كشف أكثر من 30 جندي إسرائيلي سابق عن تجربتهم في معاملة الأطفال الفلسطينيين أثناء العمليات العسكرية الاسرائيلية والاعتقالات ، مشيرين إلى وجود نمط من سوء المعاملة . وتشير صحيفة الجارديان أن كتيب من الشهادات , التى تم نشرها من قبل منظمة " كسر الصمت " -- وهي منظمة من الجنود الإسرائيليين السابقين مكرسة لنشر اعمال وانتهاكات الجيش الاسرائيلى يوما بعد يوم في الأراضي المحتلة -- يتضمن وصفا للضرب والتخويف والإذلال والإساءة اللفظية والاعتقالات الليلية والإصابات . ومعظم الأطفال كان مشتبه بهم فى رمي الحجارة . ونقلت الصحيفة عن يهودا شاؤول من منظمة كسر الصمت قوله انه تم تجميع إفادات الشهود لإظهار " الواقع المشترك " من أعمال العنف التي يرتكبها الجنود ضد الفلسطينيين ، بمن فيهم الأطفال ، في الضفة الغربية . وأضاف أنه " من المحزن أن هذه هي النتيجة الاخلاقية للاحتلال الذي طال أمده للشعب الفلسطيني " . وتذكر الصحيفة البريطانية بعض الشهادات التى أوردتها المنظمة فى الكتيب , فتشير الى أن واحد من الجنود الاسرائيلين السابقين يصف الخدمة العسكرية في مدينة الخليل (هيبرون) بالضفة الغربية عام 2010 فيما يتعلق بالاطفال قائلا " أنت لا يمكنك أبدا معرفة أسمائهم ، أنت لا تتكلم معهم ابدا ، إنهم يبكون دائما ، يتغوطون في سراويلهم ... وهناك لحظات مزعجة عندما تكون في مهمة للقبض عليهم ، وليس هناك غرفة في مركز الشرطة ، لذلك انت تأخذ الطفل معك ، معصوب العينين , وتضعه في غرفة وتنتظر الشرطة لتأتي وتلتقطه . فهو يجلس هناك مثل الكلب " . ووفقا للشهادات فأن الأطفال فى كثير من الاحيان يكونوا متسخين . وقال جندى اخر " انا أتذكر أنني سمعت احد الاطفال يتغوط فى سرواله ... وأتذكر أيضا فى وقت اخر عندما تبول شخص ما في سرواله . وانا أصبحت غير مبال تماما تجاه ذلك ، أنا سمعته يفعل ذلك وشهدت احراجه ، ولكننى لم اهتم " . جندي آخر يصف حادثة وقعت في مدينة قلقيلية في عام 2007 تم فيها اعتقال صبي لإلقاءه الحجارة . وقال " في نهاية اليوم ، يجب فعل شيء لجعل هؤلاء الأطفال يتوقفوا عن ألقاء الحجارة على الطريق لأنها يمكن أن تقتل " . واضاف " هذا الطفل بالذات , الذي سقط على الارض يتوسل من أجل حياته ، كان في الواقع يبلغ من العمر تسع سنوات . موقف مثل هذا ، انا أعني ، طفل يتوسل لحياته ؟ وبندقية مليئة بالرصاص موجهة في وجهه وعليه أن يتوسل من أجل الرحمة ؟ هذا أمر سيترك له أثارا طوال حياته " . وتوضح الجارديان أن بعض التصريحات توضح مدى الانفصال التام وانعدام التواصل المشترك بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين . فقال أحد الجنود : " أنت تضع نقطة تفتيش انطلاقا من الملل ، وتجلس هناك لبضع ساعات ثم تتابع . بمجرد أن رأيت أطفال عابرون ، أراد أحد الجنود الاحتياطيين , الذي تحدث بالعربية ، أن يسألهم ماذا يدرسون . وهو لم يكن يوجه السؤال بأي شكل من الأشكال السيئة , لكننى رأيت كيف تبول الطفل فى سرواله عندما حاول الجندى أن يمزح معه ، وكيف أن العالمين ببساطة منفصلين . ففى حين أن الرجل كان يمزح , فالطفل كان مرعوبا جدا " . وتشير الصحيفة الى أن معظم الجنود اعطوا شهاداتهم بشكل مجهول الهوية . وقال أحدهم , الذي تحدث لصحيفة الجارديان ، أنه لم يتلقى أي توجيهات أو ارشادات خلال فترة تدريبه فى الخدمة العسكرية حول كيفية التعامل مع القاصرين . وقال انه فى بعض الاحيان كان يتم اعتقال واستجواب الأطفال ليس بسبب الاشتباه في جريمة ، ولكن في محاولة للحصول على معلومات حول أفراد العائلة الاكبر سنا أو الجيران . وقال انه اعطى شهادته لمنظمة كسر الصمت لأنه يعتقد أن الناس الذين لا يرون هذا على أساس يومي يجب أن يعرفوا ماذا يحدث , مضيفا أن " الكثير من الإسرائيليين غير راغبين فى الاعتراف بواقع الاحتلال العسكري في الضفة الغربية " . ومن جانبه أعتبر جيرارد هورتون ، من المنظمة العالمية للدفاع عن الأطفال ، أن هذه الشهادات تعكس وتؤكد وجود نمط من السلوك تم الكشف عنه من قبل بحث موسع أجرته منظمته بشأن معاملة الأطفال الفلسطينيين من قبل قوات الأمن الإسرائيلية . وتشير صحيفة الجارديان أن المنظمة العالمية للدفاع عن الأطفال وغيرها من منظمات حقوق الإنسان تقول انه يتم القبض بشكل روتيني على الأطفال الفلسطينيين في الليل ، مكبلين اليدين ، معصوبى العينين ، ويتعرضون لسوء المعاملة