وزير التعليم يتخذ قرارات جريئة لدعم معلمي الحصة ورفع كفاءة العملية التعليمية    توجيه مهم من السياحة للشركات قبل الحج 2025 -(تفاصيل)    سفيرة الاتحاد الأوروبي: نحرص على تعزيز الشراكة مع مصر ودعم مشروعات التنمية المستدامة    النائب عاطف مغاوري يطالب بإسقاط مشروع قانون الإيجار القديم وتدخل الرئيس السيسي    سفير فلسطين بالقاهرة: نكبة 1948 تسببت في تهجير نحو 850 ألف فلسطيني    حماس: أكثر من 120 شهيدا في أقل من يوم وعائلات فلسطينية أبيدت بالكامل    الأهلي يهزم الزمالك ويتعادل في نتيجة سلسلة نصف نهائي دوري سوبر السلة    إيداع نجل الفنان محمد رمضان لدار رعاية    حسين فهمي من مهرجان كان: السينما المصرية تنهض مرة أخرى    "ملف اليوم" يسلط الضوء على غياب بوتين عن مباحثات السلام مع أوكرانيا بتركيا    6 أبراج تحب الحيوانات.. هل أنت منهم؟    شام الذهبي تحتفل بعيد ميلاد والدتها أصالة نصري ال 56 وتوجه رسالة لها    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    استعدادا للامتحانات، أطعمة ومشروبات تساعد الطلاب على التركيز    خبير دولي: روسيا لن تتراجع عن مطالبها في أوكرانيا.. والموارد تلعب دورًا خفيًا    في اتصال مع مبعوث ماكرون.. المنفي: لا تساهل مع من ينتهك وقف إطلاق النار    أتلتيكو مدريد يسقط أمام أوساسونا بثنائية في الدوري الإسباني    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    شكرًا للرئيس السيسي.. حسام البدري يروي تفاصيل عودته من ليبيا    إعلان الفائزين بجائزة «المبدع الصغير»    مهرجان العودة السينمائى يُكرّم أحمد ماهر وسميحة أيوب وفردوس عبد الحميد    «ملامح من المنوفية» فى متحف الحضارة    وفد اللجنة الأولمبية يدعم اتحاد الدراجات ويشيد بتنظيم بطولة أفريقيا للمضمار    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    مد الفترة المخصصة للاستديوهات التحليلية في الإذاعة لباقي مباريات الدوري    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    حبس عامل مغسلة 4 أيام بتهمة هتك عرض طفلة في بولاق الدكرور    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    لانتعاش يدوم في الصيف.. 6 إضافات للماء تحارب الجفاف وتمنحك النشاط    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر مقال مجدي حسين الذي تسبب في "مصادرة" "الشعب": سياسات المخابرات و"عكاشة" وتمرد "24 أغسطس"
نشر في البديل يوم 21 - 08 - 2012

المقال بعنوان:"نطالب مدير المخابرات الجديد بإعادة النظر في سياسات الجهاز التي أفسدت الحياة السياسية
حسين ينشر في المقال منشورا من رئيس أركان القوات الجوية يدعو الجنود والضباط إلى متابعة قناة عكاشة
لا يزال المرء لا يصدق أحيانا الإنجاز الكبير الذى حدث يوم 12 أغسطس الماضى حين اتخذ الرئيس مرسى قراراته التاريخية بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وإنهاء قصة المجلس العسكرى الذى تحول إلى كابوس على صدر الأمة. وقد كنت على يقين، وكتبت فى هذا المكان، أن محاولات العسكر فى الاستيلاء على الحكم ستفشل حتما باستقراء السنن الاجتماعية والتاريخية، وقلت لهم مرارا لا تضيعوا وقت الأمة بلا طائل. ومع ذلك فقد كنت قلقا من احتمال استمرار التنازع على السلطة بين الجهة الشرعية المدنية المنتخبة والمجلس العسكرى لشهور طويلة أو عام أو عامين، ولذلك نقول بكل الثقة والأمانة إن الرئيس مرسى وصحبه قد اختصروا على الأمة وقتا ثمينا بإنهاء هذه الازدواجية فى السلطة بأسرع ما يمكن، فى حوالى أربعين يوما، وما أقصرها من مدة فى حياة الأمم. ولأن مصر دولة مركزية عتيدة فمن المرجح أن تستقر الأمور وأن تبرهن المؤسسة العسكرية –بل أعتقد أنها برهنت بالفعل– على أنها مؤسسة وطنية نظامية احترافية، وأنها تدرك