مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    ياهو اليابانية.. والحكومة المصرية    مجموعة التنمية الصناعية IDG تطلق مجمع صناعي جديد e2 New October بمدينة أكتوبر الجديدة    وزير الإسكان يعلن موعد انتهاء أزمة أرض الزمالك.. وحقيقة عروض المستثمرين    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر ديسمبر 2025    نيجيريا تؤكد شن ضربات في بنين ونشر قوات للتصدي لمحاولة الانقلاب    ترتيب الدوري الإسباني.. برشلونة يتفوق على ريال مدريد ب4 نقاط    خطط لا تموت.. لماذا عادت الملعونة لعادتها القديمة؟    أمريكا: اتفاق «قريب جدًا» لإنهاء حرب أوكرانيا |روسيا والصين تجريان مناورات «مضادة للصواريخ»    إيطاليا ترسل مولدات كهربائية لأوكرانيا بعد الهجمات الروسية    كأس العرب - بن رمضان: لعبنا المباراة كأنها نهائي.. ونعتذر للشعب التونسي    أوندا ثيرو: ميليتاو قد يغيب 3 أشهر بعد الإصابة ضد سيلتا فيجو    إبراهيم حسن: محمد صلاح سيعود أقوى وسيصنع التاريخ بحصد كأس أمم إفريقيا    أشرف صبحي: قرارات الوزارة النهائية بشأن حالة اللاعب يوسف ستكون مرتبطة بتحقيقات النيابة    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا «بتاع لقطة»    هل تقدم أحد المستثمرين بطلب لشراء أرض الزمالك بأكتوبر؟ وزير الإسكان يجيب    استكمال محاكمة سارة خليفة في قضية المخدرات الكبرى.. اليوم    وزير الزراعة: القطاع الخاص يتولى تشغيل حديقة الحيوان.. وافتتاحها للجمهور قبل نهاية العام    مدير أمن الإسكندرية يقود حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين بميدان الساعة وفيكتوريا    طعنة في الفخذ أودت بحياته.. "مهاب محمد" حاول فض مشاجرة في العجمي بالإسكندرية فأنهوا حياته    غرفة عقل العويط    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    رئيس "قصور الثقافة": السوشيال ميديا قلّلت الإقبال.. وأطلقنا 4 منصات وتطبيقًا لاكتشاف المواهب    كم عدد المصابين بالإنفلونزا الموسمية؟ مستشار الرئيس يجيب (فيديو)    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    كيف يؤثر النوم المتقطع على صحتك يوميًا؟    اليوم.. المصريون بالخارج يصوتون فى ال 30 دائرة المُلغاة    أحمد موسى يكشف أزمة 350 أستاذا جامعيا لم يتسلموا وحداتهم السكنية منذ 2018    سعر الذهب اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025.. عيار 24 بدون مصنعية ب6411 جنيها    أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية    تعرف على شروط إعادة تدوير واستخدام العبوات الفارغة وفقاً للقانون    عاشر جثتها.. حبس عاطل أنهى حياة فتاة دافعت عن شرفها بحدائق القبة    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة ومضاعفة الحوكمة    ارتفاع ضحايا مليشيا الدعم السريع على كلوقي إلى 114 سودانى    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال شرق قلقيلية    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    أحمد موسى: "مينفعش واحد بتلاتة صاغ يبوظ اقتصاد مصر"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وائل القبانى ينتقد تصريحات أيمن الرمادى بشأن فيريرا    محمد الخراشى: مصر والسعودية قادرتان على بلوغ الدور الثانى فى كأس العالم    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الإثيوبيون يحتجون في إسرائيل على قمع الشرطة ولشعورهم بالتمييز.. إعلام إسرائيلى: تصاعد الأزمة بين كاتس وزامير.. رئيس الأركان الإسرائيلى: نستعد لاندلاع حرب مفاجئة    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    بحب نيللي كريم و التمثيل حلمي.. أبرز تصريحات مي عمر بمهرجان البحر الأحمر    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    ميرهان حسين تكشف خططها الفنية الجديدة وأعمالها وأمنياتها | شاهد    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    إضافة 4 أسرة عناية مركزة بمستشفى الصدر بإمبابة    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الري أمام اجتماع «مياه حوض النيل» في بوروندي: ستستمر مصر في ممارسة ضبط النفس    الطفولة المفقودة والنضج الزائف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثواني بين يدي فيروز

"رأيتُ فيروز". أكتب الجملة الآن وأرتجف، كما ارتجفت حين وقفتُ وجهًا لوجه أمامها في عزاء ابنها زياد. مثل كثيرين غيري ، كنت أتخيل أن فيروز مخلوق من نور ونجوم، أسطورة لا تهبط إلى الأرض… إلا ليلًا، وفي الليالي المقمرة فقط. كان وجودها بالنسبة إليّ دائمًا بعيدًا، مُعلَّقًا فوق مدارٍ من أضواء مبهمة، أشبه بسماء نستمع إليها ولا نراها.
