لأول مرة| دراسة ل«القومي للبحوث» تبحث في شخصية المجرم.. خاطف الأطفال    نقيب البيطريين يكشف تفاصيل الأوضاع داخل النقابة بعد توليه المقعد (تفاصيل)    تعرف على متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» اليوم    غداً.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 45 مليار جنيه    أحدهم الاستقالة، لوبان تقسو على ماكرون وتطالبه ب 3 خيارات للخروج من الأزمة السياسية    العاصفة الاستوائية ألبرتو تقتل 4 أشخاص على الأقل في المكسيك    الثانوية العامة 2024.. توافد الطلاب على اللجان استعدادا لأداء امتحان اللغة العربية (صور)    اليوم.. الحكم على إنجي حمادة وكروان مشاكل بتهمة نشر فيديوهات خادشة    استقرار أسعار الذهب اليوم السبت 22 يونيو 2024    الثانوية العامة 2024.. عمليات التعليم تتابع تسلم كراسات امتحان اللغة العربية باللجان    مسؤول سعودي يدافع عن إدارة موسم الحج 2024 وسط انتقادات بسبب الوفيات    حفل أنغام بمهرجان موازين المغربي ... لم يحضر احد    المقاومة الإسلامية تعلن مقتل أحد عناصرها بقصف أمريكي قرب الحدود السورية    الخارجية السودانية تصدر بيانا بشأن الأزمة مع الإمارات.. ماذا حدث؟    نوران جوهر تتأهل إلى نهائى بطولة العظماء الثمانية للاسكواش    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم السبت 22 يونيو 2024    تامر عاشور يعلق على أزمة شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب مع أسرتها.. ماذا قال؟    افتتاح وحدة علاج الجلطات والسكتة الدماغية فى مستشفيات «عين شمس» قريبًا    العثور على جثة طفل ملقاة بالزراعات في البداري بأسيوط    كلب مفترس يعقر 12 شخصا بقرية الرئيسية في قنا    التشكيل الرسمي لمباراة تشيلي وبيرو في كوبا أمريكا 2024    البرتغال وتركيا.. مواجهة مشتعلة على التأهل المبكر في يورو 2024    انتشال 14 جثة بعد غرق مركب مهاجرين أمام سواحل إيطاليا    دار الإفتاء تكشف حكم قراءة المرأة القرآن بدون حجاب    نائب رئيس لجنة الحكام يكشف كواليس اختيار طاقم تحكيم مباراة القمة بين الأهلي والزمالك    قتيلان ومصابون إثر إطلاق نار بولاية أركنساس الأمريكية    مصدر أمني يكشف حقيقة انتحار نزيلة روسية بأحد مراكز الإصلاح والتأهيل    سفينة تبلغ عن وقوع انفجار في محيطها شرقي مدينة عدن اليمنية    التعادل يحسم مباراة هولندا وفرنسا في يورو 2024    تركي آل الشيخ يحتفل بتصدر "ولاد رزق 3: القاضية" إيرادات السينما المصرية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. نقل لقاء سويدان إلى المستشفى    عمرو دنقل: رحلة فرج فودة الفكرية مصدر إلهامي لانطلاق روايتي "فيلا القاضي" المؤهلة لجائزة طه حسين    تُلعب فجر السبت.. القنوات الناقلة لمباراة تشيلي وبيرو في كوبا أمريكا 2024    مفتي الجمهورية: عماد عملية الفتوى الإجابة عن 4 تساؤلات    موعد مباراة الأهلي والزمالك في الدوري المصري والقنوات الناقلة    منظمة الصحة العالمية تحذر من حقن تنحيف قاتلة    أهمية تناول الماء في موسم الصيف    مع انتهاء موسم الحج. سعر الريال السعودي اليوم السبت 22 يونيو 2024 مقابل الجنيه