بدا لبعض الوقت للأسف أن هناك في حياتنا السياسية والوطنية، من تناسوا، أو تسامحوا، في الجريمة الكبرى الشائنة، محاولة جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمهم الخاص، اغتيال جمال عبد الناصر، قائد الثورة التي انتظرتها الجماهير سنين طوال والتفت من حولها وعلقت عليها كل الآمال!. عن نفسي، كمواطن مصري وعربي، وكوطني قبل أن أقول كمنتم لنهج جمال عبد الناصر والتيار الثوري الذي رفع لواءه، لم ولن أتناسى أو أتسامح للحظة: في أنهم دبروا وشرعوا في محاولة القتل تلك، وأنهم أجرموا وأذنبوا، وأن عليهم اليوم أن يعترفوا بفعلتهم.. وأن يعتذروا عن إثمهم. على الأقل من باب النقد الذاتي المحمود، ومن باب الشجاعة الأدبية وفضيلة الاعتراف بالحق والحقيقة!. لكنهم (وهذا ضمن ما يكشف طبيعتهم الراسخة) يرفضون حتى الآن في عناد وصلف وكبر، أن يعتذروا.. أو حتى أن يعترفوا. بل يلوكون باستمرار ويكررون هذا الهراء، وأسطوانة بالية فاسدة تردد وتهزل في الجد: (نحن لم نحاول اغتيال عبد الناصر "أبداً أبداً".. وكل ما يقال في هذا الأمر، هو "تمثيلية" أو "مسرحية".. لا ليس حقيقياً! لم يحدث!). هكذا يمارسون عادتهم وطبيعتهم في المكابرة والإنكار، بدلاً من ثقافة وفضيلة الاعتذار وشجاعة الرجال!. بل إنهم جميعاً، ظلوا على هذا المنوال، والقول الزائف الكذوب.. يرددونه ويزيدون فيه كلما جاء ذكر الواقعة، حتى على لسان من يحلو لهم أن يقدموا أنفسهم بانهم جناح الإصلاح في الجماعة، أو الجناح المنفتح (مثل أبو الفتوح سواء قبل خروجه أو إخراجه من الجماعة أو بعد ذلك!). نعم عن نفسي، سأظل لا أضع يدي في يد أحد منهم، الملطخة، عبر الكثير من الوقائع الدموية والإرهابية المخزية. من القاضي الذي اغتالوه قبل ثورة 23 يوليو.. إلى محاصرة القضاة في المحكمة الدستورية العليا بعد ثورة 25 يناير، ومن تنظيم 1965 الإرهابي "القطبي" نسبة إلى زعيمه سيد قطب إلى ميليشيات الهجوم المجنون على المعتصمين السلميين في محيط قصر الاتحادية!. وهيئات "النهي عن المنكر" القادمة إلى المجتمع سافرة عدوانية، وفي ظل رجلهم في الحكم الذي لا أدري كيف يطلقون عليه أول رئيس مدني منتخب شرعي.. فيا للهزل!. إن واقعة جريمة الشروع في قتل قائد ثورة يوليو، ثابتة بكل القرائن بل والأدلة القاطعة، والاعترافات والتحقيقات الكاملة، بل إنه قد أصيب بالفعل من كان يقف إلى جوار جمال عبد الناصر في المنشية أثناء إلقاء الخطاب الذي شهد الواقعة، بينما رصاصات الغدر الإخوانية تنطلق في هيستيرية الجماعة وتنظيمها الخاص. بل سأظل أدعو إلى نفس موقفي، غيري من الحريصين على الحق وعلى الحقيقة، وطنياً وإنسانياً وأخلاقياً. إنه الحرص على إحقاق الحق والعدالة، وليس روح الثأر أو الانتقام، وإنه الحرص على المستقبل الوطني المبني على تاريخ وطني واضح، صحيح، وليس أبداً من باب التقليب في دفاتر قديمة أو نبشاً في ماض ولى!. إن فضيلة وثقافة النقد الذاتي والاعتراف والاعتذار هي جزء لا يتجزأ من سلوكيات وسمات كل الجماعات والفصائل الوطنية السوية: التي يسعى أفرادها إلى أن يغيروا ما بأنفسهم، وأن يغيروا ما بأوطانهم، إلى الأصلح والأصوب والأرفع والأشجع!. لكن يتضح كل يوم ويتأكد، أن الإخوان ومن لف لفهم، أو خرج من معطفهم ليسوا من هذا الطراز الذي يستحق الاحترام!. Comment *