بعمق أنه لا دور مباشر لها فى العمل السياسى. وإن كان لها دور كبير غير مباشر فى السياسة من خلال مسئوليتها العسكرية عن حماية البلاد من الأخطار الخارجية، والاهتمام بالتسليح، وبكافة قضايا الأمن القومى، ولكن من خلال المؤسسات الدستورية ومن خلال احترام القيادة السياسية الشرعية المنتخبة. ونقطة التحول هذه فرصة تاريخية لإعادة تقييم دور المخابرات العامة، ووقف نشاطها فى الأحزاب السياسية والإعلام، ليس فى مجال مدّ الوطنيين بالمعلومات الصحيحة فهذا مطلوب أن يستمر، ولكن أقصد وقف تدخلها فى العمل السياسى الداخلى للترويج لحكم العسكر ونشر هذه الأفكار من خلال أحزاب الأنابيب أو من خلال بعض الشخصيات المرتبطة بالجهاز، والقيام بالاختراق والتجنيد داخل هذه الأحزاب. أنتهز فرصة تسلم مدير جديد للمخابرات العامة كى أقول له لا بد من طوى هذه الصفحة التى أضرت بهذا الجهاز، وهو جهاز مرشح دائما ليكون نقطة التقاء وطنى للجميع طالما اهتم بمواجهة الاختراقات الصهيونية والأمريكية لمجتمعنا. ولاشك أن قناة الفراعين كانت النموذج الصارخ على ذلك، ففى حين تصور البعض أن ظاهرة عكاشة ظاهرة كوميدية، لم تكن كذلك أبدا، بل كانت ظاهرة فى منتهى الجدية، والمخابرات التى تستعين عادة بكبار الخبراء النفسيين، تستخدم أنواع مختلفة من البشر فى سبيل تحقيق أهدافها، ومن بين ذلك استخدام شخصيات تبدو فكاهية أو عبيطة أو "بتستهبل"، وليس عكاشة هو النموذج الوحيد فى هذا المضمار. تستخدم هذه الشخصيات لتمرير معلومات معينة ومفاهيم معينة، ويمكن التبرؤ منها بسهولة باعتبارها شخصيات غير متزنة، وأيضا بعض الناس يرتبط بهذه الشخصيات كما يرتبط بالممثلين الكوميدى ويحبهم رغم بلاهتهم فى أدوارهم. والحقيقة أن المخابرات العامة كانت صاحبة فكرة حكم العسكر، وممثلوها فى الاعلام أكدوا دائما على أنها فكرة دائمة وليست انتقالية. ولا بد أن نتأكد من أن الجهاز فى عهده الجديد سيكف عن الترويج لهذه الفكرة. لا خوفا من هذه الفكرة الفاشلة، ولكن لأن استمرار تبنّيها سيظل يشغل جهازا أساسيا له صلة عضوية بالمؤسسة العسكرية بالتدخل الدائم فى السياسة الداخلية، ومحاولة اختراق الأحزاب وإفسادها. والانشغال عن المهام الأساسية للجهاز فى التصدى للاختراقات الخارجية. والشهادة لله فقد لاحظت أن الرموز المحسوبة على جهاز المخابرات قد خفت وتيرة ظهورها فى الاعلام المرئى، بعد أن كادت تسد الأفق. ونرجو أن تكون هذه سياسة جديدة، وليس مجرد لحظة إحباط بمناسبة عزل طنطاوى وعنان وإنهاء حكم المجلس العسكرى. ولقد كان موقف الفريق الاعلامى للمخابرات يركز على فكرة أن الإخوان هم الوجه الآخر للحزب الوطنى، وأن الثورة لم تحقق شيئا، بل يروجون أن حكم الإخوان أسوا من حكم مبارك. وقد ظهر التحالف مع الفلول فى هذا الموقف خلال حملة شفيق، واستمر بعد نجاح مرسى. وظهر خلال الإعداد لتمرد 24 أغسطس الذى تم إجهاضه بإذن الله. ظهر التحالف الوثيق بين اعلام المخابرات وإعلام الفلول ضد مرسى والمستمر حتى الآن فى الصحف الورقية المرتبطة بالمخابرات، وفى المحطات الفضائية المتهمة بأنها من تمويل جمال مبارك وصفوت وباقى جماعة طره. ومن العار أن يتحدث من يحسب نفسه على الثورة دفاعا عن قناة الفراعين لصاحبها مقبّل أيادى صفوت الشريف، فبغض النظر عن التهريج وقلة الحياء فإن جوهر ما روجت له هذه القناة هو: ضرورة حكم العسكر، وتحديدا حكم المخابرات، مطالبة طنطاوى أو عمر سليمان بالترشح؛ باعتبار أن ذلك هو الحل الوحيد لمشكلات مصر! ثم تبنّى شفيق اتهام الثورة بأنها صنيعة أمريكا والصهيونية، وهذا نفس رأى عمر سليمان. واتهام الإخوان بأنهم عملاء لبريطانيا وأمريكا. بدون أى حياء من العلاقات الوثيقة بين العسكر وأمريكا! وكانت رموز المخابرات العامة تظهر على القناة ومن بينهم من يعرف نفسه بأنه من العاملين