المصري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف حنان محمد.. كرات اللحم بالجبنة وصوص الطماطم    المصرية للاتصالات.. موعد سداد فاتورة الإنترنت الأرضي يوليو 2024    أخبار اليوم الأسبوعي| حقائب التحدى ومفاجأة الأعلى للجامعات والجمهورية الجديدة    موعد سداد فاتورة التليفون الأرضي لشهر يونيو 2024 في مصر    أشرف زكي: قرارات النقابات المهنية بمقاطعة إسرائيل لا تقبل الجدل (فيديو)    إيمي سمير غانم ضيفة حسن الرداد في «الليلة دوب».. تعرف على الموعد (صور)    مصرع شاب فى حادث انقلاب دراجة نارية بالدقهلية    عضو لجنة العمرة يكشف مفاجأة بشأن وفيات الحجاج المصريين هذا العام (فيديو)    دعاء الثانوية العامة مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة عند الدخول إلى لجنة الامتحان    رئيس مجلس الدولة الجديد 2024.. من هو؟ مصادر قضائية تكشف المرشحين ال3 (خاص)    موعد نهائيات كأس الأمم الإفريقية بالمغرب 2025.. موقف السوبر بين الأهلي والزمالك (فيديو)    التعاون الإسلامي: اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي    تنسيق الثانوية العامة 2024 محافظة القليوبية المرحلة الثانية المتوقع    أخبار × 24 ساعة.. التعليم لطلاب الثانوية: لا تنساقوا خلف صفحات الغش    إعلام إسرائيلى: الجيش يقترب من اتخاذ قرار بشأن عملية رفح الفلسطينية    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عبد الحميد مدكور..فيلسوف الفصحي في حوار صريح :
أصبحنا ¢مضحكة ¢ للأقزام.. صورتنا عبء علي الإسلام
نشر في عقيدتي يوم 23 - 04 - 2013

الدكتور عبد الحميد مدكور استاذ الفلسفة الاسلامية بكلية دار العلوم وعضو مجمع اللغة العربية من الشخصيات المهمومة بأمراض الباحثين عن علاجها حتي تعود اليها عافيتها من جديد وتكون ¢ مفخرة ¢ لأبنائها وليست ¢ مضحكة ¢ للأمم .. بعقلية الفيلسوف التي تتصف بالحكمة والواقعية كان لنا معه هذا الحوار حول آهات الحاضر وتطلعات المستقبل فيما يتصل باللغة والنهضة وأدواتها وكيفية واستنهاض الاسد الجريح الذي تتلاعب علي ظهره الذئاب يفكرون كيف ينهشونه ويمنعونه من استعادته لقوته لأنهم يدركون ان صحوة المارد ستعيد جميع الفئران الي جحورها.پ
** أنتم من أعلام دار العلوم معقل العلوم الشرعية والعربية وعضو مجمع اللغة العربية فكيف تري واقع لغة القرآن وموقعها من هوية أهلها؟
لاشك أن الارتباط بين اللغة وهوية أصحابها ارتباط وثيق لأن اللغة وعاء الفكر ومستودع التراث وصلة الحاضر بالماضي وأداة التعبير عن الآمال والطموحات وبدون اللغة لا يمكن التوصل إلي تحقيق المعني الكامل للإنسان بصفة عامة. والإنسان ابن حضارته أي ابن لغته المعبرة عن هذه الحضارة فإذا كانت اللغة عريقة قديمة جديدة كاللغة العربية التي هي أقدم اللغات الحية المستعملة دون انقطاع فإنها تزداد قدراً لأنها تطبع في ذهن أصحابها الأخيلة والتصورات والمفاهيم المتوارثة عبر القرون فتؤثر في عقول أصحابها ووجدانهم تأثيراً جوهرياً.وإذا انضم إلي ذلك أن هذه اللغة هي اللغة التي اختارها الله لكي ينزل بها القرآن فإن ذلك يزيدها تأثيراً في الأنفس والعقول. ولقد رأيت في بعض بلاد العالم من يصف هذه اللغة بأنها ¢اللغة الشريفة¢.
