اخترناه وبايعناه وعلى حياتنا إستأمناه، روحه سمحة أدب ومصالحة صافي القلب يا كفر مصيلحة مش متكبر ولا متجبر هادي وأبسط خلق الله وعشان كده إحنا إخترناه... كلنا يتذكر كلمات هذا الأوبريت الذى ألفه الشاعر سيد حجاب ولحنه عمار الشريعى ،وأداء هدى عمار - انوشكا - محمد ثروت - نادية مصطفى - سمير الإسكندرانى - لطيفة - حسن الأسمر. ولاغرابة؛ فكل منا يستخدم الفن وسيلة للتقرب من الحاكم، وأداة للتطبيل والتهليل له ولكن الغريب أن ملحنا كبيرا بقامة عمار الشريعى وشاعرا كبيرا كسيد حجاب نجده بعد هذه الكلمات التى مجد فيها الرئيس، عندما اندلعت الثورة يلعن ويسب هذا الرئيس، فكان الشريعى هو الملحن "الملاكي" لكل احتفالات أكتوبر ولا ننسى أوبريته ""النسر المصرى شق السما" ، التى اعتبرها مجرد تمجيد لمبارك، وحول هذه الحرب إلى مجرد ضربة جوية أطلقها مبارك، باعتباره قائد الطيران فى حرب 73، وكان الشريعي أيضا هو الملحن الأوحد لكل احتفالات الطفولة، التى كانت تقام تحت رعاية "سوزان مبارك"، ولهذا سارع بالانضمام للثورة وتأييدها حتى يبرئ ساحته من النظام القديم. كما كان من أبرز المتربعين علي عرش الغناء لمبارك «محمد ثروت» الذي غني «مصريتنا وطنيتنا»، حتي تخصص بعدها في حفلات الغناء للرئيس، وهاني شاكر بأغنية «يا معلي راية الحرية»، بالإضافة إلى «الأوبريتات» التي تغنت بحب مبارك، التي شدا بها عدد لا بأس به من النجوم، علي رأسهم المطربون محمد العزبي وحسن الأسمر ولطيفة التي غنت لكفر مصيلحة. بل تبارى الفنانون فى أعياد ميلاد الريس لينتجوا أغانى تحتفل به مثل شعبولا خرج بأغنية بمناسبة عيد ميلاد الرئيس قال فيها «عيد سعيد يا ريس يا وش الخير والنصر.. ربنا يحميك ودايماً تعلي اسم مصر.. إييييه.. ، ولم يكتف بهذه الأغنية، بل قررأن تكون هديته لمبارك أغنية بعنوان"مبارك.. مية مية" في ذكري ميلاده الثمانين . ونجد أيضا عمرو دياب يغنى "واحد مننا" كلمات د.مدحت العدل وألحان عمرودياب، وفى نفس الوقت عندما قامت الثورة كان مدحت العدل من المنادين بسقوط مبارك والذى يطلق على كل من يتعاطف معه بأنه فلول ،ونسى أن ذاكرة اليوتيوب لا تنسى، وقد شارك عمرو دياب بأغنية "مصر قامت "صوت ولادي كلمة الحق في بلادي هما دول سر التحدي, هما دول زهرة جهادي هما دول هما الشباب"، ليدعم بها ثورة يناير حتى لا يفقد مكانه فى الصورة الثورية. ولم يتوقف مسلسل "عاش الملك ..مات الملك " عند هؤلاء المطربين والملحنين الذين ذكرنا جزءًا من أعمالهم، بل هناك آخرون أسهموا فى نفس المنظومة المضللة للشعب المصرى وركوب موجة الثورة والوطنية بعد تهليلات الأمس ومسح جوخ الحاكم. ولكن سيظل صوت الثورة هو الأقوى وكأن لسان حالها يقول "خلعناه وطردناه بدلا من اخترناه .. ومبارك واحد خمنا". ومن الطبيعى أن تكون هذه الأغانى الوطنية وأغانى أعياد الميلاد للمخلوع الوقود الذى كان يعمل به تليفزيون الحزب الوطنى، آنذاك والذى كان يكرر إذاعتها منذ بدايات شهر مايو ليهىئ الشعب المصرى بكامله ليحتفل برئيسه. تقول الإعلامية هبة عز العرب - مذيعة فى التليفزيون المصرى- إن الاحتفال بعيد ميلاد مبارك كان المسئول عنه قطاع الأخبار، وكان يتم التعامل معه باعتباره عيدا قوميا أو طنيا للبلاد من حيث اذاعة الافلام التسجيلية التى تستعرض بطولاته وانجازاته ،فضلا عن الأغانى التى كان الجميع