الكنيسة الأرثوذكسية تعلن موعد صلاة الجناز على شهداء كنيسة مار إلياس    وفد جامعة بنها في زيارة لجامعة سكاريا للعلوم التطبيقية بتركيا    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025    الثلاثاء 24 يونيو 2025.. الدولار يهبط أمام الجنيه بما يتراوح بين 11 و80 قرشا في بداية تعاملات اليوم    وزير الإسكان يتابع آلية عمل وحدتي تنظيم السوق العقارية وتصدير العقار    وزير الصناعة يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من سفن الصب الجاف العملاقة    العمل تفتح باب التقديم على وظائف مكاتب التمثيل العمالي بالخارج.. الشروط والتفاصيل    أمير قطر يشكر الرئيس الأمريكي على مواقفه الداعمة والمتضامنة مع بلاده    هجوم بمسيّرات انتحارية يستهدف قواعد عسكرية عراقية    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    مستغلة الحرب على إيران.. إسرائيل تشدد قيودها على القدس    محافظ البحيرة تتابع سير امتحانات الثانوية العامة    مصرع 4 تجار مخدرات إثر مداهمة وتبادل إطلاق النار مع الشرطة بأسيوط    إصابة 5 في تصادم 3 سيارات بطريق السخنة    وفاة والد الفنان تامر عبد المنعم    فرقة طنطا تقدم عرض «الوهم» على مسرح روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم    خالد عبدالغفار: مستقبل الصحة في إفريقيا يجب أن ينبع من داخل القارة    أول قرار من ريبيرو بعد وداع الأهلي ل كأس العالم للأندية رسميًا    كأس العالم للأندية| ريبييرو: قدمنا مباراة كبيرة أمام بورتو.. والحضور الجماهيري مذهل    تعليق مثير من مدرب بورتو بعد التعادل مع الأهلي: لم يكن هناك نقص في الطماطم    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بالعام الهجري الجديد    رئيس مياه القناة الأنتهاء من تركيب مأخذ نموذجي لمحطة فناره العمده    ظهرت رسميا.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي محافظة الأقصر 2025 برقم الجلوس استعلم الآن    «التضامن»: عودة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية من الأراضي المقدسة غدا    «الداخلية»: ضبط 10 أطنان دقيق في حملات موسعة للتصدي للتلاعب بأسعار الخبز    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    يديرون الميزانية بنجاح.. 4 أبراج حريصة على أموالها    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    موعد حفل صابر الرباعي في مهرجان موازين 2025    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    رئيس الوزراء يستعرض التعاون مع «برجيل القابضة» في مجال زرع النخاع    وكيل «صحة الإسكندرية» تؤكد ضرورة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الثلاثاء 24-6-2025 فى المنوفية    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    نانسي عجرم تحمل كرة قدم وقميص فريق منتخب المغرب ب«موازين» (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    أقوى 46 سؤالا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة.. أفكار لن يخرج عنها الامتحان    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    الديدان الطفيلية تساعد البشر في مكافحة السمنة.. كيف؟    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    عاجل الخارجية القطرية: حذرنا مرارا من مغبة تصعيد إسرائيل في المنطقة وسلوكياتها غير المسؤولة    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    استدعاء مالك عقار شبرا المنهار لسماع أقواله    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة في خطوات بسيطة    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وتونس من الثورة إلى الدستور
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 11 - 2012

فى مقال الخميس الماضى أبرزت بعض معالم مسودة الدستور التونسى، وفى هذا المقال أقارنها بمثيلاتها فى آخر مسودة للدستور المصرى فى 22 أكتوبر 2012.