ومن الكوارث التي نعيش فيها أن اللغة العربية يتم إهمالها وتهميشها في مناهج التعلم أو الفصل بينها وبين لغة الحياة ولغة العلم ولغة الفنون وسائر جوانب الحياة وللاسف فإن الذين يريدون الفصل بين الناس ولغتهم يعتدون علي جانب مهم جداً من جوانب شخصيتهم وفكرهم ليجعلوا منها مَسخاً من الآخرين الذين ينتسبون إلي لغات وحضارات أخري.
الدول المحترمة
** كيف تحترم الدول الكبري لغتها ؟
يجب أن نتذكر ان لغة العلم في الماضي كانت العربية وكأن الاوربيين يتعلمونها لتحصيل العلوم وفي عصرنا علينا أن نتذكر ما لجأت إليه فرنسا تريد الحفاظ علي لغتها وأدبها وفنها وفكرها فلا يُسمَح خاصة في الأمور الرسمية والمعبرة عن واجهة الحياة الفرنسية والمجتمع الفرنسي باستعمال لغة أخري غير الفرنسية ومن يخالف ذلك يدفع غرامة ضخمة عقوبة له علي ترك التعبير بلغته القومية. اما نحن فإننا نتعامل مع الفصحي علي أنها لغة أجنبية فلا نكاد نستمع إليها إلا في مناسبات محدودة حيث تطغي العامية واللغات الاجنبية علي قاعات الدرس في المدارس والجامعات والمؤسسات العلمية عامة حتي وصل الامر الي افتخار كثيرين باستخدامهم لغات أخري قد لا يجيدونها في واقع الأمر إجادة تامة وهذا الفصل بين اللغة والعلم يؤدي لإضعاف اللغة نفسها بعزلها عن هذا المجال الحيوي المتطور الذي يمكن أن يمد اللغة بالقوة والنماء والحيوية وللأسف ليس لمجمع اللغة العربية مشاركة حقيقية في وضع مناهج اللغة العربية في مراحل التعليم المختلفة وليس له مشاركة في كتابة الكتب التي تُؤدَّي بها هذه المناهج.
كلام علي الورق
** جميع الدول العربية سجلت في دساتيرها أن لغة البلاد الرسمية هي اللغة العربية فكيف يمكن توظيف هذه المواد الدستورية لتعزيز مكانة اللغة ؟
من عيوبنا القاتلة أنه توجد لدينا نصوص دستورية وقانونية جيدة لكن لا يتم تنفيذها من الناحية العملية وعلي سبيل المثال يوجد في مصر قانون منذ أكثر من أربعين عاماً يمنع كتابة اللافتات علي المحالّ والمؤسسات باللغة الأجنبية وحدها ويلزم أصحاب هذه المحال بضرورة الإعلان عنها باللغة العربية ومع ذلك لا يتم من الناحية العملية تطبيق هذا القانون. ويحتاج الأمر إلي مزيد من الإصرار والصبر والدعوة المستمرة إلي تطبيق مثل هذه القوانين وهذا ما تلجأ إليه بعض الجمعيات العاملة في حقل الدعوة إلي العناية باللغة العربية فهي تصدر التوصيات وترفع الالتماسات إلي المسئولين أن يعملوا علي تطبيق هذه القوانين ولكن ليس لمثل هذه الجمعيات سلطة لوضع القوانين موضع التطبيق.
