اعتبرت وسائل الإعلام الأجنبية أن الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي أطلقت شرارة التحرر في المنطقة العربية, وجعلت من تونس مدينة جدانسك في العالم العربي ، مهد التضامن في بولندا، والتي بشرت بنهاية الحكم الشيوعي في أوروبا الشرقية. ورأت تقارير أوردتها وكالة الأسوشيتد برس وصحيفة النيويورك تايمز الأمريكية حول ردود الأفعال العربية على الانتفاضة التونسية أن الاحتفالات الشعبية التي عمت المنطقة العربية أعادت الأمل في أن تجلب هذه الانتفاضة تغييرا مماثلا في البلدان الأخرى المتهمة بوجود الأنظمة القمعية فيها. ولفتت التقارير إلى تدفق آلاف من رسائل التهنئة للشعب التونسي على الإنترنت على تويتر والفيس بوك والبلوجات،وقيام كثير من المستخدمين للموقعين باستبدال صورهم الشخصية بالأعلام التونسية الحمراء. وتزامنت الانتفاضة التونسية مع مرور العرب العرب بحالة إحباط من أي وقت مضى، سواء بسبب ارتفاع الأسعار والبطالة ، أو الاستياء من دعم زعمائهم للسياسات الأمريكية أو الازدواجية تجاه الحملات الإسرائيلية على لبنان في 2006 وقطاع غزة في عام 2009. وصورت احتجاجات تونس على أنها انتفاضة شعبية، تعبر خطوط الدين والعقيدة، وتقدم نموذجا جديدا للمعارضة في منطقة لطالما كان يعتبر أن الناشطين الإسلاميين فيها يحتكرون المعارضة. وقدمت الاحتجاجات مثالا نادرا للنجاح إلى الناشطين الذين كانوا في وضع حرج من إحداث التغيير في بلدانهم. وفي القاهرة, رقص العشرات من النشطاء المصريين المعارضين لنظام الرئيس حسني مبارك خارج السفارة التونسية في القاهرة، وهم يهتفون ” يا بن علي قول لمبارك الطيارة في انتظارك “.وردد البعض ” تسقط, تسقط مع حسني مبارك ” , وصاح آخرون “زين العابدين بن علي، أنت مخادع ! مبارك أنت مخادع ! القذافي أنت مخادع ! “. ويواجه الرئيس مبارك (82 عاما) موجة متصاعدة من الاستياء بسبب غياب الإصلاح الديمقراطي بينما تتزايد الاحتجاجات على المشاكل الاقتصادية في البلاد, فهو حليف رئيسي للولايات المتحدة. وقال الناشط المصري في مجال حقوق الإنسان حسام بهجت إنه ظل متسمرا أمام الأخبار لمشاهدة سقوط الحكومة التونسية, وأعرب عن أمله أن تفعل بلاده الشيء نفسه في يوم من الأيام. وقال بهجت للاسوشيتدبرس ” أشعر وكأننا أخذنا خطوة عملاقة تقربنا من تحرير منطقتنا ” وأضاف ” الشئ الهام بالنسبة لتونس هو انه منذ أيام بدا على النظام وكأنه لا يتزعزع، ثم أخيراً سادت الديمقراطية دون اى تدخل من دولة غربية واحدة.” وأكد بهجت أن ” الأحداث في تونس ستعزز الثقة في أعضاء المعارضة في المنطقة ،التي غالبا يحكم فيها الزعماء مدى الحياة.وما حدث في تونس... سيعطي قوة دفع لا يمكن تصورها لقضية التغيير في مصر،”. وقال المعارض المصري عبد الحليم قنديل ” مصر في حاجة إلى رجل مثل البوعزيزي محمد “. وفي الخرطوم, قالت زعيمة المعارضة السودانية مريم الصادق إن لديها مشاعر مختلطة فهي فرحة بالإطاحة بالرئيس التونسي لكنها حزينة لأن شعبها لم يفعل الشيء نفسه. وقالت الصادق “ما حدث في تونس قليل جدا بالمقارنة مع ما نمر به”، وأضافت “يجري الآن تقسيم بلدنا وسيادتنا مفقودة ونعيش في مهانة، وهذا ما يحدث في تونس... فأنا أشعر بالخجل.” وفي العاصمة الأردنية عمان التي تشهد احتجاجات بسبب ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية، احتشد مئات المواطنين للاحتفال بالثورة التونسية