طرح خراف وأبقار حية للأضاحي بأسعار تنافسية في الشوادر والمجمعات الاستهلاكية    وزيرة البيئة: نسعى لاتفاق عالمي عادل لمواجهة التلوث البلاستيكي يراعي خصوصية الدول النامية    ترامب يقيل العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    مهندس صفقة شاليط: نتنياهو مدفوع باعتبارات سياسية ويمنع عمدا اتفاقا مع حماس    ماجد سامي: زيزو فقد لقب أسطورة الزمالك.. وإمام عاشور لا يُشبه الأهلي    بعد نشر "الفجر".. إحالة المتسبب في خطأ امتحان رياضيات الصف السادس للتحقيق    طقس السعودية اليوم.. موجة حارة مع استمرار الرياح النشطة    وصول المتهمين في واقعة انفجار خط غاز طريق الواحات لحضور أولى جلسات محاكمتهم.. ووالد أحد الضحايا: الإهمال لا يقل خطورة عن الإرهاب    ارتفاع سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات السبت 24-5-2025    أول رد من "ترانس جاس" بشأن حدوث تسرب غاز بكفر الشيخ    ضربات روسية غير مسبوقة على كييف: 14 صاروخًا باليستيًا و250 مسيّرة تُشعل سماء العاصم    الاتحاد الأوروبي مستعد للتوصل لاتفاق تجاري مع واشنطن يستند إلى الاحترام لا على التهديدات    الصين تؤكد دعمها لطلابها في الخارج وتحذر من الإجراءات الأمريكية ضد هارفارد    وزير الزراعة يبحث مع محافظ الوادي الجديد دعم مزارعي المحافظة وتعزيز المشروعات الإنتاجية    تشكيل بيراميدز المتوقع لمواجهة صن داونز في نهائي دوري أبطال أفريقيا    موسم تاريخي ل"رجال يد الأهلي" بعد التتويج ب6 بطولات والابطال يتحدثون    13 لاعبا ولاعبة يتأهلون لربع نهائي بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    وزير الري يلتقي عددا من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ لمناقشة طلبات المواطنين    المطاعم السياحية: 30 يونيو أخر موعد لتوفيق أوضاع العائمات النيلية    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    السيطرة على حريق بحوشين فى مركز طما شمال سوهاج دون إصابات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    محافظ أسيوط يتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية بجامعة بدر    نتيجة الصف الثاني الابتدائي بالجيزة 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام ومواعيد الامتحانات    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    توافد طلاب الإعدادي بسوهاج على اللجان لأداء امتحاني الدراسات الاجتماعية و الرياضيات "فيديو"    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    ضبط عاطل بتهمة الاعتداء على طفل جنسيا في الحوامدية    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    أغرب حكايات اضطراب النوم من داخل معمل «السلطان»    122 ألفا و572 طالبا بالصف الثاني الإعدادي بالدقهلية يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية والهندسة    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. صفوت حاتم : ما بعد الاستفتاء
نشر في البديل يوم 19 - 12 - 2012

وضح تماماً أن الرئيس محمد مرسي قد اختار القفز للأمام عندما طرح الاستفتاء على الدستور على الشعب لإقراره على الرغم من إنعدام توافق مجتمعي على هذا الدستور .. تبدو مبررات الرئيس في التعجيل بطرح الدستور واهية وضعيفة .. حيث يبرر للخارج قبل الداخل أن دوافعه تكمن في التعجيل بإستقرار مؤسسات الدولة .. وربما لا يعلم " الرئيس " أن الاستقرار المنشود لا يمكن أن يتحقق في ظل دستور قد لا يشارك في التصويت عليه أكثر من سدس من لهم حق التصويت والمشاركة السياسية ..
حتى في حال حصول الاستفتاء على أغلبية طفيفة .. فإن ذلك لا يجعله دستوراً لكل المصريين .. بل سيظل ينطر له بإعتباره دستوراً لفئة واحدة من المصريين إعتلت السلطة والحكم في ظروف سياسية مرتبكة.. وبصفقات غامضة مع المجلس العسكري ومع الأمريكان . لقد أحدث الاعلان الدستوري , الغريب والعجيب ومسودة الدستور التي خرجت بعده, استقطاباً حاداً في المجتمع المصري ومؤسساته كالقضاء والإعلام .. بل أن الحركة الاسلامية ذاتها شهدت شروخاً في مواقفها بسبب الإعلان الدستوري والاستفتاء تمثلت في مواقف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وبعض شيوخ السلفية .. على إختلاف الدوافع والأسباب !!
بالمقابل ساهم هذا الاستفتاء في دمج كل أنصار الدولة المدنية من أنصار النظام السابق وخصومه على حد سواء .. فلم يعد الخلاف يدور داخل هذا المعسكر حول إعادة النظام القديم أو محوه بقدر ما صار يجمعهم القلق على مستقبل الدولة المدنية التي تم تأسيسها منذ ما يقرب من قرنين.
