تعرض القطن المصري في الآونة الاخيرة لمشاكل كثيرة وقفت عائقا امام زيادة المساحات المنزرعة به، وتأثر بذلك قطاع صناعة الغزل والنسيج لاعتماده على القطن المحلى، الذي انخفض استهلاكه الى 16.8 % فقط عام 2010 ، نتيجة لزيادة معدلات استيراد الغزول والاقطان من الخارج. "البديل" فتحت ملف القطن المصري، واستطلعت آراء الخبراء والمختصين في المشكلات التي يعاني منها "الذهب الأبيض" المكدس في المخازن: يقول الدكتور جابر خليل، وكيل معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة: إن المشكلة الحقيقية للقطن بدأت مع تحرير تجارة القطن عام 1994 الامر الذي ادى الى ارتفاع اسعار المدخل الرئيسي لصناعة الغزل والنسيج بما يفوق قدرة المغازل المحلية ولذلك تم استبداله بالاقطان المستوردة الرخيصة لاستيفاء الطلب المحلي حتى انخفضت نسبة استهلاك القطن المصري الى 15 % فقط من الاحتياجات الكلية من الصناعة الوطنية بعد ان كانت الصناعة تعتمد على القطن المصري كليا حتى وصلت كمية الاستهلاك الى 5.4 مليون قنطار شعر من القطن المصري عام 94 وامتدت مشاكل الصناعة والقت بظلالها على الزراعة فتناقصت المساحة وقل الناتج الكلي من محصول القطن حتى وصل الى ادنى مستوى له موسم 2010 – 2009 والتي بلغت 1.9 مليون قنطار شعر بعد ما بلغ اعلى معدل له عام 2001 بكمية اصل ل 6.3 مليون قنطار شعر. وأضاف خليل انه لابد من اتخاذ بعض الاجراءات للنهوض بزراعة الاقطان كإنشاء هيئة سيادية تضم القطاعات كافة العاملة بالقطن من الزراعة والتجارة والصناعة للتنسيق بينها وتكون من مهامها مراجعة التشريعات والقوانين كافة المنظمة لزراعة وتجارة وتصنيع القطن وبحث سبل الطرق المثلى لتسويق القطن المصري بالاضافة الى تحديد سعر الضمان طبقًا لآليات السوق وانشاء صندوق لموازنة اسعار القطن وضرورة دعم مزارعي القطن في صورة توفير مستلزمات الانتاج باسعار مناسبة توفر هامش ربح يرضي الفلاح مع مراعاة توفيرها في الوقت المناسب. فيما قال الدكتورإمام الجمسي أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية : إن القطن المصري يمثل مصدر الدخل النقدي لاكثر من نصف مليون اسرة فهو احد المحاصيل التصنيعية التصديرية المهمة فمن الناحية التصنيعية تقوم عليه صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة التي يعمل بها نحو نصف مليون عامل آخر وتمثل هذه الصناعة النشاط الصناعي الاساسي في البلاد من ناحية عدد العاملين. اما من الناحية التصديرية فهو كان المحصول التصديري الاول لما اشتهر به القطن المصري في الاسواق الخارجية بصفاته المتميزة من حيث طول التيلة والمتانة والنعومة والتجانس ورغم جهود الباحثين في محاولة النهوض بإنتاجية هذا المحصول عن طريق استنباط اصناف جديدة متميزة في الصفات التكنولوجية والتي لها قدرة انتاجية عالية الا ان دور القطن المصري في اسهامه في الدخل القومي قي القترة الاخيرة تراجع بشكل ملحوظ نتيجة تراجع صادراتة بالاضاقة الى اعتماد مصانع الغزل في مصر على الاقطان المستوردة لتدنى اسعارها مقارنة باسعار الاقطان والغزول المصرية؛ لان الدول الاخرى المنتجة للقطن بتدعم مزارعية بمليارات الجنيهات لحرصهم الشديد على تواجدهم ومنافستهم بقوة للقطن المصري. وقال الدكتور أحمد درويش وكيل معهد بحوث ارشاد القطن بوزارة الزراعة : لكي ننهض بمحصول القطن يجب أن نعود لتطبيق الدورة الزراعية الذي سيمكن من وجود زراعات القطن في تجمعات بمساحات كبيرة مما يسهل ادارة المحصول بكفاءة من حيث ميكنة عملية الزراعة ومقاومة الافات وعملية الحصاد ايضا مما يوفر من تكاليف الانتاج، بالاضافة الى التوسع في تجارب زراعة القطن باراضي الاستصلاح الجديدة كشرق العوينات وتوشكى والنوبارية وادكو والسرو وذلك للخروج بمحصول القطن من تنافسية المحاصيل الاحرى كالارز ذو العائد المادي المرتفع ودعم مستلزمات الانتاج عينيًّا او نقديًّا او خدميًّا من تقاوي واسمدة ومبيدات وضرورة تحمل الدولة جانبا من تكلفة النكافحة المتكاملة للآفات ولا