على الرغم من أن الملك عبد الله الثاني خفض بعض الأسعار والضرائب في وقت سابق من هذا الأسبوع في محاولة لوقف الغضب الشعبي وتخفيف العبء على الفقراء. وفي بيروت, قامت الإذاعة اللبنانية، ببث نغمات الانتصار، وأنهت تقريرها بالقول إنه “للمرة الأولى يتم الإطاحة بزعيم عربي بالاحتجاجات الشعبية”, وقامت بالاستشهاد بمقولة الشاعر التونسي الشهير “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر “. وقالت المذيعة عبير ماضي الحلبي إنه سيكون بمثابة “درسا للبلدان التي صدأ فيها الرؤساء والملوك على عروشهم”. أما عن ردود الأفعال في منطقة الخليج, فقد بثت قناة الجزيرة الفضائية برامجها تحت هذا العنوان ” تونس... الشارع يخلق التغيير “. وكتب محمد المسقطي، وهو مدون في البحرين على تويتر. ” انه حدث فعلا في حياتي فقد استيقظت الأمة العربية ، وكتب أيضا ” هذا يكفي” وفي باريس, احتشد نحو 200 شخص، يرتدون الأعلام التونسية والقبعات ، في الانفاليد في باريس بعد أن توجهوا بعيدا عن السفارة التونسية التي هي في مكان قريب.وأغلقت الشرطة الفرنسية الشارع الذي تقع فيه السفارة . وقال هيثم نصري، وهو طالب جامعي 21 عاما من صفاقسجنوبتونس والذي عاش في باريس لمدة سنتين انه كان يوم الاحتفال لكنه حذر من تعبئة للحشود يمكن أن تستمر. وقال نصري الذي كان ملفوفا في علم تونس الأحمر والأبيض “أنها مثل وقت نهاية الشوط الأول في مباراة كرة قدم مهمة، عندما كان الفريق الوطني فائزا 1-0. فنحن سعداء بأدائنا حتى الآن ولكن يتم التجهيز للشوط الثاني، فلقد فزنا بالمعركة ولكن ليس الحرب “. وفي محاولة لاستباق الأحداث, ألغت ليبيا الضرائب والرسوم الجمركية على المنتجات الغذائية، وحاولت المغرب تعويض الزيادة في أسعار الحبوب. وقال رامي خوري، مدير معهد عصام فارس بالجامعة الأميركية في بيروت ” انه تحقيق للزحف الذي يجري نتيجة تهميش وتفقير الناس أكثر وأكثر ، فالحياة أصبحت أكثر صعوبة.” وأضاف “ أنت بحاجة إلى إحداث الصغيرة لالتقاط روح العصر. وتونس أفضل من ألتقط روح العصر في العالم العربي “. وقال برهان جليون، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس وأستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون ” تحية لتونس، التي فتحت الطريق إلى الحرية في العالم العربي الذي تم تدميره لسنوات من الانتظار على الرصيف”، . وأكد أن الأحداث التي وقعت في تونس تذهب إلى أبعد المراكز التقليدية للسلطة في المنطقة التي لم تفعل شيئا للحد من هذا الحماس الذي يبدو انه تم توليده . وأضاف أن نجاح الاحتجاجات في تونس يجتاح المنطقة كلها والتي شكا سكانها كثيرا من الحكومات التي تبدو عاجزة عن تلبية مطالبهم ومجردة من أي أيديولوجية إلا لإدامة السلطة. ويبدو أن صدى هذه الاحتجاجات أنتشر في العديد من البلدان الأخرى من حلفاء الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط , وعلى رأسهم مصر . مواضيع ذات صلة 1. رشيد:مبادرة عربية لرجال الأعمال لتوصيل صوتهم للقادة العرب ! 2. رسالتان من البرادعي وحمدين صباحي : درس تونس.. “الشعوب هي التي تصنع التغيير” 3. حملة البرادعي تحيي “انتفاضة شعب تونس” .. وحملة حمدين تدعو لمظاهرة تضامنية الأحد 4. انتفاضة البطالة تتصاعد في تونس.. والشرطة تفتح النار على المتظاهرين وتقتل4 مواطنين 5. جنازات قتلى انتفاضة البطالة في تونس تشعل الاحتجاجات ضد النظام