قال الكاتب شريف حتاته، الروائي والمفكر اليساري، إنه قضي خمسة عشر عامًا من حياته في السجون والمعتقلات، ويقول عن هذه الفترة: "دخلت المعتقل أول مرة في عهد الملك فاروق، وحكم علي ب 6 سنين أشغال شاقة، وفي تلك الفترة هربت من السجن إلي فرنسا، ثم عدت إلي مصر، وحكم علي بالسجن 10 سنوات". وأضاف قائلًا: "أتذكر الفترة التي قضيتها في السجن الحربي، فمازلت أشعر بالألم الجسدي والنفسي، الذي عانيت منه في هذا السجن، حتي أنني أصيبت بالانهيار العصبي، وكنت أود ضرب الجلاد حتى الموت ولكنني لم أفعل، وبشكل عام أنا سعيد جدًا بالفترة التي قضيتها في السجن، ولست نادمًا عليها، وأري أني إنسان محظوظ". وتابع حتاته: "المجتمع المصري الآن يبني على التفرقة بين الناس، على أساس الطبقة والدين والجنس، وهذا النوع من المجتمعات لا بد أن يوجد به قهر، والقهر معاد للفكر والإبداع، لأن الإبداع يريد أن يخترق ما هو قائم؛ ليصل إلى ما سوف يقوم، وإذا كان مجتمعنا يؤسس للقهر فبالتالي لا يوجد إبداع". وفي حديثه عن ثقافة الستينيات، يقول: "أعتز كثيرًا بفترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، رغم أنه اعتقلني، فهذه الحقبة الزمنية كان بها ازدهار ثقافي، وتوهج فكري وإبداعي، لأن المجتمع المصري كله كان ملتفًا حول مشروع قومي نهضوي، وكان هناك أمل في تحقيق الانتصار، فكنا نجد المسرح والسينما الهادفة والندوات العلمية والثقافية المؤثرة حتى في البسطاء". وعن تجربته الإبداعية، يقول: "بدأت الكتابة الأدبية وأنا في الثالثة والأربعين من عمري، فقبل ذلك كنت منهمكًا في النضال السياسي، منضمًا إلي حركة يسارية كان اسمها (الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني)، وحتى ذلك السن، ورغم حبي للأدب وقراءاتي المستمرة لم أكتب أدبا، وأول رواية كتبتها كانت بعد زواجي من الكاتبة نوال السعداوي، الروائية والمناضلة من أجل حقوق المرأة، أصرت على فني واستطاعتي أن أكتب أدبًا، ولولاها ما كتبت". ويحكى عن روايته الأولى النوافذ المفتوحة، قائلًا: "كانت هذه الرواية من وحي السنين التي قضيتها متنقلًا بين سجون الوطن، من وحي السجن الحربي، ليمان طره، والواحات والمحاريق في جنوب الصحراء الغربية، وتحكي الرواية عن جيل من اليساريين وحياتهم، كيف واجهوا تجربة السجن واجتازوها، وكيف انهار بعضهم ولماذا؟ ولكن ما أغضبني هو النقد الذي صاحب الرواية، فأتذكر إحدى الناقدات التي وصفتها بأنها رواية ركيكة، وكاتب آخر قال أنها تنتمي إلى السيرة الذاتية، ولا تعد رواية، وهذا ما أحزنني، فهل كتابة السيرة الذاتية لا تعد أدبًا". واستكمل قائلًا: "أنا دائمًا أكتب عن ذاتي وأكتب عن تجربتي في السجون والمعتقلات، حتى رواياتي التالية للنوافذ المفتوحة، أجد أنها تتضمن دون استثناء جوانب هامة من حياتي، فالكتابة إلى حد كبير انعكاس لحياة الكاتب، وفي السنين الأخيرة زاد الطابع الذاتي في الكتابات العالمية، كما أن الذاتية ظاهرة ملحوظة في الكتابة النسائية، ولهذا السبب يعاملها الكثيرون من النقاد العرب وهم عادة رجال باحتقار". "رقصة أخيرة قبل الموت" هي آخر روايات حتاته، ويقول عنها إنه كتبها لأن هاجس الموت كان ومازال مسيطرًا عليه، فعندما كان يتذكره الموت، كان يحاول نسيانه بالكتابة والرقص. لا يرغب المناضل اليساري في الكتابة عن ثورات الربيع العربي، أو الثورة المصرية؛ لأنه يري أن هذه الثورات لم تكتمل بعد، ومن ثم أي عمل أدبي عنها سيكون سطحيًا وغير ناضج، ولا يعبر عن أعماق الحدث الثوري.