اهتمت الصحف العالمية بزيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمس الى قطاع غزة، مشيرين الى أنها أحدث علامة على طموح الدولة الخليجية الصغيرة للعب دور قيادى فى المنطقة. صحيفة فايننشال تايمز البريطانية قالت: "رغم أن الزيارة بدت تركز على تنمية ومساعدة قطاع غزة الفقير، لكنها تعتبر جزءا من محاولة الأمير القطري لتذكير العالم بطموح دولته فى لعب دورا محوريا في السياسة الإقليمية"، مضيفة أن ثروات قطر الواسعة من النفط والغاز سمحت لها بالظهور لاعبا بارزا فى الاقتصاد العالمي، وكذلك على الساحة الإقليمية. وذكرت الصحيفة أن الأمير كأول زعيم عربي يزور القطاع منذ سيطرة الحركة الإسلامية حماس عليه فى 2007، تعهد بمساعدات تصل إلى 400 مليون دولار لإنشاء طرق جديدة ومباني سكنية وتنفيذ خطة لتطوير البنية التحتية. وأوضحت الصحيفة أن قطر معروفة بأن لديها سياسة خارجية متفردة، حيث تجمع بين علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة - وأحيانا حتى مع إسرائيل - مع دعم للجماعات المناهضة لإسرائيل، مشيرة الى أنه منذ اندلاع الثورات العربية العام الماضي، استخدمت قطر نفوذها المالي ونشاطها الدبلوماسي لتشكيل تحالفات مع الإسلاميين في جميع أنحاء المنطقة، من الإخوان المسلمين في مصر إلى قوات المعارضة في سوريا. وتابعت الصحيفة: هناك حالة من التشكك والارتياب في جميع أنحاء المنطقة تجاه نوايا قطر ودعمها الواضح للجماعات الإسلامية فى بلدان عديدة، مشيرة الى أن الزيارة أثارت ردود أفعال متباينة حيث اسُتقبلت بترحيب شديد من جانب حكومة حماس، التى أعلنت عن الزيارة باعتبارها انتصارا ينهى الحصار السياسي والاقتصادي التى تفرضه إسرائيل على غزة، لكن على الجانب الآخر جلبت انتقادات فورية من إسرائيل، التي تعتبر حماس منظمة إرهابية وتعتبر السلطة الفلسطينية بقيادة فتح فى الضفة الغربية الممثل الشرعى للفلسطينيين.. وقالت وزارة الخارجية الاسرائيلية إنه "من الغريب أن أمير قطر يختار الانحياز الى أحد الجانبين فى الصراع الداخلي الفلسطيني وأن يختار منح دعمه إلى حماس". وفى سياق متصل، قال تقرير لموقع صوت أمريكا الإخباري الأمريكي أن الزيارة تمثل دفعة دبلوماسية لحماس التي نبذتها الدول الغربية التي ترى أن السلطة الفلسطينية فى الضفة بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس هى الممثل الشرعي للفلسطينيين.. ولفت الموقع الى أنه بعد وقت قصير من مغادرة أمير قطر لغزة، شنت "اسرائيل" غارات جوية أسفرت عن مقتل ثلاثة نشطاء من حماس الذين تقول "إسرائيل" إنهم كانوا يخططون لإطلاق صواريخ على أراضيها. من جهتها.. ذكرت صحيفة الجارديان فى عددها الصادر اليوم الأربعاء أن الزيارة دليل قوي على أن قطر، التي يعد دخل الفرد فيها الأعلى عالميا، تستخدم ثرواتها الهائلة من الغاز والنفط للتقرب إلى المنظمات والجماعات الإسلامية بهدف توسيع نطاق نفوذها الإقليمي. وأشارت الصحيفة الى أن هناك من ينظر لهذه الزيارة باعتبارها مكافأة لحماس على إنهاء دعمها للأسد، حيث كان مقر قيادة حماس موجودا في دمشق، ما كان يساعد فى تعزيز أوراق اعتماد سوريا باعتبارها عضوا رئيسيا في "محور المقاومة" التي تواجه "إسرائيل"، جنبا إلى جنب مع إيران وحزب الله في لبنان.. لكن بعد أشهر قليلة من الانتفاضة السورية، انتقل زعيم الحركة، خالد مشعل، إلى الدوحة وأعلن هنية عن دعمه لحق الشعب السوري في معارضة الأسد. ونقلت الصحيفة عن مخيمر أبو سعدة، محلل مستقل في جامعة الأزهر في غزة، قوله أن تلك الزيارة تعطي حركة حماس شرعية على الصعيدين العالم العربي والدولي" . ومن جانبها أعدت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تقريرا تؤكد فيه أن الدفء الدبلوماسي تجاه حماس يؤكد على تحالف اقليمي جديد ظهر من الثورات العربية المتتالية المؤيدة للديمقراطية لمعروفة باسم "الربيع العربي". واعتبرت الصحيفة أن قطر تستغل فى خطوتها بزيارة قطاع غزة فراغ الرعاية التي تركته ايران التي اوقفت مساعداتها لحماس عندما أعلنت الحركة الاسلامية علنا عن دعمها للمعارضة السورية في حين أن إيران لا تزال واحدة من أهم داعمى نظام بشار الاسد. وحول رد الفعل الامريكى على الزيارة، قالت الصحيفة إن إدارة أوباما تنظر بحذر وقلق للخطوة التى اتخذتها قطر التى تحتفظ بقاعدة عسكرية أمريكية على أراضيها.. ونقلت عن فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية، قولها "نحن نشاطر قلق قطر العميق من أجل رفاهية الشعب الفلسطيني، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في غزة، لكننا بالطبع لا نزال نشعر بالقلق إزاء الدور المزعزع للاستقرار الذى تسببه حماس فى غزة وفي المنطقة". وفيما يتعلق بمصر، لفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن سماح الرئيس الإسلامى المصري محمد مرسى لأمير قطر بالدخول الى قطاع غزة عبر الأراضى المصرية يعكس دبلوماسية جديدة وتغير فى اتجاه مصر الإقليمي، حيث أن هذا الأمر على الأرجح لم يكن سيتم السماح به فى عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. Comment *