في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، 1914 1918 ، اجتمع المنتصرون في قصر فرساي بفرنسا ، لاقتسام بلادنا كغنائم حرب، فوقعت مصر في نصيب بريطانيا، التي كانت تحتلها بالفعل منذ 1882 ، ووقعت فلسطين هي الأخرى في نصيبها أيضاً، بعد أن كانت الجيوش البريطانية قد دخلتها عام 1916. و قبل ذلك بسنوات قليلة، كان وزير الخارجية الانجليزي آرثر جيمس بلفور قد أعطى لليهود في 2 نوفمبر 1917 وعده الشهير بحقهم في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، وهو الوعد الذي تم تحويله إلى قرار دولي في نصوص صك الانتداب البريطاني على فلسطين الصادر عام 1922 أما هنا فى مصر و في خضم ترتيبات وتسويات ما بعد الحرب، طالب الزعيم المصرى سعد زغلول ورفاقه، بالمشاركة في مؤتمر فرساي لعرض المسألة المصرية والمطالبة بالاستقلال. وهو ما رفضته سلطات الاحتلال، وقامت باعتقالهم ونفيهم إلى جزيرة مالطة ثم الى جزيرة سيشل بعد أن رفض مؤتمر اللصوص بباريس الطلبات المصرية، مما فجر ثورة شعبية، ما زلنا نفتخر بها حتى يومنا هذا، بل و نتناولها كأحد المحطات الرئيسية فى كفاح الشعب المصري ضد الاحتلال الانجليزي لم تنجح ثورة 1919 فى تحرير مصر، وإن مثلت خطوة هامة على الطريق الطويل الذي انتهى بتحقيق الاستقلال الكامل عام 1956 . وذهب الانجليز إلى غير رجعة عن مصر، كما ذهب الفرنسيين والايطاليين عن باقي أقطارنا العربية. ونسينا جميعاً هذه المرحلة من تاريخنا، رغم أن آثارها لا تزال ممتدة حتى اليوم. ولكن فلسطين ظلت محتلة منذ 1916. بالانجليز أولاً حتى عام 1948، ثم بالصهاينة لاحقاً. ولم يكن المشروع الصهيوني الغربي 1917 2012 وبالاً على فلسطين فقط، بل كان لعنة أصابت الوطن العربي بأكمله، فهو العدوان الأخطر في تاريخنا الحديث، والقضية المحورية في حياتنا جميعاً على امتداد ثلاثة أجيال متعاقبة. ولو كان هناك فى بدايات القرن العشرين، من يستطيع أن يقرأ المستقبل ويعلم الغيب، لكان أدرك على الفور، أن وعد بلفور سيكون أشد خطراً وتأثيراً على مستقبل بلادنا من كثير من الأحداث التي زامنته، بما فيها أحداث نفى سعد زغلول، واندلاع ثورة 1919 . ولكن لأن الغيب فى علم ربنا سبحانه وتعالى ، فان ما حدث منذ تسعين عاماً، هو أن الرأي العام الوطني فى مصر لم ينتبه إلى خطورة المشروع الصهيوني ، على مستقبلنا جميعاً، واكتفى بالتركيز على استقلال مصر فقط ، بدون الربط بينه وبين باقى القضايا العربية، رغم أن العدو واحد، وجريمة التقسيم ومجلسها واحد . ربما لو كانت الناس حينذاك فى مصر والوطن العربي، قد انتبهت الى خطورة ما يجرى، وقاومته بحركة تحرر عربية إسلامية وليست مصرية فقط، لتغيرت حياتنا تماماً عما نحن فيه الآن. وأنا أعلم بالطبع أن كلمة " لو" فى التاريخ ، ليس لها من جدوى، فليس بيدنا أن نغير ما تم وحدث، فالماضي لا يمكن تغييره. ولكن المستقبل ليس كذلك، فبيدنا اليوم أن نحرر أراضينا المغتصبة وأن ننقذ مقدساتنا المنهوبة، وأن نسترد سيادتنا على كامل ترابنا الوطنى من المحيط إلى الخليج. فلنتجنب تمصير قضايانا مرة أخرى، وعزلها عما يدور حولنا ، ولنحمد الله على ثورتنا فى مصر ونتعامل معها، على أنها جزء من ثورة عربية أشمل تستهدف الاستقلال والحرية والكرامة لكل الاقطار العربية، فى مواجهة مشروع استعمارى لا يزال قائما ومتقدماً يديره و يقوده مايسترو واحد و من يعلم؟ فربما نتمكن بالفعل أن نتجنب تكرار الخطأ التاريخي الذين وقع فيه جيل 1919، حين لم ينتبه أحد إلى خطورة وعد بلفور. والى وحدة معارك التحرر العربي . [email protected] Comment *