فى مقابل تبلور معالم الهوية التونسية فى مسودة الدستور، سنجد الهوية المصرية غائمة مسطحة. ففى المادة الأولى الشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية. هذا النص أفرغ العروبة من محتواها السياسى الموجود فى المادة الأولى من دستور 1971 التى تشير للالتزام بتحقيق الوحدة العربية الشاملة، واختصر علاقة مصر بمحيطها العربى فى البعد الجغرافى. فى المواد التالية نجد بعدا آخر هو البعد اللغوى للعروبة وذلك بالتأكيد على عروبة اللسان وأهمية تدريس اللغة العربية فى مختلف مراحل التعليم، وهذا يقينا مطلوب لكنه لا يُغنى عن البعد السياسى، ويعكس عدم تبلور أولويات السياسة الخارجية المصرية وما يسمى بدور مصر الإقليمى. فى الهوية أيضا نجد النظرة المصلحية نفسها التى تنظرها مصر لدول حوض النيل والتى تعتبر من أهم عوامل إساءة العلاقة بين الجانبين، فاختصاص حوض النيل بجملة مستقلة يعنى استمرار التعامل مع دوله كصنبور مياه لا أكثر. أما الكارثة الأخرى فهى موقع مصر على خريطة العالم، فكل علاقة مصر بهذا العالم هى أنها تشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية، وخلا ذلك لم نجد إشارة واحدة لعلاقات مصر الدولية، ولا نصا واحدا يفيد احترام مصر معاهداتها الدولية بل مجرد نصوص تنظم استحداث المعاهدات الجديدة، بل نصادف دعوة لتعريب العلوم والمعارف وكان الأولى النص على إنتاج المعارف كما كان يفعل العرب الأوائل. فى مسودة دستور الثورة تقع مصر خارج السياق العالمى أو تكاد، وهذا يختلف بشدة عن مسودة دستور تونس التى تتحدث عن الانفتاح على مختلف الثقافات والتعاون مع شعوب العالم وحركات التحرر.

الغريب أنه فى مقابل المسافة السياسية مع العالم لا توجد مسافة اقتصادية، فلا نص على استقلال عملية التنمية فى مسودة الدستور المصرى. صحيح أن هناك إشارات لبعض متطلبات هذا الاستقلال مثل تشجيع الادخار المحلى وعدالة التوزيع لكن هناك غياب تام لمتطلبات أخرى أهمها ضبط علاقة الاقتصاد الوطنى مع الخارج، والتعاون التنموى مع دول الجنوب، ودور الدولة فى الإنتاج والاستثمار. هذه المتغيرات حللها باستفاضة الدكتور إبراهيم العيسوى فى دراسة عميقة عن نموذج التنمية المستقلة نشرت فى 2011. والنقطة نفسها غابت فى مسودة دستور تونس.



فى باب الحقوق والحريات نجد استفاضة كبيرة فى مسودة الدستور المصرى مقارنة بنظيرتها فى تونس، بل إن تلك الحقوق فى المسودة التونسية ليس لها باب خاص بل تأتى ضمن المبادئ العامة بينما أن الباب الثانى المنظم لتلك المسألة فى مسودة الدستور المصرى يضم 51 مادة كاملة. لكن هل هى صدفة أنه رغم هذا الاختلاف بين المسودتين فكلتاهما تخلوان من النص على الحق فى الحياة أول حقوق الإنسان!. كما لا يكفى فى المادة 39 من المسودة المصرية النص على حرية الاعتقاد دون ربطها بحرية ممارسة الشعائر الدينية، وهذه إضافة واجبة لضبط سلوك من « تؤذى مشاعرهم» عبادات الآخرين. ومن المفارقة أنه بينما رفض ممثلو التيار الدينى باستماتة تجريم الاتجار بالبشر فى مسودة الدستور المصرى، فإن الأخيرة تضمنت حظر تجارة الأعضاء فى المادة 38، وكأن الإتجار» القطاعى» فى جسد الإنسان محظور أما الإتجار فيه « بالجملة» فمباح. كذلك تهربت المسودة من النص على حق المرأة فى منح الجنسية لأبنائها، وهذا تفصيل أظنه لا يقل أهمية عن اشتراط المسودة حق الطفل فى اسم مناسب أو فى الفصل بين الأحداث من الجنسين. عموما موضوع حقوق المرأة فى الدستور كُتب فيه الكثير. على صعيد آخر تكرر النص على دور القاضى فى الضبطية القضائية، وهذا يصطدم بعدم توفر العدد الكافى من قضاة التحقيق بما ينذر بوجود جرائم لا تجد من يوقف مرتكبيها.