تخريب اللغة
** الدعوات لتخريب اللغة العربية لم تتوقف منذ أيام الاستعمار حتي الآن حيث يتم الترويج للغات الاجنبية واللهجات المجلية ووصل الامر الي وصل قواميس لها فما خطورة هذه الدعوات الفكرية الهدامة ؟
لا يُخفي الأمريكيون رغبتهم في تغيير الخريطة السياسية والثقافية پللعالم العربي ورسم خريطة جديدة له ولا يخفون وقد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن ورقة لتغيير بعض المفاهيم والمناهج التعليمية. وهم يذكرون هذا صراحة ويسعون إلي تحقيقه بكل الوسائل المتاحة لهم وهي كثيرة. ويمكن أن يتحقق ذلك عن طريق التغيير في المناهج التعليمية بإضافة موضوعات إليها وحذف موضوعات منها وتغيير نمط دراسة موضوعات أخري بحيث يثمر ذلك علي المدي الطويل تغييراً في المفاهيم والأفكار والمواقف والتوجهات وربما أصبح المجال مهيَّأً لتجديد دعوات قديمة ظهرت في عصور الاستعمار القديم لإحياء اللغة العامية أو الكتابة بالحروف اللاتينية وربما أدي ذلك إلي تقليل الاعتماد علي العربية في المناهج الدراسية إلي غير ذلك من الوسائل التي تحاصر اللغة وتؤدي إلي إضعاف تأثيرها في الوعي والفكر لدي الذين يتحدثون بها.وربما تُعامَل اللغة العربية علي أساس أنها مصدر من مصادر القوة لهذه الأمة ومن ثم ينبغي مواجهتها بما يؤدي إلي إضعافها وتقليل آثارها في وحدة الفكر والشعور بين أهلها كما تُعامَل الجيوش أو الموارد الاقتصادية لأنه إذا تم القضاء علي اللغة العربية فلن يكون لأهلها الناطقين بها رابطة تجمعهم بعدها.
** قال الامام مالك بن أنس ¢ من تكلم في مسجدنا هذا بغير العربية أخرجناه منه ¢.. كيف يمكن اعادة اللغة وتعلمها بين الناس؟
ينبغي أن يكون واضحاً عندنا نحن المسلمين أن العربية هي لغة القرآن الكريم وأن تعلمها يرتقي إلي درجة الفريضة التي لا ينبغي التفريط فيها وقد قال ذلك كثير من علماء الإسلام من قديم وفزع الصحابة أنفسهم حين وجدوا اللحن يتسرب أو يتسلل إلي ألسنة الموالي الذين كان بعضهم يخطئ في قراءة بعض الآيات القرآنية وقال عمر بن الخطاب مرة لرجل ¢ لخطؤك في كلامك أشد علينا من خطئك في سهامك¢. وليست العربية عبئاً علي أحد بل هي في الحقيقة مصدر قوة وامتدادي تاريخي وحضاري وعمق بشري حيث يجتمع من حولها مئات الملايين من المسلمين ومن ثم يجب العناية بها والعمل علي التمكين لها.
الدين والحياة
** لكن هناك من يدعو من العلمانيين ومن علي شاكلتهم بتهميش دور الدين في الحياة حتي يرتقوا كما ارتقي الغرب العلماني .. فماذا تقول لهم ؟
يؤكد المهتمون بفلسفة الحضارة والتاريخ علي أهميَّة الدِّين في بناء الحضارات الإنسانيَّة وأقدم لهؤلاء العلمانيين والتغريبيين شهادة جوستاف لوبون مؤرِّخ الحَضَارة المشهور الذي أوضح هذه الأهميَّة علي نحو قاطع حيث ذكر أن أهم المبادئ التي تسير عليها الأمم وتُعد منارة التاريخ المبادئ الدِّينيَّة التي كانت علي الدَّوام أهم عنصر في حياة الأمم ومن ثَمَّ كانت أهم عنصر في تاريخها ولذا كانت أكبر حوادث التاريخ التي أنتجت أعظَم الآثار هي قيام الديانات وسقوطها.ولم يغِب عن بالِ لوبون أن يؤكد فكرته عن أهميَّة الدين بما يسجله التاريخ من أن قيام الأمم بأعظَم الأعمَال كان في عصر هذا التطور الذي يحدثه الدِّين في نفوس أتباعه وبسببه تأسَّست أكبر الممالك التاريخية البارزة فإنه وجد أمامه تاريخ الأمة الإسلاميَّة التي نشأت وتطورت علي أساس تلك الفكرة الدِّينيَّة التي اقتبستها من محمد صلي الله عليه وسلم فاستطاع هؤلاء الذين ينحدرون من بعض القبائل العربية أن يقهروا أممًا كانت لا تعرف عنهم حتي الأسماء أقاموا تلك الدولة الكبري.