يكتفي دور الدولة على هذا فحسب بل يجب ان تدعم كاليا البرامح البحثية لمهد بحوث القطن الذي يعمل كأداة فعالة في انتاج اصناف عالية المحصول قصيرة العمر بالارض والمتميزة في صفات الجودة لتلبية متطلبات كل من الصناعة المحلية والعالمية. وأكد درويش على ضرورة إعادة النظر في بعض مواد قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 في ضوء اتفاقية تحرير التجارة وتفعيل القوانين والتشريعات ومراجعتها لتصبح اكثر فاعلية وحاصة فيما يتعلق بتظم تداول نواتج القطن الزهر ومكافحة الجلابين وظاهرة الدواليب الاهلية وتشديد المراقبة وعقوبة الحبس على من يخالف قوانين استيراد وتصدير بذور القطن بما يتلائم مع الواقع المصري الآن. وأرجع مجدي الشراكي رئيس مجلس ادارة الجمعية العامة للاصلاح الزراعي، مشكلة الاقطان المصرية إلى تلاعب الشركات والتجار بمزارعين القطن حيث ان هؤلاء هم من يقومون بالتحكم بالاسعار واكد ان دعم الدولة يذهب لهؤلاء وليس للفلاح البسيط الذي كان يعد موسم حصاد محصول القطن له بمثابة عيد وموسم الافراح الا انه اصبح الان موسم المشاكل وتراكم الديون ورفض شراكي تطبيق الاسعار العالمية على المحاصبل المصرية؛ لأن الدول الاوروبية تدعم مزارعيها لتغزو العالم مؤكدًا ان مصر اكبر دولة مستهلكة يمكن ان يستوعب سوقها المحلى الكميات المنتجة من الاقطان لو تم غلق باب استيراد الاقطان من الخارج بالاضافة الى تضارب قرارات المعنية المعنية بالقطن فهناك ثلاثون دولة داخل مصر متمثلة في 30 وزارة كل يعمل في منظومة بعيدة عن الاخرى فعندما تأخذ جهة ما قرارا في صالح الفلاح الجهات الاخرى لا تطبقه فحتى الآن لا يوجد سعر محدد للقطن المصري. فالمشكلة الأساسية للاقطان هي صعوبة التسويق والسعر المتدني للاقطان المصرية الامر الذي ادى الى عزوف الفلاح المصري عن زراعته والاهتمام بزراعة محاصبل اخرى ذات عائد مادي كبير الامر الذي سيترتب عليه القضاء تمامًا على زراعات القطن مع الوضع في الاعتبار ان المساحات المزروعة بالقطن في تنازل مطرد ودائم ولن تستطيع الحكومة فيما بعد استعادة عرش الذهب الابيض بعد مساهمتها الفعالة في القضاء عليه بعد تخليه عن الفلاح المصري وتركة يواجه مصيرة بمفردة جزاء له على حرصة على زراعة القطن. وأكد عبد الرحمن شكري نقيب فلاحي مصر أن الفلاح يعاني معاناة شديدة منذ بدلية تفكيرة في زراعة القطن حيث ان التقاوي ذات الانتاجية العالية غير متوفرة ويحصل عليها بصعوبة هذا بخلاف الازمة المزمنة للاسمدة والمبيدات وارتفاع اثمانهم بشكل مبالغ فيه مما يضع على كاهل الفلاح اعباء مادية لا يعوضه عنها بيعه للمحصول بالاضافة الى غياب الدور الارشادي لوزارة الزراعة وعدم وجود برنامج زراعي متكامل يكون دليلًا ومرشدًا للفلاح في كل خطواته منذ بداية الزراعة وانتهاء بمرحلة التسويق فيجب على وزارة الزراعة أن تضع برنامج جيد لمتابعة الزراعات على ارض الواقع بالاضافة الى وضع برنامج كامل للتسويق يكون منصف للفلاح. وأضاف شكري بانه يجب إنشاء مجلس اعلى للقطن والمصنوعات النسيجية لتحقيق واقع افضل من خلال منظومة كاملة ترعاها ارادة سياسية لتحقيق واقع افضل بالتواصل مع وزارة الزراعة لتشجيع الفلاحين على الاستمرار في الزراعة والحفاظ عل كنوزنا الزراعية. فيما أكد محمد برغش الفلاح الفصيح أن القطن المصري هو أساس الامن القومي ومنذ اغلاق الحلقة التسويقية له عام 2006 اصبح "هما وغما" على الفلاح على حد قوله؛ لأنه اصبح يعاني في كل مراحلة بداية من زراعتة وحتى بيعة وخاصة بعد خصخصة محالج الاقطان وبيعها بمبالغ متدنية لا تتعدى ال 67 مليون جنيه وتحويلها لشركات عقارية تباع بمليلرات الجنيهات تزامنا مع تدهور صناعة الغزل والنسيج وايضا زراعة القطن وهما تعدان من القطاعات كثيفة العمالة مماساهم بشكل كبير في زيادة البطالة التي طالما قمنا بمحاربتها للارتقاء بالاقتصاد المصري ولابد ان نأتي بالمغازل المناسبة للاقطان طويلة التيلة لزيادة القيمه المضافة للقطن. وقال الدكتور أحمد عبد الله مدير