ويمنعون من الوصول إلى والديهم أو محامى . وقال هورتون انه " على مدى سنوات ظهرت تقارير موثوق بها عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأطفال الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي " , وأضاف أن " هذه الشهادات الاخيرة من الجنود الشباب الذين كانوا فى الخدمة فى مهمة تطبيق الاحتلال تقدم دليلا إضافيا له على الاثار المدمرة بشكل عميق على الجميع . كما أن هذه الشهادات تزيح الستار عن واقع الاحتلال يوما بعد يوم . فهذه الحوادث ليست حوادث منعزلة أو مسألة ' بضعة من الفاسدين ' ، وانما هى نتيجة طبيعية ومتوقعة لسياسات الحكومة الاسرائيلية ". وفى السياق ذاته نقلت جارديان عن متحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية قوله أن منظمة " كسر الصمت " قد امتنعت عن تزويد الجيش الإسرائيلي بالشهادات قبل نشرها بحيث يمكن التحقق منها والتحقيق فيها. وقال أن النية الحقيقية للمنظمة كانت " لتوليد دعاية سلبية بخصوص الجيش الإسرائيلي وجنوده . والجيش الإسرائيلي في الماضي ، ولا يزال ، يدعو المنظمة إلى نقل بشكل فورى للشكاوى أو الشكوك حول أى تصرفات غير لائقة إلى السلطات المختصة . وانه تماشيا مع الالتزامات الأخلاقية للجيش الإسرائيلي ، سيتم التحقيق في مثل هذه الحوادث بشكل شامل . " وفى تقرير اخر ذكرت صحيفة الاندبندنت رواية لشاب فلسطينى يسرد فيها ما تعرض له على يد الجنود الاسرائيليين . فيقول حافظ راجبى ( 21 عاما) , الذى يوجد فوق عينه اليمنى وفى ظهره اثارا للجروح , انه تعرض للضرب ببندقية أحد الجنود الاسرائيليين والدفع العنيف تجاه السور الحديدى للسلم عندما جاءت دورية لتأخذه من منزل جدته فى 28 أغسطس 2007 – اى كان طفلا قاصرا فى ذلك الوقت -- قبل الساعة السادسة صباحا . وهو يقول ان كل هذا حدث قبل ان يتم جره الى منزل اخر من قبل قائد وحدة اسرائيلية والذى هدده بالقتل اذا لم يعترف بالقاء الحجارة على القوات الاسرائيلية , ثم بدأ يضربه مرة اخرى , ووجه البندقية بغضب الى رأسه . وقال حافظ " أنا كنت متأكد انه على وشك قتلى " . وتلفت الصحيفة الى أن الرواية التى ذكرها هذا الشاب هى متوافقة مع شهادة أحد الجنود الاسرائيليين, والتى هى من بين شهادات عديدة اخرى لجنود اسرائليين نشرتها منظمة " كسر الصمت " حول كيفية معاملة الجيش للأطفال الفلسطينيين . حيث يروى هذا الجندى , والذى كان ضمن الجنود الذين جاءوا تلك الصباح للبحث عن راجبى , قائلا " كان لدينا قائد ، ناهيك عن اسمه ، كان حادا وقاسيا جدا . ، وضرب الصبى بشده ، وقال له : " انتظر ، الآن نحن سوف نأخذك " . وأظهر له كل أنواع الحفر في الطريق ، وسأله : " هل تريد أن تموت ؟ هل تريد أن تموت هنا " . فرد الطفل : " لا، لا " . وأضاف الجندى فى شهادته " ثم أقتدناه إلى مبنى قيد الإنشاء . وأخذ القائد عصا وحطمها عليه . هذا القائد لم يكن لديه رحمة . على أي حال الطفل لم يعد يمكنه الوقوف على قدميه وكان يبكي بشده ، والقائد لم يكترث بذلك على الاطلاق . وصرخ هذا القائد فى الطفل : ' قف ! " محاولا أن يجعله يقف على قدميه ، ولكن من كثرة الضرب , لم يستطع الطفل الوقوف . فصرخ القائد فى الطفل قائلا " لا تقم بالتمثيل " , وركله عده مرات اخرى " . وتشير الصحيفة الى تقرير , تم اصداره قبل شهرين من فريق من المحامين البريطانيين ، برئاسة السير ستيفن سيدلى , وممول من وزارة الخارجية البريطانية ، أتهم إسرائيل بارتكاب سلسلة من انتهاكات للقانون الدولي في تعامل جيشها مع الأطفال المحتجزين . وركز التقرير على الاستجواب والاعتقال الرسمي للأطفال وتقديمهم للمحاكمة أمام محاكم عسكرية – بشكل اساسى بتهمة ألقاء الحجارة المزعومة . وذكرت الصحيفة انه على مدار السنوات الثمانية الماضية ، كانت منطمة "كسر الصمت" تأخذ شهادات من جنود سابقين الذين شهدوا أو شاركوا في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة . وفيما يتعلق بهذه الانتهاكات والعنف فى طريقة معاملة الاطفال الفلسطينيين , قال أحد الجنود لمنظمة كسر الصمت " نحن كنا ننظر الى هذا بشكل مختلف , نحن كنا فى نوع من اللامبالاة . فقد اصبح هذا نوعا من العادة . دوريات مع ضرب يحدث بشكل يومي . لقد كان كافيا بالنسبة لك – كفلسطينى – ان تنظر الينا بطريقة لا تعجبنا ليتم ضربك على الفور . نحن وصلنا بالفعل إلى تلك الحالة " . Comment *