ومع أن مصر وتونس تذهبان إلى الأخذ بنظام الحكم المختلط، لكن توجد اختلافات عديدة بينهما. مبدئيا مصر تأخذ بالبرلمان ذى الغرفتين فيما تأخذ تونس ببرلمان الغرفة الواحدة، ومن الطريف أن ممثلى التيار الدينى فى مصر جاهدوا للنص على مبدأ الشورى فى المادة 6 ولم يعترضوا على تغيير اسم مجلس الشورى إلى مجلس الشيوخ. الأهم أننا لا نعرف سبب الإصرار على الاحتفاظ بمجلس الشورى أو الشيوخ ونحن نعلم الظرف التاريخى لنشأته وهو السيطرة على الصحف القومية. من الاختلافات الأخرى رجحان منصب رئيس الدولة فى مسودة الدستور المصرى، كمثال فإن رئيس الحكومة التونسية فى المادة 65 يستحدث وزارات ومؤسسات ويضبط اختصاصاتها بعد التداول مع الوزراء وإعلام رئيس الدولة، أما فى مصر فنجد ما يلى: يشترك رئيس الحكومة مع رئيس الجمهورية فى وضع السياسات العامة للدولة فى المادة 144، بينما يضع السياسات العامة للدولة وفقا للقوانين والقرارات الجمهورية فى المادة 164، أى أن رئيس الحكومة شريك لرئيس الجمهورية فى الحالة الأولى ويتلقى أوامره فى الحالة الثانية. وفى النص المصرى عبارات فضفاضة مثل تعيين الرئيس الموظفين العسكريين والمدنيين وعزلهم فى المادة 152. كما أنه يعلن الحرب فى المادة 151 بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى وموافقة أغلبية مجلس النواب، وتلك أغلبية ضعيفة لأن الشعب هو من سيتحمل الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحرب. ثم أن رئيس الجمهورية يعين قادة الأجهزة الرقابية التى ستراقبه بعد موافقة أغلبية مجلس الشيوخ وليس النواب فى المادة 203، إضافة إلى أنه لا وجود فى نص المادة 156 أى إشارة لمحاسبة الرئيس على مخالفة الدستور أو الانحراف بالسلطة فالنص فقط على الخيانة العظمى والجناية، أما فى تونس فيوجد تجريم لخرق الدستور فى المادة 64. وفى مصر يحل الرئيس مجلس النواب فى حالتين إحداهما عدم حصول الحكومة على موافقة المجلس رغم مساهمته فى تشكيلها وفق المادة 143، وكان يمكن الاكتفاء بإلزام النواب فى حالة تشكيل حكومة بموافقتهم بقبول البرنامج الذى تقدمه. هنا يلاحظ فى تونس أيضا إباحة حل الرئيس مجلس الشعب لو لم يوافق على الحكومة فى المادة 66. يضاف لما سبق التباس المادة 183 المتعلقة بتعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا فى مصر مما يسمح للرئيس بالتدخل فى التعيين، مع العلم بأن رقابة المحكمة الدستورية فى بعض الحالات سابقة لا لاحقة. أما فى تونس فرقابة المحكمة الدستورية العليا سابقة ولاحقة، لكنها تسمح بتدخل مجلس الشعب فى اختيار أعضاء المحكمة من خلال التصويت على مرشحين من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس الشعب والمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

تبقى الإشارة لوجود مواد حمالة أوجه فى الحالة المصرية تتعلق بمرجعية الأحزاب السياسية وبالتضامن المجتمعى فى حماية الأنفس والأعراض وبتفسير مبادئ الشريعة، ونحن نعلم أن كل الدساتير الديمقراطية تحرص على ضبط الصياغات ليكون المعنى فى ذهن لجنة الدستور هو نفسه المعنى فى ذهن الكافة، هذا إن كانت الديمقراطية هى ضالة دستور الثورة.



أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.