لا تعارض بين الفلسفة والدين فهى تدعو إلى إعمال العقل وكذلك ا دعانا الله الى إعماله فى آيات كثيرة ، ولكن من يريدون فرض الآراء على الغير يخوفون العامة من الفلسفة باعتبار أنها كفر والحاد وهذا غير صحيح وخاصة أن الفلسفة الإسلامية جاءت حتى توفق بين الآيات الموجودة فى القران وخاصة قضايا العقيدة مثل القضاء والقدر وانه لا تعارض بين الآياتولذلك فلابد من الرجوع للمنهج العقلى فى التفكير لنتقدم ومن هنا كان محو حوارنا مع الدكتور حامد طاهر أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة ونائب رئيس الجامعة الأسبق . كيف لعبت الفلسفة الإسلامية دورا فى النهضة العربية ؟ الفلسفة تاريخها طويل فمنذ نشأتها وهى تتابع الحركات الدينية من السنة والشيعة والخوارج والمعتزلة وكيفية تحول هذه الحركات إلى أحزاب سياسية ، كما حدث بعد التحرر من الاستعمار الأجنبيوظهور الإخوان المسلمين والسلفيين وأهل السنة والصوفية والجهاد والجماعة الإسلامية وفى ظل الديمقراطية تحولت إلى أحزاب تتصارع مع بعضها البعض فى للوصول الى الحكم وذلك حتى تنشر مفاهيمها الخاصة والتى ليست بالضرورة المفاهيم الصحيحة الإسلام . ولذلك فان الفلسفة الإسلامية ليست منقطعة الصلة بين الماضى والحاضر ومع أنها استمرت تعلو وتهبط فى المجتمع تبعا للحكام ، ومع ظهور كبار زعماء الإصلاح من أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدهوالكواكبي قامت بدورا كبير فى النهضة العربية وإخراج المسلمين من حالة التخلف التى سادت أيام الاستعمار والهيمنة الغربية التى سادت معظم أنحاء العالم الإسلامي فناقشت كيف يتمرد الإنسان المسلم ويثور على الاستعمار. متى بدأت الفلسفة الإسلامية ؟ وهل كان هناك تضييق عليها ؟ بدأت الفلسفة الإسلامية فى القرن الأول بعد وفاة رسول الله صلى الله علية وسلم وعصر الصحابة ، وأوائل الموضوعات التى ناقشتها كانت عن " قضايا العقيدة ، والإنسان وموقفة فى العالم ، وعلاقته بربة ، القدر ،والمشيئة الإلهية ، وحرية الإنسان ،والآيات التى تتحدث عن حرية الإنسانوالأخرى التى تتحدث عن إرجاع ما يفعله الإنسانإلى الله وكيفية التوفيق بين هذا وذاك ومرتكب الكبيرة هل يخرج من الملة أم لا كل هذا ناقشته الفلسفة فى بداية نشأتها . ولآن الدين مرتبط بالسياسة ، فساد فى عصر الدولة الأموية"المذهب الجبرى" الذى يقول أن كل شئ خاضع لإرادة الله ولذلك كان على الناس الرضا بحكامهم لان هذا قضاء الله ، ولان الفلسفة تناقش الواقع وإعمال العقل وان ذلك سيؤدى إلى الثورة على الحكام فقد حاربت الفلسفة من جانب الخلفاء الذين يخافون على عروشهم ، بجانب الفقهاء الذين كانوا يخشون سحب البساط من تحت أرجلهمويتبعون الحكام ، ولذلك كانوا يقولون للناس ان الحاكم قضاء الله وقدره ولا ينبغي الثورة عليه ، وكان فى بعض الأحيان يتم نفى الفيلسوف أو إحراق كتبه مثل ما حدث مع ابن رشد بينما أخذا الأوربيون أراء ابن رشد وطوروها ، وأصبح له فى أوربا تلاميذ هم سبب النهضة الأوربية . ما العلاقة بين العقل والنقل ؟ وهناك من يقول ان تغليب العقل على النقل يؤدى الى انهيار الحضارة ؟ هذا صعب جدا لأني ادرس بموضوعية فالنقل ضروري فهو وحى الله والسنة النبوية شارحة له وهو الذى دعانا لاستعمال العقل فهناك ثوابت يتم الخروج عنها وهناك شرائع وعقوبات يمكن تغليب العقل عليها ، كما كان للإمام الشافعى فتاوى فى الشام تم تغيرها عندما رحل إلى مصر وذلك لاختلاف العادات والتقاليد وليس معنى ذلك انه خرج بالكلية فلكل عصر ظروفه الخاصة ، وهناك حديث رسول الله الذى قال فيه " من أجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله اجر " والمسكوت عنه فى الحديث أن من لم يجتهد فلا اجر له . ما علاقة الفلسفة بالواقع ؟ الفلسفة بمعناها العام هى تحسين الواقع ، فكل الفلاسفة جاءوا لتحسين الواقع والفلسفة الإسلامية جاءت لتحسين أمور ديننا ، وأوربا كانت أكثر فوضى وتخلفا من عالمنا العربي اليوم والإسلامي ألان ولكن جاء الفلاسفة الأوربيين وقدموا أفكار رائعة مثل جاك جان روسو فى كتابه " العقد الاجتماعي " حيث يقول أن الإنسان حر فى الطبيعة ولكن لا يستطيع العيش وحده ولذلك كان عليه الانضمام فى جماعة ولذلك تنازل عن جزء من حريته فى سبيل العيش معهم ومقابل ذلك فان الجماعة تنتخب حاكم لها لتنظيم أمورها ويتنازلون على جزء من حريتهم لهذا الحاكم فى مقابل تنظيم أمورهم وتحقيق العدل والمساواة بينهم وهذا هو " العقد الاجتماعي " فإذا لم يفعل ما انتخبوه من اجله فعليهم خلعة والإتيان بغيره ما يتم مناقشة الآن من أفكار سياسية قد ظهرت في القرن الثامن عشر فى الغرب ولو أن الشعب المصرى يقرأ جيدا لوجد حلول مشكلاته التى يعانى منها اليوم موجودة فى الغرب و اخذ على شعب مصر الذى أنا واحد من انه لا يقرأ وليس معنى ذلك أنأملى عليه ماحدث فى الغرب ولكن هناك أشياء خاصة بالإنسانية كلها مثل حقوق الإنسانوالمرأة والطفل فهى خاصة بالبلاد جميعا . لقد دعوتنا أننأخذ من الغرب أليسالأولىأن نأخذ من حضارتنا التى هى سبب حضارة الغرب ؟ لان حضارتنا وصلت لمرحلة معينة من التطور ولكنها لم تصل إلىنهايته وذلك لان الاكتشافات العلمية لم تكن موجودة آن ذاك ، والغرب اخذ من الحضارة العربية وطورها فالبوصلة أول من اكتشفها العرب وأخذها الغرب وطوروها واكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح والأمريكتين وبدأ تطور الغرب وتخلف العرب ، وأيضاالأسواق التجارية التى توجد فى القرية المصرية ولم تعد موجودة فى القاهرة وتقام بباريس 3 أسواقأسبوعيافى كل حى حيث يخلق هناك نوعا من المودة وذلك لان السوبر ماركت ليس به إنسانية ، والحمامات العامة هى أيضا من الحضارة الإسلامية وانتظام المواعيد وشق الترع وإقامة الحدائق كل ذلك من معالم الحضارة الإسلامية، الغرب كانوا يدرسون كتاب الطب لابن سينا إلى القرن السابع عشر حتى تم اكتشاف الأشعة والتحليلات تجاوز ابن سينا ، ولذلك علينا اخذ أخر ما وصل إليه العلم وتطويره فان العلم لا وطن له . كيف نعيد إحياء دور العقل فى حاضرنا ؟ هذا يحتاج ثورة فى مناهج التعليم ، بجانب طمئنه الفقهاء انه لايوجد تعارض بين الدين والعقل وأن الدين الإسلامي يتماشى مع العقل ولا يقف ضده بل يدعو إلى استخدامه لأنه المنحة الإلهية التى فرقت بين الإنسان والحيوان ، وليس للعقل حدود إلا ما حدده الله ، ولا يوجد إنسانيستطيع تقييد العقل . وعلينا إتاحة مساحة الأسئلةللأطفالوإجابتهم على ما يسألون عنه لان ذلك ينمى عقولهم فالغرب مثلا يقرءون لأبنائهم عند النوم فيكبر الأبناء يعرفون قيمة الكتاب ، وان نمو العقل تراكمي فإما أن ينمو على خزعبلات آو على حقائق علمية . ماهى الخطوات التى نتخذها لاستخدام المنهج العقلى ؟ المنهج العقلى قائم على البحث العلمى الذى يتكون من " الملاحظة - التجربة - الفرض " فإذا أردنا تطوير غرفة مثلا فعلينا ملاحظة ما تحتاجه ثم وضع الفروض التى تؤدى إلى تطويرها ثم التجربة حتى نصل إلى أفضل النتائج ، وفى الغرب يدرسون منهج البحث العلمى فى المرحلة الثانوية . فى رأيك ماهى الأسباب التى تؤدى الى تقدمنا ؟ هناك سببين لتقدمنا إنشاء "قاموس" شامل لمعانى اللغة العربية وتعريفها كما يوجد فى قواميس اللغات الأخرى وعمل دوائر معارف عربية على نهج دائرة المعارف البريطانية التى قسمت إلى 30 جزء . فإذ أخذنا كلمة ديمقراطية فبدل المشاكل التى توجد على الفضائيات إذا وضعنا تعريفا شامل لها فى القاموس فتصبح الحقيقة متساوية عند الجميع فيقل الاختلاف . ودائرة المعارف تجد فيها المعلومات الأساسية التى لابد ان تكون معلومة عند الناس جميعا وشرحها شرحا وافيا وبعد ذلك نختلف فى وجهات النظر هل ترى أن العالم العربى يهتم بالفلسفة الإسلامية ؟ مع الأسف لا فلم ندرس الفلسفة إلا فى عام 1908 عند إنشاء الجامعة المصرية وجئنا بمستشرقين ليدرسون لنا حتى خرج منا الشيخ مصطفى عبد الرازق أول من درس الفلسفة الإسلامية فى تاريخنا المعاصر ومن بعدها تلاميذهأبو العلا عفيفيوإبراهيم مدكور ومصطفى أمين والذين كنا نحن تلاميذهم ولكن الفلسفة ليست للتدريس فقط إنما هى للمجتمع ككل ولابد لها من الانتشار وعلى الحاكم أن يرضى عنها ولا يوجد بينها وبين الفقهاء عداء وهذه هى شروطها للازدهار. هل هناك فرصة لازدهار الفلسفة الإسلامية فى عصرنا الحديث ؟ فرصتها كبيرة للازدهار وذلك لان الاتجاه الدينى الموجود حاليا ليس عنده حلول للمشكلات المعاصرة ولذلك فان الفلسفة تجد حلول المشاكل المعاصرة . هناك من يهاجمون العرب وانهم ليس هم من حافظوا على التراث اليونانى ؟ تهم باطلة لان العرب ترجموا كل التراث اليونانى منذ هارون الرشيد وابنه المأمون ولولا الترجمة العربية للتراث اليونانى لضاع واندثر فقد ترجمنا من الفرس والهنود واليونان وشرحناها ولخصناها وتكلمنا فيها فنحن كنا الحلقة الوسط فى تاريخ الفكر الإنساني ولكن الغرب لايعترف بذلك ولن يصفى لنا أبدا . هل فرض العرب حضارتهم على البلاد التى فتحوها ؟ العرب دخلوا البلاد وأقاموا فيها العدل فقد فتحوا مصر وطردوا منها المحتل الرومانى والذى كان يحتلهم أكثر من 670 عام ولذلك عندما وجدوا العدل في الإسلام دخلوا فيه ولم يخرجوا عند ضعف الدولة الإسلامية فلو كان بالسيف لكانوا أول من خرجوا منه عند ضعف المسلمين .