلقي المسئولون باللوم على الحكومة لعدم وجود التوعية العامة بشأن مشكلة الزيادة السكانية، ورأت الصحيفة الأمريكية أن سياسة الإخوان المسلمين تجاه هذه القضية تعكس انتقادهم لسياسة مبارك بشأن تنظيم الأسرة، حيث أثارت غضبهم، وقالوا إن تفكير الرئيس"مبارك" في تحديد طفلين لكل أسرة يعد إخفاء لاستراتجية الحكومة الفاشلة. وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن"حامد دالي" عضو بحزب النور السلفي واللجنة الصحية بمجلس الشورى قوله:"المشكلة الأساسية تكمن في الإدارة"، مضيفا:" تعداد سكان الصين أكثر من مليار نسمة، ولكن هناك إدارة جيدة للموارد، فزيادة تعداد السكان تعتبر نعمة إذا تم استخدامها بطريقة جيدة، ونقمة حال أسيء استخدامها". وذكرت أنه يتفق العديد من العاملين في مجال الصحة العامة أن سياسة الرئيس السابق"مبارك" لم تكن حلا من تلقاء نفسها، ولكنه استعان بالمنظمات الدولية للمساعدة، وأوضحوا أن صمت الحكومة يهدد بتفاقم الوضع من سيئ إلى أسوء. وألمحت "نيويورك تايمز" إلى أن دور الدولة الرسمي بالتوعية لتنظيم الأسرة وتحديد النسل بدء في الستينيات في عهد الرئيس الراحل"جمال عبد الناصر"، وفي أواخر السبعينيات أصبحت وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة هي الداعم الرئيسي لبرنامج تنظيم الأسرة في مصر، وكثفت الجهود لكبح جماح معدل ارتفاع المواليد بعد عام 1994، حين استضافت مصر مؤتمرا حول السكان والتنمية.