شهادات منصفة
** هل يعد جوستاف لوبون المؤرخ الغربي الوحيد الذي أكد أهمية الدين في تاريخ الحضارة الإسلامية في مختلف العصور ؟
بالطبع لا حيث نجد مثل هذا الرأي لدي المؤرِّخ والفيلسوف الكبير أرنولد توينبي الذي يقرر أن للعقائد الدِّينيَّة دورًا خطيرًا للغاية في مُجرَيات التاريخ حيث كانت البوذية سببًا في وجود حضارة الشَّرق الأقصي وكانت العقيدة الهندوكية وراء ميلاد الحَضَارة الهندية وكانت العقيدة المسيحيَّة سببًا في نشأة الحَضَارة المسيحيَّة الشَّرقيَّة والغربيَّة وكان الإسلام هو المصدر الذي انبثقت منه الحضارتان: العربيَّة والإيرانيَّة وهكذا كان للعقيدة أثرُها البارز في نشأة الحَضَارة الإنسانيَّة في عصورها المختلفة وفيما كان للعقيدة أثرها البارز في نشأة الحَضَارة الإنسانيَّة في عصورها المختلفة وفيما يتعلَّق بالإسلام خاصَّة أكد توينبي إلي أن التوفيق الذي أصابته الدولة الإسلاميَّة كان يرجع إلي العقيدة الإسلاميَّة وحدها .ومثل هذا الرأي موجود لدي فلاسفة آخرين ممن شُغلوا بفلسفة الحَضَارة وبيان أثر الدِّين في نشأتها وازدهارها ومثل هنري بِين وهرمان دي كسلرلنج وغيرهما ممن لاحظوا ذلك الارتباط بين الدِّين والحَضَارة علي نحو لا يمكن إغفاله أو إهماله وخاصة فيما يتعلقپپ بعلاقة الإسلام بحضارته التي قامت علي أساسه وبتأثيره فهو أصل نشأتها ومصدر وجودها وباعث نهضتها وأساس حضارتها وإليه ترجع عوامل ازدهارها وقوتها.
عوامل قوة الأمة
** رغم أن أمتنا ضعيفة إلا أن الأعداء ما زالوا يعملون ويخططون ألا تقوم لها قائمة ونحن من جانبنا نريد أن نبرز عوامل قوة الأمة لعلها تستعيد عافيتها فماذا تقول؟.پ پ
لابد أن نحسن قراءة التاريخ حتي نستفيد من ايجابيات الماضي ونتجنب الأخطاء ولا نكررها ومن يتأمل عوامل قوة الأمة الإسلاميَّة في عصرها الأول من قوة مادية ومعنوية وتأتي العقيدة علي رأس هذه العوامل جميعًا وما تبعها من يقَظة الوجدان والضَّمير وقوة الشعور بالمسئولية أمام الله ويرجع ذلك إلي أن العقيدة لم تكن فكرةً نظريةً خاملة خامدة في الشعور بل كانت قوة حية وكان من آثار تلك اليقظة للضمير التي هي نتيجة لقوة العقيدة وهيمنتها علي النفس أن وجدنا من العصاة من يذهب إلي الرَّسول صلي الله عليه وسلم ليعترف علي نفسه بأشد الجرائم وهو يعلم أن هذا الاعتراف سيُنزِل به أشد العقاب وقد كان يمكن له أن يستتر بستر الله له لأن الولاء للإسلام والانتماء إليه كان سابقًا ومقدمًا علي ما سواه من أنواع الانتماء والولاء الأخري ولقد كان هذا الولاء للإسلام يُعطِي للأمة عاملاً من أهم عوامل قوتها ويمدها بزاد متجدد من الصبر والاحتمال والقدرة علي مواجهة الصعاب ثم يعينها علي خوض المعارك في ميادين الجهاد.