ادارة المحالج والمعاصر بالادارة المركزية بفحص واعتماد التقاوي أن موضوع الاقطان المصرية اصبح شائكًا وخاصة بعد فتح باب الاستيراد وانخفاض الاسعار العالمية للاقطان واشتراك جهات عديدة في تدهور صناعته وللتغلب على العقبات التي تعوق احتفاظ القطن المصري بعرشة الذي تربع عليه منذ ان ادخل محمد علي زراعته في مصر ان يتم تحديد اسعار القطن بناء على الفروق بين الرواتب المختلفة لتشجيع اساليب الجني المحسن وتقليل محتوى القطن من المواد الغريبة ومكافحة ظاهرة الجلابين وان يكون تعامل التجار والشركات من خلال المقيدين منهم فقط بالاضافة الى بدء موسم التسويق مبكرًا وادخال نظام الزراعة التعاقدية وتجريم حلج القطن في دواليب اهلية لمنع اختلاط وتلوث الاقطان باصناف غريبة مما يقلل من اثمانها بالاضافة إلى التوسع في عمل قاعدة معلومات التسويق مع ادخال نظام التسوبق الالكتروني وضرورة تحديد سعر ضمان او سعر استرشادي قبل ميعاد الزراعة. في حين نفى أحمد البساطي رئيس اتحاد مصدري الاقطان ان يكون التاجر هو أساس الازمة التسويقية للاقطان حيث أكد على انهم اضعف حلقة في سلسلة التسويق؛ لأنه يحصل على هامش ربح قليل ويجيء العائد الخاص به عن طريق الكم وحتى هذا العائد يقل من سنة لاخرى لتعرضه المستمر لمخاطر السوق لغياب بورصة تعمل على تثبيت هامش ربحه ولكن المشكلة الحقيقية تقبع في انخفاض انتاجبة الفدان مقارنة بالدول المنتجة الاخرى فنجد ان "اسرائيل" بلغ انتاجها 18 قنطار للفدان في الاراضي الصحراوية وفي امريكا 16 قنطارًا للفدان وتروى بمياه الصرف المعالج في حين متوسط انتاج الفدان في مصر يبلغ 7.5 قنطار للفدان وفي ظل تراجع عملية التصدير فأن العائد من زراعة القطن بهذه الانتاجية لا يوفر هامش ربح مناسب للفلاح مع ملاحظة ارتفاع ثمنه عن الاقطان المستوردة ولذلك يجب على الجهات البحثية العمل على زيادة انتاجية الاصناف المصرية طويلة التيلة لان الحل ليس رفع الاسعار ولكن زيادة الانتاج. ومن جانبه قال المهندس محمد محب رئيس مجلس ادارة شركة مصر حلوان للغزل والنسيج: إن القطن المصري يقف في مفترق الطرق وان اي مشروع قومي ينشأ على اساس سبعة عناصر هم ( رؤوس الاموال – الخامات – الايدي العاملة – التسرق – الادارة – الطاقة المحركة – الكاكينات ) وتحتل الخامات المحلية اعلى نسبة من تكلفة الانتاج حيث تتراوح بين 51% -67% ولذلك لابد ان تتوافر باسعار مناسبة فلابد ان يشترك المنتجين مع المراكز البحثية لرفع انتاجية الغدان وتخصيص مساحات واسعة لزراعة الاقطان بالاضافة الى عودة الجمعيات التسويقية لتكون الجهه المسئولة امام الفلاحين لتسويق محصولهم كل هذا يعمل على تقليل التكلفة لافتا الى ان الاقطان المصرية تتميز بالمتانة والنضوج بالاضافة الى ان عملية الصباغة الخاصة بها تقل تكلفتها بنسبة 15% عن الاقطان المستوردة مؤكدًا أن الاقطان المستوردة لا تفي بالغرض وخاصة اليونانية. فيما أكد الدكتور أحمد محمد النزهي امين تكنولوجبا الصناعة ان صناعة الغزل والنسيج ليست بمنأى عن المشكلات والتحديات التي اعاقت تطورها في السنوات الاخيرة. فلم تقتصر المشكلات على مرحلة واحدة من مراحل التصنيع والانتاج والتجارة بل شملت المراحل كافة وخاصة مواد الخام "القطن" لارتفاع اسعاره ولذلك يجب وضع برنامج عاجل لتنمية زراعة القطن وزيادة انتاجة ووضع جدول زمني لمعدل الزيادة السنوية للوصول الى الانتاج المستهدف وتطوير قطاع تسويق القطن الزهر والشعر وحظر استيراد الاقطان من الخارج الا في حالة عدم كفاية المعروض منه محليا وتحديد مسئولية في الحفاظ على القطن المصري من الخلط وتذليل العقبات كافة التي تعوق توفيرة لمصانع الغزل بالكم والكيف المطلوب واعطاء الاولوية لهذا الشأن ولذلك يجب تشكيل هيئة عليا لقطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة يكون أحد اعضائه الرئسيين وزارة الزراعة وأجهزتها المعنية بزراعة القطن حيث انها المورد الرئيسي له والاتحاد التعاوني المركزي للجمعيات التعاونية الزراعية. Comment *