فى ظل التوترات القائمة بين مصر والإمارات، والتصريحات التى تصدر بين الحين والآخر من قائد عام شرطة دبى ضد النظام الحالى فى مصر، والعلاقات غير الواضحة بين مؤسسة الرئاسة والأزهر، تأتي هذه الجائزة لتضعنا أمام تساؤلات عدة، أهمها: هل لها هدف سياسي، أم لا؟ مع حفظ قامة شيخ الأزهر الأسمى عن أي اتهام، ولا يغيب عن أحد إسهاماته فى الثقافة والحفاظ على وسطية الإسلام، ولكننا نضع الآراء بين أيدي القراء بدون إبداء رأى. يرى الدكتور مصطفى سعداوى أستاذ القانون الجنائى بجامعة حلوان أنه "مع تقديرنا لفضيلة الإمام الأكبر وإجلاله فإنه لا يجوز له فقهًا أن يقبل جائزة من حاكم، أو يكافأ على عمل أتاه؛ لأنه واجب ولا يشكر صاحب الواجب"، مضيفًا "أعتقد أنها عمل سياسى، وهى مكافأة من الدولة الشقيقة لفضيلة الإمام عن بعض المواقف، وأتوقع أن قبول فضيلته لهذه الجائزة يضعه فى صدام مع الإخوان". فيما عبر الشيخ محمد عاشور وكيل مشيخة الأزهر سابقًا عن أنه لا يعلم ماهية الجائزة، وهل هى جائزة دينية، أم علمية، أم سياسية. وقال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بالأزهر إن الطيب قامة، وهو إمام أهل السنة فى العالم، وليس مستغربًا أن تعطى له هذه الجائزة، مشيرًا إلى أن الإمام الطيب يتسم بالتسامح والوسطية، واستطاع أن يقود الأزهر وسط الأجواء العاصفة من الإخوان والسلفية، ولم يركن إلى طائفة بعينها. وأضاف كريمة أن شيخ الأزهر أعاد البريق للأزهر ودوره الوطنى منذ ثورة 25 يناير وما بعدها، وكان يخرج البيانات التى تساعد فى تخفيف الاحتقان. وقال الشيخ إسلام هاشم عضو لجنة الفتوى فى الأزهر "هى جائزة فى المقام الأول، ولا يخفى على أحد مواقف الإمام ضد الثورة وفتواه بإقامة حد الحرابة على المتظاهرين الذين خرجوا ضد مبارك وأنه لا يجوز الخروج على الحاكم. ولفت هاشم إلى أن القانون 103 والذى جعل السلطة كلها فى يد شيخ الأزهر وقع قبيل انعقاد مجلس الشعب فى توقيت مريب، وأن الطيب عين هيئة العلماء التى تنتخب شيخ الأزهر وأنه فى الوقت الذى يطالب فيه بالحرية يمارس الديكتاتورية داخل الأزهر. وأشار إلى أن معظم رموز النظام السابق تقطن فى دبى والطيب نفسه كان عضوًا فى أمانة السياسات فى الحزب الوطنى، مؤكدًا أن الجائزة سياسية، وتساءل "لماذا يتمسك به العلمانيون واليساريون المتطرفون وليس المعتدلين إلا إذا كان يوافق أهواءهم؟". واستنكر هاشم قائلاً "كيف يقبل الطيب هذا التكريم من دولة كلنا رأينا ما فعلته ضد العمالة المصرية هناك؟ لماذا لم يأخذ موقفًا ضدها؟". "لا أعتقد أن الجائزة سياسية، فهى تتم عبر معايير موضوعية"، هكذا قال الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مضيفًا "فالطيب له خطوات ملموسة فى الأزهر، ومن هم قريبون منه يعلمون أنه نظيف اليد عف اللسان، وهو لم يجامل الإمارات". وقارن الجندى بين من يسجنون داخل المناصب ويعملون من أجل مصلحتهم الشخصية فقط ومن يعملون من أجل الجميع، مشيرًا إلى أن فضيلة الإمام ليس من النمط الأول، وإنما يريد أن تسود الوسطية فى جميع ربوع العالم الإسلامي. جدير بالذكر أن جائزة "الشيخ زايد للكتاب" في دورتها السابعة منحت لقب شخصية العام الثقافية للإمام الأكبر فضيلة الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر. وتهدف هذه الجائزة إلى تقدير المفكرين والباحثين والأدباء الذين قدموا إسهامات في الفكر، واللغة، والعلوم الاجتماعية، وفي ثقافة العصر الحديث، بالإضافة إلى تكريم الشخصيات الفاعلة التي قدمت إنجازات متميزة على المستويين العربي أو العالمي. يذكر أن الطيب عمل في السابق مفتيًا للديار المصرية ورئيسًا لجامعة الأزهر، ولديه مؤلفات عديدة في الفقه والشريعة الإسلامية، كما ترجم عددًا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية؛ نظرًا لإتقانه اللغتين الفرنسية والإنجليزية.