السابقين بالمخابرات، ويتحدثون فى نفس خط عكاشة مع تقديم وافر الاحترام له، بل قام محافظون حاليون بالاتصال على الهواء وأعربوا عن كامل احترامهم للرمز الوطنى عكاشة (أذكر الآن محافظ أسوان). وقد بثت الفراعين إعلانات مدفوعة الأجر لمؤسسة التصنيع الحربى، وهذا دليل على تمويل جهة عسكرية للقناة. وقد علمنا من إخوتنا فى القوات المسلحة أن هناك أمرا داخل وحدات الجيش بالاستماع لقناة الفراعين باعتبارها القناة الوطنية الوحيدة. وأخيرا اطلعت على منشور بهذا المعنى صادر من رئيس أركان القوات الجوية، وجاء فيه بالنص:
عاجل جداً
بناء على تعليمات رئيس أركان القوات الجوية:
برجاء التكرم باتخاذ اللازم نحو قيام القادة على كافة المستويات بالتنبيه على السادة الضباط –صف الضباط– الجنود بضرورة مشاهدة قناة الفراعين؛ حيث تتصف برامجها بالحيادية والموضوعية وتفضيل مصلحة الوطن على أى مصالح أخرى.
مع وافر الاحترام
التوقيع
لواء طيار أركان حرب يونس السيد المصرى
رئيس شعبة العمليات الجوية
27 – 11 – 2011
لا أريد أن أنكأ جراحا، بل أريد أن ننظر إلى الأمام، وتصريحات وزير الدفاع الجديد مطمئنة وجيدة، وأرجو أن تكون قد فتحت صفحة جديدة فى هذا المجال: مجال علاقة القوات المسلحة بالسياسة الداخلية. نحن الآن لدينا رئيس منتخب وسيكون لنا دائما مؤسسات منتخبة من الشعب، والشعب سيحكم نفسه بنفسه من خلال هذه الدورات الانتخابية التى ستحدد المشروعية التى لا خلاف عليها فى تمثيل الأمة. والمؤسسة العسكرية تتبع المؤسسات المنتخبة، ولكن لها دورا مقدرا ومحترما فى صناعة القرار السياسى والعسكرى والاقتصادى، من خلال مجلس الأمن الوطنى وغيره من الآليات.
ولكن لا تزال حتى هذه اللحظة بعض الأقلام المحسوبة على جهاز المخابرات تبشر بإمكانية حدوث انقلاب عسكرى بعد حين، وهناك من يتحدث عن أن المؤسسة العسكرية لم تهزم فى تاريخها أمام أى تيار مدنى، ولكنها تهزم فحسب أمام قوات الاحتلال!!! وهذا الكلام لا يشرف أى مؤسسة عسكرية فى الدنيا، ولكنه يقال على سبيل التخويف والتهديد وإثارة القلق. هذه النغمات تظل تشدنا للخلف بلا طائل، وتشيع أجواء من عدم الاستقرار، رغم أن كل الظروف مهيأة تماما للاستقرار.
نحسب أن الخطة الانقلابية للمجلس العسكرى ولبعض أجهزة الأمن وربما أطراف فيها قد اندحرت وأجهضت بقرارات عزل طنطاوى وعنان وتفكيك المجلس العسكرى، وتجديد دم القوات المسلحة وقيادتها. خاصة إذا كان وزير الداخلية الجديد متعاونا مع العهد الجديد، وهذا ما يبدو حتى الآن.
إن ما نسمعه من صراخ حول نصرة عكاشة وجريدة الدستور التى تحولت لنسخة مطبوعة لقناة الفراعين، إنما هو من قبيل حشرجة الموت لفلول النظام المحتضر، ونهيب بالوطنيين من التيارات الليبرالية والقومية واليسارية الانتباه لعدم الاصطفاف مع الفلول الإعلامية لعهد مبارك تحت عنوان كاذب اسمه حرية الصحافة والإعلام. ونقول لم يكن من أهداف الحركة الوطنية تحويل الصحف القومية إلى صحف معارضة، فهى صحف حكومية حتى نعيد النظر فى وضع هذه المؤسسات من خلال الدستور الجديد، وبالتالى ليس من وظيفة المؤسسات الصحفية أن تكون ضد الحزب الفائز فى الانتخابات، وعندما ينتقد بعض الكتاب فيها السياسات الرسمية يكون ذلك فى إطار التسليم بمشروعية الانتخابات ونتائجها، ولكن بعض الكتاب يريدون أن يرفضوا نتائج الانتخابات ويدعون لثورة على الحزب الفائز فيها فى الصحف الحكومية، فإذا منعت مقالاتهم بكوا على حرية الصحافة. إن حرية الصحافة تتبدى فى حق الصحفى فى الكتابة فى صحف المعارضة أو الصحف المستقلة. مثلا فى (BBC) لا يمكن تنظيم حملة لإسقاط النظام الحاكم فى بريطانيا. ولكن بعض الكارهين للخيار الاسلامى يريدون استغلال الأهرام والأخبار والجمهورية للدعوة لثورة على حكم الرئيس مرسى، وهذا لا مثيل له فى أى نظام ديمقراطى!
