مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط عقارات اليوم الواحد، والعقارات سريعة التجهيز مسميات يمكن إطلاق وصفها على المبانى العشوائية التى ظهرت إلى الوجود بعد ثورة 25 يناير فى ظل غياب الرقابة الأمنية دون مراعاة النظريات والأسس الهندسية والعلمية المتبعة فى عمليات التشييد والبناء، والتى تعكس كارثة حقيقية تعيشها جميع محافظات الجمهورية، وتحتضن بين جنباتها قنابل موقوتة شديدة الانفجار يدفع ثمنها المواطن المصرى المتعطش إلى وحدة سكنية لتكون له ملاذا ومأوى. فصعوبة الاجراءات اللازمة للحصول على تراخيص البناء، وجشع الملاك ورغبتهم فى الحصول على مالايحق لهم ببناء أدوار أكثر من المسموح بها فى رخصة البناء هما سببان جوهريان أديا إلى إنتهازهم فرصة الانفلات الأمنى لتحقيق حلمهم فى امتلاك أبراج سكنية. واكتسبت مافيا الأراضى والمقاولات والعقارات المخالفة قوتها من الغياب الأمنى الذى تحالف مع انعدام الضمير، فهناك كوارث ومآسى وجرائم بلا عقاب أدت إلى استشراء عمارات الموت بعد الثورة. ويعد انهيار عقار الإسكندرية الذى وقع فى منطقة المعمورة البلد صباح اليوم إنعكاسا لتلك الظاهرة، فانهيار هذا العقار ليس الأول ولن يكون الأخير، حيث أدى قيام عدد من المواطنين بالاسراع في البناء أو التعلية على مبان كائنة بالفعل دون ترخيص فى معظم شوارع مصر، عازفين على وتر أزمة الاسكان فى مصر، مما يهدد أرواح الكثير من المواطنين أو يضيع عليهم أموالا أدخروها لشراء سكن. وقد أكدت غرفة مواد البناء والخبراء خطورة انتشار مخالفات البناء، وضرورة حصر الوحدات المخالفة، والتى لم يصدر بشأن إقامتها أى ترخيص أو تصريح ، وتطبيق الإجراءات القانونية اللازمة، من إزالة أو فرض غرامات أو صدور أى من الأحكام القضائية على أصحاب العقارات المخالفة. ويعد الركود الذى ساد جميع جوانب الأنشطة الحياتية فى مصر عقب ثورة 25 يناير استثنى قطاع البناء والتشييد منه الذى شهد انتعاشا ملحوظا فى ظل عدم وجود رقابة، وتجاوزت نسبة الطلب على مواد البناء أكثر من 80%. والتوحش الجنونى للبناء المخالف فى مصر ينذر بكارثة خلال فترة زمنية قصيرة، الأبعاد القانونية لتجنبها تتمثل فى الازالة أو فرض غرامات في ظل وجود الأمن، وصراع البناء العشوائى السريع مازالت فى أوجها، حيث ظهرت خلال أشهر قليلة مئات العقارات المرتفعة فى كافة المناطق والاحياء والمحافظات كل عقار لا يستغرق بناؤه أكثر من أسبوع بتشطيبه وتسكينه أيضا للحيلولة دون تنفيذ القانون الذى يقف مكتوف الأيدى ولا يطبق فى حالة وجود سكان بالعقار المخالف. وقد شجع اتمام التصالح مع ملاك العقارات المخالفة دون أدنى عقوبة على الاستمرار و التوسع فى البناء العشوائي، والأمر الغريب والخطير أنه رغم هذا الكم الرهيب من البناء العشوائى يشهد المجتمع المصرى بصفة عامة ركودا فى حركة البيع والشراء بالسوق العقارى وصلت خسائره الى مبالغ رهيبة. والحلول المقترحة لهذه المشكلة تكمن فى تنفيذ قانون البناء الموحد والتوسع العمرانى الأفقي، وتتعدد الأسباب العمرانية والتخطيطية للاسكان العشوائي التي لعبت دورا كبيرا في تدهورالمناطق السكنية المختلفة ومنها ضآلة فرص الحصول على المسكن خاصة بالنسبة للشباب فى مقتبل العمر. ونظرا لعدم وجود مخطط شامل يحدد النمو العمرانى لهياكل المدن القائمة مما يجعل النمو العشوائى للمدينة أمرا واردا، ووجود هذه المناطق أصلا فى منطقة غير مرغوبة سكنيا مما أدى إلى تخلفها عمرانيا منذ نشأتها، وانتشار المناطق الصناعية خارج النطاق العمرانى وعدم توفر المساكن المناسبة للعمال مما يؤدى إلى سكنهم على الأراضى الزراعية المجاورة لهذه المصانع أو فى القرى القريبة وما فى ذلك من خطورة على الأراضى الزراعية. وللمشكلة أسباب اجتماعية، حيث تعتبر مشكلة الإسكان مشكلة اجتماعية فى المقام الأول، ومنها ارتفاع معدلات النمو السكانى بصورة مضطردة مما كان له انعكاس كبير على مشكلة الإسكان وخاصة فى المناطق الحضارية لما يرتبط به من زيادة فى الطلب على الوحدات السكنية. أخبار مصر - أخبار - البديل Comment *