نشرت مجلة "فورين بوليسي" الامريكية تحليلا يسرد أحداث الكويت التى وصفها بأكبر تظاهرات في الكويت شهدها الأحد الماضي، لكريستين سميث، أستاذ مساعد الدراسات المقارنة والإقليمية والخبيرة بشئون الخليج والإسلام السياسي، والتي رأت التظاهرات "حدثا غير مسبوق"، واعتبرته اختباراً لما وصفته ب"مخزون القوة" لدى السلطة والمعارضة، ولكنه في ذات الوقت يهدد المنظومة الاجتماعية القائمة على رفع الأمير فوق الخلافات السياسية، واحترام الدستور الذي فرض قيودا على السلطة. وقالت إن الكويتيين قاموا بأكبر احتجاج في تاريخ البلاد، واستجابوا لما يسمى ب "مسيرة الكرامة" تعبيرا عن رفضهم لمرسوم قانون صادر من الأمير الصباح بشأن تعديلات في قوانين الانتخابات، وهم يهتفون "لن نسمح لك". وكانت قوات الأمن في استقبالهم وهي مصممة على فرض حظر على مسيرات وزارة الداخلية في مدينة الكويت، واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع في تفريقهم في حادث "لم يسبق له مثيل"، وأضافت المُحللة أنه لم يعد واضحا كيف ستترأس الكويت هذا، وكيف ستحل أزمتها السياسية الطويلة. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن هذه المواجهة أثبتت اختبار القوة بين الجانبين ومدى "اتحادهم" وعبرت عن مخزون القوة لدى الجانبين، فالأسرة الحاكمة رجعت على أعقابها منذ فضيحة الفساد التي استحوذ عليها المعارضة البرلمانية والمتحالفين معهم من الشباب لإجبار رئيس الوزراء، الذي لا يتمتع بشعبية الشيخ ناصر المحمد الصباح في نوفمبر 2011، وبعد ذلك أدى إلى انتخاب برلمان معارض قوي، ثم وجد الصباح نفسه أمام مهلة غير متوقعة بعد أن أبطلت المحكمة الدستورية البرلمان 2012 بسب أحكام تتعلق بالفنيات. وأكملت المحُللة المتخصصة في شئون الخليج سردها للأحداث التي أدت إلى التظاهرة الكبرى الأحد الماضي، فعندما توجهت الجهود لإحياء برلمان 2009 وفيه "شبهة الفساد" تم إحباطها بسبب المعارضة، وعادت حكومة الصباح مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية لمراجعة قانون الانتخابات، ولكن المحاكم أظهرت "استقلالا مفاجئا" في فرضها تقسيم الدوائر الانتخابية، ولكن الأمير تولى زمام الأمور وحذر من خطر الفوضى التي يمكن أن تتعرض لها البلاد، وتقويض الوحدة الوطنية، وأمر الأمير مجلس الوزراء لتغيير قواعد التصويت في الانتخابات البرلمانية المقررة في الأول من ديسمبر. وأشارت الكاتبة إلى موقف النائب المعارض في البرلمان المنحل مسلم البراك عندما وقف أمام المحتجين أمام البرلمان وتحدى الأمير بشكل مباشر، وقال " لن نسمح لك يا صاحب السمو أن تأخذ الكويت إلى هاوية الاستبداد"، واعتبرته عملا جريئا كسر القواعد الاجتماعية والنظام الدستوري، الذي يرفع الأمير فوق الخلافات السياسية وحماية سلطته التي لا نقاش فيها. وأضافت: يبدو أن السلطات لا تريد الدخول في مواجهة مباشرة معه، ولكنها وفقا لتقارير صحفية تسعى إلى السيطرة على أكبر قدر ممكن من وسائل الإعلام الكويتية، والنشاطات المتعلقة بالإعلام الاجتماعي، وقد قامت بالتحقيق مع 800 من مستخدمي تويتر انتقدت الأمير. واعتبرت "فورين بوليسي" أن تحدي "براك" أطلق الهتاف الشعبي "لن نسمح لك" ولكنه في ذات الوقت هدد بتقسيم المعارضة الكويتية التي تتألف من مجموعة متنوعة من القبائل الشعبية، والإخوان والسلفيين والقوميين الليبراليين واليساريين، ومجموعة من الفرق المختلفة رأت المجلة فيها "فروقا أيديولوجية وطبقية قوية تفرقهم". وأشارت إلى أن العديد من الليبراليين والسلفيين من النواب السابقين غضبوا مما يعتقدون أنه استفزاز للأمير لا ضرورة له، وقد تراجعوا من المرحلة الأولى في مواجهتهم مع الأمن، الأمر الذي أسفر عن اعتقال العديد من النشطاء الشباب منهم ابن المتحدث باسم البرلمان السابق أحمد السعدون. وفي تفسير الباحثة لاستخدام العنف من قبل السلطة، قالت إن ذلك قد يكون جزءاً من استيراتيجية إصباغ جزء من المعارضة بالتطرف، يتبعه تحذير من مخاطر الانقسام والطائفية، وذلك ما تحدث عنه الأمير بعد التظاهرات، في الوقت الذي انضم فيه بعض الشيعة إلى القوميين، الذي يحتل معظمهم المناطق الحضرية، خاصة الجماعات السياسية الشيعية وهي لازالت وثيقة الصلة بنظام الصباح، خوفا من المشاعر المناهضة للشيعة التي عبر عنها بعض النواب السلفيين المعارضين في البرلمان، ويعتبر هذا "إغراءا سهلا" للمعارضة "الإسلامية" في اتهام الأمير بمؤامرة لتثبيت الهيمنة الإيرانية عبر أغلبية برلمانية مزورة. وتعود "كريستين" لتقول إن هناك بعض الأدلة تُشير أن القمع قد يأتي بنتائج عكسية، فالكويتيين يحترمون النظام الدستوري والقيود "الصحية" على السلطة، وفي التجاوزات الأمنية التي حدثت في العامين الماضيين، تعهد الأمير بعدم القيام بها مرة أخرى، ودخلت الكتل السياسية البديلة إلى "حظيرة المعارضة" وذلك ما قد تقوضه المواجهات الأمنية. Comment *