يجب التوجه إلى الاتحاد البرلماني الدولي بطلب لشطب عضوية مجلس الشورى المصري من عضويته وذلك لأن الاتحاد البرلماني الدولي يقبل عضوية البرلمانات الديمقراطية والتي يتوافر فيها خمس معايير أساسية وهي: أن يكون البرلمان ممثلاً لكل فئات الشعب ويحقق مصالحهم، وشفافاً، وسهل التواصل معه، وخاضعاً للمساءلة، وفعالاً، وذلك إيماناً من الاتحاد البرلماني بأن البرلمان القوي هو علامة مهمة على ازدهار الديمقراطية. وبتطبيق هذه المعايير على مجلس الشورى المصري بتشكيلته الحالية سوف نصل إلى عدد من الملاحظات كالتالي: 1- أن مجلس الشورى الحالي جاء بناء على الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011 والذي أرسى نظام الغرفتين التشريعيتين متمثلة في مجلس الشعب "الغرفة الأولى" المكون من 498 عضواً بدلاً من 504، ويختص بإقرار السياسات العامة للدولة، وإصدار التشريعات والقوانين، والغرفة الأخرى خاصة بمجلس الشورى المكون من 270 عضوا بدلا من 390 عضوا، ويختص بالإفادة بالرأي نحو الموضوعات المحالة إليه من قبل رئيس الجمهورية من مشروعات القوانين وما يتعلق بالسياسة العامة. 2- أنه تم الدعوة لانتخاب مجلس الشورى رغم المطالبات الكثيرة التي نادت بإلغائه ووسط جدل حول جدواه وصلاحياته، لأنه يتم التعامل مع المجلس على أنه مجلس استشاري، وتتمثل مهمته في الدراسة والاقتراح وإبداء الرأي في الموضوعات التي تندرج في نطاق اختصاصاته، كما أنه لا يملك سلطة التقرير في الشئون التشريعية، إضافة إلى عدم امتلاكه أدوات رقابية كتلك التي يمتلكها مجلس الشعب، فهو لديه أداتان رقابيتان: الاقتراح برغبة، وطلبات المناقشة ومن ثم فهو ليس مجلسا تشريعيا. 3- أن الدافع لإنشاء مجلس الشورى هو إيجاد هيئة تقوم بتعيين رؤساء تحرير الصحف القومية لتظل تحت سيطرة النظام القائم الأمر الذي يخالف المبادئ الديمقراطية، حيث يجب أن يدعو المجلس إلى انتخاب رؤساء التحرير من قبل مؤسساتهم وليس من قبل المجلس نفسه ليضمن رقابة السلطة الرابعة على أداء السلطة التنفيذية والتشريعية أيضا. 4- أن من الأسباب التي دفعت للمطالبة بإلغائه هو إهداره للوقت والمال والجهد، بالإضافة إلى أن النظام السابق كان يعين الشخصيات التي لم تجد لنفسها مقعدا في مجلس الشعب وذلك لشراء ولائها. 5- أن المجلس لا يختلف عن المجالس القومية المتخصصة، واختصاصاته عبارة عن مجرد آراء ودراسات لا يؤخذ بها في الأغلب الأعم من قبل مجلس الشعب، وبالتالي يجب إلغاؤه. 6- لم يأت البرلمان محققا معايير عضوية البرلمان في الاتحاد البرلماني الدولي وذلك للأسباب التالية: - أنه جاء بمشاركة 7% فقط من الكتلة التصويتية وهو ما يتنافى مع معايير الاتحاد البرلماني الدولي والخاصة بأن البرلمان يجب أن يكون ممثلا لكافة فئات الشعب من خلال انتخاب برلمان يمثل الشعب اجتماعيا وسياسيا ويلتزم بمبدأ تكافؤ الفرص بالنسبة لأعضائه لكي يتمكنوا من ممارسة المهام المنوطة بهم. - لم يتم وضع نظام وعملية انتخابية حرة ونزيهة من خلال إتباع وسائل تضمن تمثيل كل قطاعات المجتمع ومشاركتها بطريقة تعكس التنوع الوطني والمساواة بين الرجل والمرأة، وتمثيل المجموعات المهشمة أو المستبعدة، وقد انعكس ذلك جليا على تركيبة المجلس، حيث افتقر للكفاءات والتخصصات التي تحتاجها عملية التشريع، سواء من الناحية القانونية أو الاقتصادية، فضلا عن تمثيل المرأة ب 8 عضوات والأقباط ب 12 عضوا والمؤسسات الدينية ب 13 عضوا والكنائس ب 8 أعضاء والأزهر ب 5 أعضاء، والملفت في ذلك أنهم جميعا جاءوا بالتعيين وليسوا بالانتخاب، مما يعني أن انتخابات المجلس لم تسفر عن تمثيل حقيقي لكافة قطاعات المجتمع. - لم يشهد البرلمان تمثيلا لكافة القوى السياسية، حيث يحتل حزب الحرية والعدالة 107 مقعدا، بنسبة تصل إلى 58.8% من المقاعد، يليه حزب النور ب46 مقعدا بنسبة 25.5% وبعد إضافة التعيينات الجديدة يحتفظ الحزبان بالأغلبية في المجلس ليكون ظهيرا للرئيس وجماعته في تمرير قوانين الانتخاب التي ستتم على أساسها انتخابات مجلس الشعب القادمة. - بعد تعيين 90 عضوا بالمجلس من قبل رئيس الجمهورية لم يحدث تأثيرا لصالح القوى المعارضة التي لا يوجد لها تمثيلا في المجلس، بل استمر استحواذ التيار الإسلامي على الأغلبية من المجلس، حيث حصل الإخوان على 13 مقعدا آخر ليرتفع نصيب الحرية والعدالة إلى 116 والنور أصبح عدد أعضائه 49 بعد تعيين 8 أعضاء له، وحزب البناء والتنمية خمسة أعضاء بعد تعيين ثلاثة له، كما تم تعيين عضو عن حزب الأصالة، و9 عن حزب الوسط، ليرتفع عدد الأعضاء المنتمين للتيار الإسلامي إلى 181 عضوا من إجمالي عدد أعضاء مجلس الشورى البالغ عددهم 270، وهو ما يجعل التيار الإسلامي ضمن نسبة الأغلبية، ويضمن التصويت بنسبة الثلثين، على أي قرارات خلافية. بعد ما تقدم، كيف يبقى الاتحاد البرلماني الدولي على عضوية مجلس الشورى الذي منح دورا تشريعيا من قبل دستور باطل وانتخابات مزورة، الأمر الذي يعد تدليسا وخداعا للشعب الذي رفض هذا المجلس منذ البداية ولم يذهب لانتخابه، وخداعا من قبل السلطة القائمة التي حولته من مجلس استشاري إلى مجلس للتشريع، مما يشكك في كافة القوانين التي ستصدر عنه، فضلا عن أنه مشكوكا في دستوريته، وقد رفعت دعاوى قضائية لحله منظورة الآن أمام القضاء المصري، ومن ثم على الاتحاد البرلماني شطب عضوية مجلس الشورى لمساندة الشعب الذي قام بثورة عظيمة يرغب في تحقق الديمقراطية والحرية من خلال برلمان يمثل كافة فئات المجتمع ويكون شفافا وسهل التواصل معه، وخاضعا للمساءلة، وفعالا. Comment *