تنهال علينا مسودات الدستور من كل صوب وحدب، وقد بلغ عددها حتى كتابة هذه السطور، حوالى ست مسودات، ويبدو أن جماعة الإخوان المسلمين تتعامل بمنطق القبيلة التي تشرع لنفسها ورئيسها، وكأنه سيكون رئيساً مدى الحياة، أو كأن الرئيس لن يأتي إلا من جماعة الإخوان. فهناك مواد بعينها وضعت في المسودة لأشخاص بذاتهم، كالمادة التى تتغاضى عن جنسية الوالدين لمرشح الرئاسة، فبدا الأمر وكأن هذه المادة وضعت خصيصاً لحازم صلاح أبو إسماعيل، لتسمح له بالترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة، كما أن مسودات الدستور لم تنص على مادة تمنع من يحمل أبناؤه الجنسية غير المصرية من الترشح للرئاسة، بما يعد مجاملة صريحة للرئيس محمد مرسى نظراً لأن كلا من نجليه يحمل الجنسية الأمريكية. من ناحية أخرى، تضع مواد المسودة فى يد رئيس الجمهورية جميع السلطات التى كانت بحوزته فى ظل دستور 1971(المغضوب عليه)، فهو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، ويعين رئيس الوزراء ويكلفه بتشكيل الحكومة، ويضع السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها، ويرأس اجتماعات الحكومة إذا دعاها للانعقاد، ويعين كل رؤساء الأجهزة الرقابية (التي من المفترض أن تراقب أداء الرئيس وحكومته)، كما يعين رئيس الجمهورية ربع أعضاء مجلس الشيوخ والذي من صلاحياته إمكانية الاعتراض وتعطيل أي قانون صادر عن مجلس الشعب، ويبرم رئيس الجمهورية المعاهدات الدولية ويبلغها للبرلمان للتصديق عليها، كما أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويعين الموظفين المدنيين والقادة والضباط العسكريين ويعزلهم دون قيود عليه، ويعلن حالة الطوارئ، ويمارس حق العفو عن العقوبة وتخفيفها، ويدعو الشعب للاستفتاء، ومن حق الرئيس كذلك حل مجلس الشعب في حالة اعتراض البرلمان على تشكيل الحكومة مرتين متتاليتين دون قيود، وسيتمتع الرئيس بحصانة برلمانية مدي الحياة لعضويته في مجلس الشيوخ، ولا توجد طريقة لمحاكمة الرئيس إلا إذا ضبط متلبساً. وتدرج جميع نفقات رئاسة الجمهورية والأجهزة الرقابية التابعة لها للميزانية العامة للدولة، وتخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات (التابع للرئاسة)، وهو جهاز للإحصاء فقط وليس للمحاسبة. وتم تقليص دور الجهاز المركزي للمحاسبات لمراقبة الأموال العامة فقط، وليس الخاصة وتلك كارثة. ولرئيس الجمهورية حق اختيار قضاة المحكمة االدستورية المسئولة عن محاسبة الرئيس شخصياً والحكومة والبرلمان عن عدم دستورية أي قانون يتم إصداره. بينما لا يوجد في المسودة ما ينص علي تعيين نائب للرئيس، ولا ذكر لاستقلال الهيئات القضائية أو الطب الشرعي وقد كان مطلباً شعبياً. كما تم إلغاء الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات وإسنادها الي مفوضية، مع عدم وجود معايير لاختيار أعضاء المفوضية. كل ما سبق شئ، والمادة السابعة من مسودة الدستور شئ آخر تماماً، حيث تنص على: "يقوم المجتمع المصرى على العدل والمساواة، والحرية والتراحم والتكافل الاجتماعى، والتضامن بين أفراده فى حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين". هذه المادة بهذه الصياغة الهلامية تعطى الضوء الأخضر لإنشاء الميليشيات والهيئات والجماعات كجماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التى تتحرك داخل أروقة المجتمع بعيداً عن المؤسسات الحكومية (تنفيذية كانت أو تشريعية أو رقابية)، ويعطيها الحق فى الرقابه والمتابعة والحساب والعقاب، وهذا ما يفهم من صياغة المادة كالتالى: (التضامن بين الأفراد فى حماية الأنفس والأعراض والأموال). أما النص على حد الكفاية للمواطنين، فهو ليس التزاماً من الدولة كمؤسسات، لأنه لم يلزم مؤسسة بعينها على الإشراف على توفير حد الكفاية، مما سيفتح الباب الملكى لعبور الرشاوى الانتخابية وشراء العديد من الضمائر فى وقت الحاجة إليها فى انتخابات أو تكتلات. وكان لافتاً، أن وزارة الدفاع رفضت مسودة الدستور، وكذلك مؤسسة الأزهر والكنيسة والمجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية العليا، والمجلس القومى للمرأة والإعلاميين والصحفيين والمثقفين والحقوقيين وجمعيات حقوق الإنسان، والفلاحين والعمال يرفضون مسودة الدستور،حتى الأطفال رفضوا مسودة الدستور. و السؤال الآن: حينما يكون كل هؤلاء رافضين لمسودة الدستور.. فالاستفتاء عليه لمن؟ الإجابة: استغلال الفقر والجهل خصوصاً في القرى المصرية لتمرير جريمتهم. اللافت كذلك أن 21 عضواً فى التأسيسية (أي الربع) تم تعيينهم فى وظائف حكومية تنفيذية، وهم: 1. السفير محمد فتحي رفاعة الطهطاوي: تم تعيينه رئيساً لديوان رئيس الجمهورية. 2. د.عماد عبد الغفور: تم تعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية لشئون الحوار المجتمعى. 3. محمد فؤاد جاب الله: تم تعيينه مستشاراً قانونياً لرئيس الجمهورية. 4. د.عصام العريان: تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية. 5. أيمن على: تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية 6. أميمة كامل: تم تعيينها مستشاراً لرئيس الجمهورية. 7. بسام الزرقا: تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية. 8. حسين القزاز: تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية. 9. فاروق جويدة ... تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية. 10. محمد سليم العوا: تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية. 11. عماد حسين عبد الله: تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية. 12. أسامة ياسين: تم تعيينه وزيراً للشباب فى حكومة قنديل. 13. خالد الأزهري: تم تعيينه وزيراً للقوى العاملة فى حكومة قنديل 14. محمد محسوب: تم تعيينه وزيراً للشئون القانونية والمجالس النيابية بحكومة قنديل. 15. محمد على بشر: تم تعيينه محافظاً للمنوفية 16. حسام الغريانى: تم تعيينه رئيساً للمجلس القومى لحقوق الإنسان. 17. محمود غزلان: تم تعيينه عضواًً بالمجلس القومى لحقوق الإنسان 18. طلعت مرزوق: تم تعيينه عضواًً بالمجلس القومى لحقوق الإنسان 19. محمد البلتاجى: تم تعيينه عضواًً بالمجلس القومى لحقوق الإنسان 20. ماريان ملاك: تم تعيينها عضواًً بالمجلس القومى لحقوق الإنسان 21. ممدوح الولى: تم تعيينه رئيساً لمجلس إدارة الأهرام، وعضواً بالمجلس الأعلى للصحافة. Comment *