قالت لي صديقتي ميشا مخول: "شفتها… شفتها". لم تنطق بالاسم.
صرخت " مين شفتي ؟" لم تنطق بالاسم. قالت " هي هي ". وكأننا معًا لا نجرؤ على قول اسمها. كررت السؤال "شفتيها هي…هي؟!". ردّت وهي تهزّ رأسها: "إيه، شُفتها وحكيت معاها". لكنها لم تقل "فيروز"، وكأننا لا نصدّق أن فيروز تجلس لتقبَل العزاء، أن فيروز بكل أسطوريتها، على بعد خطوات من الأرض.
دخلتُ صالون الكنيسة، أتهيأ لمواجهة لحظة لا أعرف إن كنت أحتملها. لحظة سأقف فيها أمام فيروز، أسطورتي. هل كنت أتصوّر أن المسافة بيني وبينها ستكون خطوة؟ أقل من خطوة؟ هل كنت أتصوّر أن أقترب منها إلى هذا الحد؟
وقفت أمامها. شعرت برهبة لا تشبه أي شعور آخر، وخشيت أن يخرج صوتي متعرّجًا، متذبذبًا، قبل أن يصل إليها. كانت هناك، فيروز، بكامل حزنها المهيب، ترتدي سوادًا أكثر من الحداد ذاته، تضع طرحتها السوداء على شعرها، ترتدي نظارتها، وتجلس على كرسيّ متواضع. لكن الهيبة التي ملأت المكان فاقت هيبة الملوك والسلاطين… هيبة لا يمكن تحديدها أو وصفها أو حتى تسميتها.
"أنا بين يدي فيروز"… هكذا قلت في سري. وكأني أدخل مقامًا لأتلو صلوات. فيروز في حزنها المهيب، في شموخها وتواضعها معًا.
اقتربت، وتمتمت بكلمات عزاء لا أعلم كيف لم يتكسّر صوتي فيها. و أنا أمامها، شعرت برغبة أن أركع عند قدميها، أن أقبّل يدها. ثم راودني صوت داخلي: "لا… دَعيها تظل أسطورتك، دعها تبقى فوق اللمس".
وما زاد من رغبتي في ألا ألمسها أنني حين رأيتها عن قرب، كان بياض بشرتها صاعقًا وناصعا . للحظة ظننت أنّ خيالي يبالغ، أنني أرى هالة من نور تحيطها. سألت زملائي بصوت هامس: "هي فعلًا بيضاء البشرة هكذا؟ أم أن عيوني تتوهّم وأن الخيال يتداخل مع الحقيقة؟" فأكدوا لي أنهم أيضًا صُدموا من بياض بشرتها النوراني، بياض ناصع كوقارها، مثل دموعها التي كانت تمسحها برفق، وأنا أقرأ في إيماءة رأسها ألف كلمة لا تُقال. وكنت أتساءل: هل تشعر بكل هذا الحب والمشاعر التي نرسلها إليها؟
قد يظن البعض أنني أبالغ، أنني أرفعها إلى مصافّ الآلهة. لكن الأمر ليس كذلك. نحن جيلٌ نشأ وفيروز في بيوتنا أكثر من صلاة يومية. فيروز لم تكن صوتًا فقط. كانت سماءً "ثامنة"، كانت مجرّة بعيدة نحيا فيها. من صغرنا ونحن نراها مخلوقة من ضوء النجوم ومن وجه القمر ، من وهج الشمس، من عذوبة الأنهار وغموض البحار. وحين نسمع صوتها، لا يدخل أذننا أولاً، بل يتسلل إلى أرواحنا وأحلامنا وخلايانا… إلى الDNA الخاص بنا.
رحل زياد… زياد الذي أنزل فيروز من عليائها قليلًا حين جعلها تغني : "كان غير شكل الزيتون". رحل زياد، وجعلها تتجلّى أمامنا، جعلنا نلتقيها وجهًا لوجه. ، نلتقيها للحظة عاجزون فيها عن أن نواسي حرقة قلبها، وعاجزون أكثر عن كبح الرجفة في قلوبنا والقشعريرة في أجسادنا.
لحظة سنظل نرتجف ونحن نستعيدها، لأننا لمسنا الحلم، لأننا لمسنا فيروز بأم العين
هكذا كانت الثواني القصيرة بين يدي مولاتي فيروز: رهبة وانتعاش في القلب، وخيط ضوء في الروح لا ينطفئ.
رحم الله زياد الرحباني ابن فيروز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.