تتعرض المرأة فى الفترة الأخيرة للعديد من التجاوزات فى حقها من سب وقذف على الشاشات الدينية،ونحن نعلم أن الاعتدال والأخلاق والوسطية هى من جوهر الدين الإسلامى الصحيح ،على الشاشات الدينية، بل وصفها بأقذع الألفاظ ،لذا كان يجب أن نعرف الصورة الحقيقية للمرأة فى الإسلام و ما تتعرض له من خطاب متشدد. يقول د.أحمد محمود كريمة -أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر-، أنه لا ينقصنا بالاستقراء فى القرآن الكريم والسنة النبوية أن المساواة بين الرجل والمرأة تبدو فى أوضح صورها ،قال تعالى " إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " ،وقال تعالى " ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا " ،وقال الرسول"ص" "النساء شقائق الرجال " . وكل هذه الآيات والأحاديث تؤكد أن الإسلام كرم المرأة بدءا من مولدها وتسميتها باسم حسن وذبح عقيقة عنها كالذكر وتربيتها وتعليمها وتزويجها والإنفاق عليها. وأضاف أن القرآن كرم الكثير من النساء لأمهات الرسل كالسيدة مريم أم عيسى ،وأم موسى ،كما جعلها الرسول مستشارة فى صلح الحديبية ومنح الرسول السيدة "أم سلمة مهام سياسية كبيرة وكان يستشيرها فى مهام كثيرة". ونجد نماذج مشرفة للمرأة فالمفتية كالسيدة عائشة رضى الله عنها ، والمجاهدة كالخنساء ،والمهاجرة ،والعالمة كالشيخة كريمة إحدى شيوخ الإمام البخارى ،والسيدة نفيسة العلم فى مصر إحدى تلميذات الإمام الشافعى. وأشار "كريمة" أن كل هذه النماذج تمثل الوجه الصحيح للمرأة فى الإسلام ،والدور الإيجابى اللاتى قمن به ،فقد هاجرت وحاربت وجاهدت وشاركت فى المعارك وضمدت جراح المصابين وسقت العطاشى ،والإسلام أيضا لم يمنعها من تولى القضاء ولا رئاسة الدولة ولا الوزارة ، ولكن خوفا عليها من الأعباء فقط، وليس من باب الذكورة والأنوثة. وما يحدث للمرأة المصرية اليوم من هجوم شرس ليس من الإسلام فى شىء ،فالذى نشاهده الآن على قنوات المتسلفة الوهابية هو نقل لأعراف بيئية صحراوية تعلى من الذكورية وتحط من الأنوثة ،وتم إلصاقها بالإسلام زورا وعدوانا. وأكد أن الدين الذى لايجعل فيه الجنة تحت أقدام أى مخلوق سوى المرأة يمكن أن نتصور أنه يهينها أو يحتقرها بهذه الصورة الفجة ، ومثل هؤلاء يقدمون خطابا مغلوطا، والتصدى له مسألة معقدة جدا. والعبء يقع على الأزهرالشريف والإعلام الإسلامى المعتدل والعلماء الراسخين ،للرد على متسلفى الوهابية ،ولكن لا نمتلك ذلك الزخم الاعلامى التى تمتلكه مثل هذه الجماعات المتسلفة . أكدت د.آمنة نصير -أستاذ العقيدة والفلسفة والعميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهربالإسكندرية-،إن كل مايخص المرأة من أحوال شخصية وحضانة وخلع وماتبعها من هذه القضايا خرجت من الشريعة الإسلامية التى كفلت حقوقها ومنحتها مزايا لاتوجد فى أى أديان أخرى. وذكرت أنها لا تريد للمرأة المصرية الآن أكثر مما حظيت به المرأة فى العهد النبوى ،حيث تمتعت المرأة الصحابية بميزات لن تتكرر فى أى زمن، فالرسول الكريم منح كلا من "أم عمارة "نسيبة بنت كعب الأنصارية"، وأم منيع "أسماء بنت عمرو"-رضي الله عنهما-،الحق فى المشاركة السياسية فى بيعة العقبة الأولى والثانية ،فأعطت كلتيهما الحماية للرجال . واستنكرت نصير مايحدث الآن