ولابد أن نتأمل نقل الإسلام للعرب من العصبيَّة القبلية التي كانت سائدة قبل الإسلام إلي الوحدة القائمة علي الإيمان ثم وحد العرب وغيرهم من الشعوب الأخري التي أقبلت علي الإسلام وجعل من الجميع أمَّة واحِدَة متكافئة متماسكة كالجسد الواحد والبنيان المرصوصپ جمع المسلمين بأخوة تؤلف القلوب وتوحد الأمة بعد ان أقام تشريعه علي العدل الذي يستوي أمامه الجميع.
ولم تقف مسئولية الأمة والدولة في عصور الإسلام الزاهرة عند حد إبعاد الظلم أو إقرار العدل بل ترتفع إلي مستوي رفيع من الرحمة والرعاية للأفراد ومعاونتهم في مواجهة مشكلاتهم فمثلا تساعد الفقراء بتهيئة وسائل الكسب والعيش لهم وتساعد الغارمين في قضاء مغارمهم وتعاونهم في تدبير ضرورات حياتهم من المأكل والملبس والمسكن بل تساعد في تأثيث المسكن بالفرش والأثاث وتساعد غير القادرين علي الزواج ونحو ذلك مما تحدَّث عنه الفقهاء علي أساس من نصوص الشريعة وهذا ما لم تصل اليه أكثر الأمم رقيا وتقدما حتي الآن..فأين نحن من ذلك ؟
الوحدة ومفهوم الأمة
** كيف نستلهم ما فعله أجدادنا في وقت كانت فيه أوربا تعيش في الظلمات ؟
ما أحدثه الإسلام في توحيد المسلمين علي اختلاف لغاتهم وألوانهم في سنوات قليلة يشبه المعجزة لأن ذلك تم في سرعة ليس لها مثيل في التاريخ مع أن ذلك يقتضي في العادة جهودًا طويلة وزمنًا طويلاً هذا ما قاله جوستاف لوبون الذي يذكر أن الأمة الفرنسية لم تتمكن من توحيد مشاعرها وأفكارها وإيجاد روح خاصَّة بها إلا بعد عشرة قرون كاملة ومع ذلك لا يزال هذا التكوين ناقصًا جدًّا وربما كان أهم أثر ترتب علي الثورة الفرنسية في رأيه هو تعجيل هذا التكوين لأنَّها أجهزت علي الموانع الناتجة من تعدد الجنسيات الصغيرة في قلب الأمة ..أي أن وحدة فرنسا استغرقت قرابة الالف سنة فما بالنا اذا نظرنا الي خريطة الدولة الاسلامية في نهاية القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني سنجد دولة تضم اكثر من نصف العالم من المغرب الي حدود الصين.
مفاتيح النهضة
** كثر الحديث عن نهضة الامة وليس نهضة مصر فقط فما هو مفتاح النهضة من وجهة نظركم ؟
المفتاح في ثلاثة حروف هي ¢ العين - اللام - الميم ¢ بكل مشتقاتها خاصة ¢ علم وعمل ¢ حيث كونا معا أهم پعوامل قوة الدولة الإسلاميَّة پفي الماضي ولن ننهض الا بهما حيث لابد من تلازم علوم الدين والدنيا مع العمل الديني كأنك تموت غدا والعمل الدنيوي كأنك تعيش أبدا ويكفي ان نفهم معني نزول اول ايات القرآن ¢اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقي * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ¢ . لن تنهض الامة وتتقدمپ إلا بتكامل العلم والإيمان والعمل وكذلك تنشيط دور العلماء وطلبة العلم في نهوض المجتمع وتقدم المعرفة من خلالپ السير في طريق العلم والتفكير والعزم علي الوصول إلي أعلي المراتب العلمية.
