أثارت الأنباء التي ذكرتها صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، بشأن الزيارة المرتقبة لأمير قطري من الأسرة المالكة، إلى القدسالمحتلة في شهر نوفمبر القادم من أجل دفع التعاون التجاري بين البلدين في مجال التكنولوجيا، حالة من السخط السياسي، لاعتباره تطبيعا صريحا وتطورا جديدا في علاقات البلدين، بشكل ترفضه الدول العربية وشعوبها، و"البديل" ترصد آراء المتخصصين في الشأن الإسرائيلي والسياسي. قال الدكتور محمد بحيري الباحث في الشئون الإسرائيلية، ومترجم كتاب " العلاقات السرية بين قطر وإسرائيل "، أن الاستثمارات القطرية مع الجانب الإسرائيلي بها جانب سري وآخر معلن، حيث تضخ المليارات مع الشركاء الأوروبيين والأمريكيين لرسم صورة سياسية معينة، حيث تعمل إسرائيل على خلق استثمارات مع شخصيات عرب 48 في مناطق 48؛ بمعنى أنها تحاول خطب ود بعض الدول العربية لعمل مشاريع ضخمة داخل إسرائيل، بزعم أنها في الأساس تخدم الفلسطينيين. وأوضح بحيري ل" البديل " أن المشاريع المعلنة تستخدم كغطاء للاستثمارات السرية، والهدف هو زعم مناصرة الفلسيطنيين في الداخل، لافتا إلى أن قطر معروفة بأنها "مخلب قط" للولايات المتحدة، وعلاقاته بهم معروفة منذ القدم، وظهر ذلك أثناء قرار المقاطعة الذي أعلنته الدول العربية، ولم تلتزم به قطر تجاه إسرائيل، وظل مكتب التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي يعمل في الدوحة، وكانت اتفاقيات الغاز تؤكد العلاقة الوثيقة مع إسرائيل قبل اكتشاف الأخيرة آبار البترول التي ستجعلها من أهم الدول المصدرة للغاز في القريب العاجل. وأضاف أن هذه الزيارة تتداخل بشكل كبير مع المبادرة التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي " جون كيري"؛ وهي أن السلام الاقتصادي لابد أن يكون خطوة أولى للسلام السياسي، وهكذا ستبرر قطر هذه الخطوة، كما تستخدمها إسرائيل لإغراء بضخ الاستثمارات للتنمية وتنفيذ مشروعات في الضفة الغربية؛ وبالتالي فإن رغد العيش يغنيهم عن التمسك بالقدس والمطالب السياسية الأخرى. قال الدكتور مصطفى حجازي - المفكر والخبير الدولي في مجال التطوير المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي،إن العلاقة بين البلدين ليس بها جديد، والتطبيع بينهم تجاوز التطبيع المصري في معاهدة السلام، كما أن دولة قطر نشأت بمباركة أمريكية وكان الشرط هو الوئام والتعاون الاستراتيجي مع إسرائيل، مشيرا إلى أن الإعلان عن هذه الزيارات والاستثمارات يأتي في إطار " إعلان قطر لكل ما بقي من المخفي " . وأكد أن التقارب المصري- القطري في ظل حكم الإسلام السياسي الممانع لكل ما يرتبط بإسرائيل، عليه أن يدرك أنه بهذا التقارب والدعم القطري يساهم في حفظ أمن الكيان الصهيوني بشكل غير مباشر؛ لأن قطر دائمة التشاحن مع الدول العربية كلها، وإن تصالحت مع دولة مثل مصر تجد نفسها في صدام مع شعبها، بينما تظل إسرائيل هي الكيان الوحيد الذي لا تجد صعوبة في التعامل معه حكومة وشعبا، ومن يتأمل هذا النظام العربي الصغير الذي كثرت موارده، يعلم أنه مناهض لكل الشعوب العربية، وعندما تتحدث قطر عن المصالح العربية ترى إسرائيل هي التي تتحدث. وأضاف حجازي أن قطر لم تكتف بوجود سفارة إسرائيلية عندها، ولكن هناك المكتب التجاري الإسرائيلي على أراضيها، ولذلك فهي أكثر الدول العربية استقامة مع الكيان الصهيوني، ويبرهن على ذلك التعاون التجاري الاستخباراتي والأمني بين البلدين، وتتخذ من نفسها وكيلا للمصالحة في معظم النزاعات لكي تتبنى دور الرضا والتناهي في خدمة مصالح الوطن الأكبر. ومن جانبه يرى الدكتور عماد جاد، خبير الشئون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العلاقات القطرية – الإسرائيلية جيدة، ليس الآن فقط ولكن منذ فترة طويلة، ولكن ما كان يميزها هو اتسامها بالسرية والاستحياء، أما الجديد في الأمر هو أن تعلن "إسرائيل" عن زيارة أمير قطر، وتعلن أيضا الهدف من الزيارة وهو استثمار ملايين الدولارات لتطوير مجال "الهايتك"، و"إسرائيل" مصدرا استراتيجيا لاكتساب المعرفة والتكنولوجيا، فهذا يعني أن هناك تطورا جديدا، ومؤشرا على مرحلة جديدة ستشهدها البلدين في الفترة المقبلة.