من خطاب دينى متشدد ،للمرأة، حيث يتم فيها اختزال المرأة فى كونها عورة أو فتنة أو غريزة يجب إخفاؤها وقمعها حتى لا تقع فى الخطيئة، وأشارت أن غياب هذا الخطاب الدينى المعتدل ساهم فى التحقير من شأن المرأة وأباح الاعتداء عليها وانتهاك أعراضها فانتقل هتك الأعراض الذى يمارسه شيوخ السلفية على الشاشات إلى أرض الواقع من التحرش والاغتصاب الجماعى لفتيات وسيدات مصر. . وأشارت أن هذا الخطاب المتطرف، لم يذكر أن المرأة هى تلك التى أنجبت أعظم الرجال والعلماء كما قال "الجوزى"، الذى يمثل رأس السلفية الحقيقية وليس سلفية هذا الزمان . وأضافت نصير أن آفة هذا العصر الفقر والجهل ،مشيرة أن كليهما يؤديان إلى مزيد من استخدام المرأة واستغلالها ،وهذا ما يحدث فى كل انتخابات برلمانية نجد شراء أصوات النساء بكيلو سكر او زيت ،وقالت "أنا لا أستطيع أن ألقى باللوم على هؤلاء السيدات اللاتى يحصلن على هذه الرشاوى الانتخابية لضيق ذات اليد، ولكن أطلب منهن أن يحمين مستقبلهن ومستقبل أولادهن ولا تعطى صوتها لمن يطلب شراءه فهو لايريد مصلحتها، ولن يقدم لها إلا مزيدا من القمع والفقر. ويتفق معها د.على عبد الباقى -أمين عام مجمع البحوث الاسلامية-، قائلا إن الاسلام أعطى للمرأة حقوقها وأعطاها قيمة بعد أن كانت تراثا من التركة التى يتركها الزوج ، مؤكدا أن النساء شقائق الرجال، لاتتميز عنهم فى شىء . وكل هذه المساواه تتضح فى الحقوق التى كفلها لها فى الزواج ، وأيضا عند الطلاق فلم يمنح الرجل فقط العصمة بل منحها أيضا الحق فى طلب الخلع ،ومن ثم فأعطاها حقوق مساوية للرجال. أشار عبد الباقى ان القران دلل فى صور ومواضع كثيرة على قدرة المراة على القيام بمهام مختلفة وانها ليست كائن منقوص كما يشاع عنها ويروج من مفاهيم خاطئة ،فقال الرسول "خذو نصف دينكم من هذه الحميراء" إشارة على السيدة عائشة"، وأسماء بنت ابى بكر تسمى بذات النطاقين حيث كانت ترتدى بالباس الملثم وتشارك فى الغزوات ،كما تولت "الشيماء بيت الربيع " الحسبة فى عهد عمر بن الخطاب وكانت مهامها مراقبة الأسواق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ،والتعرف على مطالب الناس وهو منصب سياسي بحت يثبت تمكين الإسلام للمرأة . وتفسير "عبد الباقى"، للهجمة التى تتعرض لها المرأة المصرية الآن يعود إلى السبعينات واستيراد أفكار الوهابية من دول الجوار ،وظهرت الجماعات الإسلامية المتشددة بأفكارها الوهابية التى تبيح قتل من يختلف معهم فى الراى ،والدليل على ذلك أن قبل ثورة 1952 كان المجتمع يعيش فى سماحة واعتدال ولم يكن هذا التشدد الذى يقوم بازدراء المرأة وتحقيرها موجودا آنذاك. وأشار إلى أن من أوائل القرن العشرين وعندما كان المجتمع متسامحا يدعم المراة ويساندها كانت نتيجته الطبيعية ظهور النابغات أمثال نبوية موسى ،وهدى شعراوى ،وسميرة ناصف، ونجوم الصحافة والإعلام والسياسة . وأكد أن مايحدث من خطاب دينى متطرف يتفوه به هؤلاء الدعاة ليس له علاقة بالإسلام الصحيح،والدعوة الآن أصبحت لتحقيق مكاسب مادية فقط وليس ابتغاء وجه الله . مؤكدًا أن الأزهر وحده وعلماءه هم الذين يتولون مهام الدعوة الصحيحة من أجل نشر الدين الصحيح المعتدل ،وهم لا يكفرون ولا يستخدمون الشتائم والسباب كما يفعل الآخرون . Comment *