مغالطة تاريخية
** ولكن الغربيين يقولون أننا أعداء العلم في حين يصفون بأنهم أرباب العلم في كل العصور .
هذه مغالطة لأن العلم في الإسلام ليس متصادما مع قدرة الله تعالي ولا تمردًا علي إرادته كما هو الشأن في بعض الحضارات السابقة علي الإسلام كالحَضَارة الإغريقيَّة القديمة التي تتمثل فيها المعرفة علي أنها جاءت قهرًا عن إرادةپ الآلهة وقد تم ذلك علي يد بروميثيوس الذي يوصف في الأساطير بأنه سارق النَّار المقدسة التي لم يكن زيوس كبير آلهتهم قد أنعم بها علي البشر خشية أن يصبح بنو البشر في غاية المهارة والمعرفة فيظنوا أنفسهم مساوين للآلهة ولكن بروميثيوس احتال للأمر حتي اقتبس النَّار من وهج الشَّمس فتعرض بذلك لغضب زيوس الذي انتقم من البشر جميعًا بسبب خديعة أحدهم له فابتلاهم بالأمراض والهموم ولكنه اختص بروميثيوس بأشد العقاب حيث أمر بتقييده بسلاسل من الحديد إلي صخرة عظيمة بحيث لم يكن يستطيع أن يحرك يدًا أو رِجلاً ثم سلط عليه نسرًا ضخمًا يأتي إليه كلَّ صباح لينقر جسده ويأكل كبده الذي ينمو مرة أخري في المساء وتلتئمُ جراحُ جسدِه لكي يأتيَ إليه النسر في الصباح الذي يليه وهكذا تتجدَّد آلامُه وأحزانه كل يوم بسبب سرقتِه للنار التي هي رمز للعلم والحياة في الأسطورة التي تكشف عن عقوبة الآلهة اليونانيَّة للإنسان عندما حاول أن يكتشف المجهول ويستقل بالعلم في غفلة منها أو رغمًا عنها.
مضحكة الأمم
** هذه مكانة العلم عند من يعيبون علينا تخلفنا العلمي ويريدون الغاء تاريخنا المجيد فيه .. فماذا عن مكانة العلم في ديننا الذي تقدم اجدادنا بسببه وتخلفنا وأصبحنا ¢ مضحكة ¢ الامم لتركه؟
العلم في الإسلام فهو فريضة يرفع أهلها أعلي الدرجاتپ حيث قال تعالي ¢يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتي¢ ومن هذه الدرجات التي ينالونها أنهم أهل الخشية لله القائل ¢إِنَّمَا يَخْشَي اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ¢ .كما انهم أهل العلم بآيات الله القادرون علي فهم الأمثال واستكشاف مواطن العبرة فيما خلقه الله القائل ¢وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ¢ . بل أنهم شهداء الله مِن خلقه علي التَّوحِيد لا يسبقهم فيه هذه الشهادة إلا الله تعالي وملائكته فقال ¢شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ¢ .والإنسان مطالب بالاستزادة منه دائمًا وليس أكرم علي الله من رسوله صلي الله عليه وسلم الذي أمره الله تعالي بقوله ¢وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا¢ . فالمشكلة اننا صورة منفرة للإسلام . واين نحن من قول رسول الله صلي الله عليه وسلم ¢من سلك طريقًا يلتمِس فيه علمًا. سلك الله به طريقًا من طرق الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتَها لطالب العلم. وإن فضل العالم علي العابد كفضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب. وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض وكل شيءي. حتي الحيتانُ في جوف الماء. وإن العلماء ورثة الأنبياء. وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا. وإنما ورثوا العلم. فمن أخذ به أخذ بحظ وافر.¢پپ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.