قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها أن مصر باتت على مقربة من توقيع اتفاق صعب المنال مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار للمساعدة في استقرار اقتصادها الذي يعاني من حالة الفوضى والجمود السياسي التي أعقبت الإطاحة بحسني مبارك قبل عامين. وأضافت الصحيفة: " يبدو أن صندوق النقد الدولي يستعد للقيام باتفاق سريع لأن أي اتفاق مع مصر يجب أن يكون بالفعل له جدول زمني واقعي من الناحية السياسية حتى يكون الاتجاه واضح، وهذا لم يحدث حتى الآن ". واعتبرت الصحيفة البريطانية أنه بهذه الطريقة سيكون قرض صندوق النقد الدولي بمثابة جائزة كبيرة للرئيس محمد مرسي؛ حيث يأتي في وقت تراجعت فيه مصداقيته واقتراب خوض جماعة الإخوان المسلمين للانتخابات البرلمانية. وقالت الصحيفة إن مصر حتى الآن في أزمة عميقة وخزينتها رغم بعض المساعدات التى تلقتها من حلفائها العرب فارغة، ولم تعد الحكومة تستطيع تمويل عجز الموازنة الذي وصل إلى حوالي 12 % من الناتج القومي المستمر في الانكماش. وأضافت أن حوالي 40 مليون مصري، تقريبا نصف السكان، يعيشون تحت خط الفقر. وقد أدى السقوط الجزئي لرأسمالية المحسوبية في عهد مبارك إلى ضربة للاستثمار، وتوقيع اتفاق النقد الدولي يمكن أن يعطي رخصة البدء في تدفق تمويلات أخرى مصر في حاجة ماسة إليها. لكن للحصول على ذلك، فإن حكومة مرسي بحاجة إلى زيادة الضرائب، وقبل كل شيء، خفض الدعم عن الوقود والمواد الغذائية. ورأت الصحيفة أنه سيكون من الأفضل بكثير إنهاء نظام الدعم العيني وإعطاء بدلا من ذلك إعانات نقدا للفقراء. في الوقت ذاته، أوضحت "فايننشال تايمز" أنه لا يوجد إجماع على هذه الإجراءات الاقتصادية. ومن جهة أخرى، لفتت "فايننشال تايمز" إلى أن هناك أيضا عقبات سياسية هائلة تحول دون إتمام اتفاق القرض مع الحكومة المصرية، مشيرة إلى أنه بعد 85 عاما من العمل بشكل سري، لا تزال جماعة الإخوان المسلمين تتصرف بشكل غريزي كأنها المعارضة، وليس الحكومة. وهذا هو جزء من السبب وراء الاشتباكات شبه اليومية في الشوارع بين الإسلاميين والمعارضة الليبرالية والعلمانية، كما أن قادة جماعة الإخوان يعملون كحكومة موازية بل وأكثر قوة من الحكومة الحالية جنبا إلى جنب مع مرسي. وأكدت الصحيفة البريطانية أنه في هذه المرحلة الانتقالية المضطربة، يجب على مرسي وزملاؤه أن يكونوا واضحين بشأن عما إذا كانوا يعتزمون حكم مصر نيابة عن جميع مواطنيها أم سيستمرون في ما يبدو أنه مسيرة طويلة في سعيهم للسيطرة على كل مؤسسات البلاد. ومن جهته، يجب أن يصر صندوق النقد الدولي - كجزء من هذا الاتفاق - على أن تكون السلطة بالكامل في يد حكومة منتخبة خاضعة للمساءلة وتتسم بالشفافية.