لقد طرحت معركة الدستور.. مجدداً.. هوية مصر وتاريخها على بساط الصراع السياسي.. وهي معركة تجددت عدة مرات.. خصوصاً في أزمنة الانتقال الإجتماعي والسياسي الحاد .. فلقد طرحتها النخب المصرية بعد انهيار الخلافة العثمانية في العشرينات .. وطرحتها القوى السياسية في الآربعينات .. وطرحتها كذلك بعض النخب في الأعوام الأولى لثورة يوليو 1952 .. وطرحتها مرة أخرى .. وليست أخيرة .. في السنوات الأولى لحكم السادات وبعد أن فجر توفيق الحكيم وحسين فوزي وحسين مؤنس مسألة هوية مصر العربية.
صحيح أن الحوار والصراع كان يدور في كل مرة بين فريقين مدنيين حداثيين.. عكس ما هو حادث الآن حيث يدور بين تيارين .. أحدهما مدني وديمقراطي يؤمن بطرق الحداثة السياسية والاجتماعية كما هو موجودة في بلدان الغرب .. وبين تيار إسلامي تنبع خياراته من تصورات غير واقعية للتاريخ الاسلامي .. ولا تدعم خياراته الوقائع المعاشة للتجارب الاسلامية في السعودية والسودان .. حيث تخضع الجماهير لضغوط ثقيلة لأنظمة شمولية مسلحة بسلاح الدين والشريعة.. ولكنها في مجملها معادية للحريات العامة والشخصية للمواطنين.. رجالاً ونساء.
ومما يفاقم من صعوبة الأزمة أن معركة الاستفتاء جذبت لساحتها مؤسسة عريقة من مؤسسات الدولة المصرية.. ألا وهي مؤسسة القضاء . فعلى الرغم مما قد يثار من انتقادات على بعض الممارسات التي إنتهجها بعض القضاة خلال حكم مبارك .. إلا مؤسسة القضاء المصري تعد المؤسسة القضائية الأقدم في تاريخ المنطقة.. والأكثر احتراماً للتقاليد القضائية الرفيعة.. والأكثر نضالا من أجل الإستقلال عن السلطة السياسية.
وعلى الأرجح أن لا ينجح الرئيس وأنصاره في أخضاع تيار المعارضة المدنية في حال الحصول على أغلبية طفيفة في الاستفتاء . وقد يترافق من الصراع السلمي إنفلات بعض العناصر الاسلامية الجهادية .. خصوصا مع تصاعد حدة ما تعلنه هذه التيارات من تهديدات بالقتل والسحل لبعض الشخصيات السياسية والإعلامية المدنية المعارضة وحرق مقارات لأحزاب سياسية معارضة.. وهنا قد يدخل الصراع بين الطرفين حالة الاقتتال الأهلي بسرعة.. وهو ما قد يؤدي الى خروج مؤسسة الجيش على الحياد الذي تعلنه حالياً ومشاركتها بطريقة أو أخرى في ضبط جموح أحد الطرفين.. وما قد يستدعيه ذلك من ذكريات أليمة في ظل حكم المجلس العسكري.
الإحتمال الثاني: أن تدرك بعض العناصر العاقلة لدى الاخوان والسلفيين أن خيار التهدئة والتوافق بين الجميع هو الخيار الأصلح للجميع.. بديلاً عن تصاعد الأصوات المطالبة بإسقاط النظام ومحاربته..خصوصاً أن الصورة العامة للنظام السياسي ومؤسسة الرئاسة أصبحت تعاني من الشروخ والتراجع في الخارج .. وبشكل خاص من الدول الداعمة في أوروبا كألمانيا وفرنسا .. فضلا عن تصاعد الضغوط على الإدارة الأمريكية بالتخلي عن دعم الإخوان وتبني مواقف أكثر أخلاقية فيما يخص قضايا الحريات العامة واحترام استقلال القضاء ومؤسسات الدولة.
لكن في نفس الوقت فأي تقارب بين الإخوان والقوى المدنية .. سيعني في الوقت ذاته .. ابتعادا بنفس المقدار بين الإخوان من جهة والقوى السلفية من جهة أخرى.. وهي القوى الساعية لفرض نفسها سياسياً وأيديولوجياً داخل الدولة المصرية العتيقة بعد سنوات طويلة من النبذ والتهميش .
لاشك أن قدرة الإخوان المسلمين على الخروج من هذه الأزمة بدون خسائر في صورتهم ومكانتهم الداخلية والخارجية أصبح أمراً صعباً.. فلقد إهتزت صورتهم كثيراً.. وفقدوا الكثير من شعبيتهم.. وانكشفت قدراتهم وكفاءتهم المحدودة.. وظهر للمواطنين تناقض خطابهم المعلن .. والهوة الجسيمة بين خطابهم وأفعالهم .. إن تسارع عجلة الانهيار في شعبية الإخوان قد لا تجد لها حلاً إلا بالإندفاع الى جرف الديكتاتورية بسرعة.. وهو خيار جنوني في بلد يعيش وضعية ثورية ساخنة .. وقد يكون خيار الديكتاتورية نهاية سريعة.. في نفس الوقت.. للمشروع الإسلامي وانكشاف عجزه العملي والواقعي.
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.