يتبارى فى إنتاجها لكسب ود النظام والرئيس ونجليه. وأضافت أن خريطة البرامج والمواد الإعلامية المقدمة بدءًا من شهر مايو موجهة نحو الاحتفال بالرئيس، حتى الفقرات بين البرامج والأفلام كان يجب أن تتضمن مواد خاصة بالرئيس وإنجازته وصوره وهو مع الفلاحين والعمال وصوره فى حقول مصر الخضراء وإنجازات المترو والكبارى. وأشارت إلى أنه منذ تولى صفوت الشريف لوزارة الإعلام كانت هناك تعليمات مباشرة منه إلى قطاع الأخبار بالاحتفال بعيد ميلاد مبارك، كما كانت هناك تعليمات شفهية للإعلاميين من مقدمى البرامج بعدم تناول زوايا معينة فى موضوع ما حتى لا تسىء للنظام. كما كان يفرض على المذيع اختيار ضيوف محددة، خاصة فى يوم عيد ميلاده، وهؤلاء الضيوف يكون المعروف عنها أنها موالية للنظام وستقوم بالتطبيل له وسوف تستعرض انجازاته. وأضافت انها تعرضت على الهواء لواقعة غريبة تؤكد أن تليفزيون الدولة كان وسيلة فى يد النظام الحكام لخدمته فقط وليس تليفزيون الشعب، وهى أنه فى اليوم السابق لتنحى مبارك كان مطلوب إذاعة فقرة للأغانى الوطنية بالبرنامج الذى تقوم بتقديمه، وفوجئت أن كثيرا من الكليبات الغنائية يمتزج فيها الغناء بصور مبارك وإنجازاته أثناء افتتاح المشروعات بالدولة. بينما يرى محمد العارف- قطاع الأخباربالتليفزيون المصرى- أن الاحتفال بمناسبة كعيد ميلاد الرئيس كان يتم بشكل أوتوماتيكى دون تعليمات أو أوامر من الرؤساء، ويتم التعامل معه كاحتفالية 6أكتوبر، حيث يتم إذاعة أغانى معينة وأفلام تسجيلية ترصد إنجازات الرئيس ومشروعاته وصوره ،وهذا ماكان يذاع على القناة الأولى والثانية. وأضاف أن قطاع الأخبار قبل أن يترأسه عبد اللطيف المناوى فى عام 2010 لم يكن له علاقة بمؤسسة الرئاسة على الإطلاق، وكان يعمل بمنتهى المهنية ولم يتورط فى احتفالات كعيد ميلاد مبارك، ولكن عندما أصبح تحت قيادة المناوى الأمر تغير نسبيا وكان هناك تدخل فى السياسة التحريرية للقناة، ولكن الأمر لم يستمر طويلا، حيث قامت الثورة. بينما ترى الإعلامية هالة فهمى أن خريطة البرامج هى ضخ عدد كبير من الأغانى الوطنية المكتوبة خصيصا للاحتفال به، فضلا عن البرامج التى يحضرها ضيوف يتباروا قى التطبيل للنظام وإنجازاته، حتى الجماهير التى يقومون بإجراء مقابلات تليفزيونية معهم فى الشارع يتم عن طريق اختيارمسبق لهم وتلقينهم بما سيقولونه فى الرد على تساؤلات المذيع. وفى حال التسجيل مع مواطنين لهم آراء معارضة ومختلفة مع مبارك وضده ، يتم حذفها فى المونتاج، أما عن المداخلات الهاتفية تكون من صنع الإعداد الذى يقوم بالتمثيل بأنه من الجماهير التى تهنئ الرئيس بعيد ميلاده والثناء على مجهوداته والدعاء له بالعمر المديد. وأكدت أن برامج التليفزيون فى شهر مايو كانت مخصصة للدعاية لصالح الإله الجديد "محمد حسنى مبارك"، وتتبارى كل القنوات فى هذه الدعاية حتى تنال منحا أكثر للعاملين بها.. وتابعت "إن ذلك الحوارالذى أجراه عماد الدين أديب مع المخلوع فى عيد ميلاده واستعراض إنجازاته، كان المقابل المادى الخاص به امتلاك عماد الدين أديب لإذاعة "إف ام" بقرار رئاسى غير قانونى، وهو مايؤكد كيف كان يتم العبث بعقول المصريين فى الفترة الماضية وحتى الآن من خلال التحكم والسيطرة على توجهات الجمهور وتزييف الحقائق وتربية جيل خاضع خانع للمحتوى الذى يقدمه التليفزيون.