إثارة هذه القضايا أشبه بالعمل التعرضى الذى يحول بين الأمة وبين انطلاقها للأمام. إذا كان هناك من يخشى بإخلاص على ضمانات الديمقراطية فليركز المناقشات ولفت الانتباه لعملية صياغة الدستور فى المضمون (بدلا من المماحكات المستمرة حول معايير وتشكيل الجمعية التأسيسية). وسيكون جميع المخلصين الوطنيين من مختلف الاتجاهات مع أقصى ضمانات لنظام الحكم الديمقراطى. سنكون جميعا يدا واحدة ولن تمر أى مادة تهدد الحريات أو تداول السلطة إلا على جثثنا جميعا، وكل الأطراف العلمانية فى الجمعية التأسيسية لا يشعرون بأى حالة من حالات الإكراه فى اتجاه معين، فدعونا نركز على هذا العمل الإستراتيجى بدلا من التفتيش فى النوايا. وخلال شهر أو شهرين سيكتمل مشروع هذا الدستور إن شاء الله، وسيكون أمام الجميع قبل الدخول فى مرحلة الإقرار والاستفتاء.
فى تقديرى أن نشاط الفلول من قبيل حشرجة الموت، أما المسار الرئيسى للثورة فلا بد أن يستكمل بكل قوة. على الرئيس مرسى بعد أن فرغ من مناكفات المجلس العسكرى وازدواجية السلطة المعطلة، أن ينطلق فى العمل الرئيسى التالى؛ وهو حركة المحافظين ثم حركة رؤساء الأحياء والمدن. تطهير الحكم المحلى له أولوية. وتطهير الوزارات من عناصر الفساد والتسلق والمستشارين الذين يحصلون على قرابة 20 مليار جنيه. وأن ينسى تماما برنامج ال 100 يوم، فقد قام بأكبر وأجلّ عمل فى 40 يوما وهو الخلاص من المجلس العسكرى. الآن نريد الخطوة السليمة الأولى فى كل مجال: نريد المشروع الأول فى تعمير سيناء، نريد المشروع الصناعى الأول.. إلخ، علينا أن نتقدم على محاور التنمية الأساسية جميعا، بشكل مترابط ومتكامل. ولا بد من ملاحظة أن بعض الأفكار التى يطرحها رئيس الوزراء قنديل قد تثير القلق والخلاف، فهو ما يزال يتحدث عن أهمية الاقتراض من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، لا تزال بعض مشروعات القريبين من الإخوان المسلمين تركز على التجارة (الجملة والتجزئة) والاستيراد. لا بد أن نرى أفق العمل الصناعى الإنتاجى باعتباره قاطرة التقدم وتوفير فرص العمل والتنمية المستقلة الواعدة والناجزة. وفى هذا الإطار أرى زيارة الرئيس مرسى للصين فى منتهى الأهمية إذا كانت بأفق التعاون الاستثمارى والعلمى والتكنولوجى، وليس من أجل المزيد من الاستيراد الاستهلاكى. لقد سافر مبارك للصين عدة مرات وعاد بخفى حنين لأنه كان مرتبطا عضويا بالولايات المتحدة، كذلك لم يهتم بزيارة الهند. والصين على وشك أن تحتل اقتصاديا المركز الأول فى العالم وتهبط أمريكا للمركز الثانى، أما الهند فقد وصلت للمركز الرابع. والاقتصادان الهندى والصينى هما أكثر الاقتصادات سرعة فى النمو، ولولاهما لكان النمو العالمى بالسالب. وفى المقابل لاحظ الأزمات المتصاعدة فى الاقتصاد الأمريكى والأوروبى.
وسأعود لهذا الموضوع مرارا وتكرارا: هبوط الولايات المتحدة وصعود الهند والصين والعديد من دول أسيا وأمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا.
ولكن أكتفى الآن بالإشارة إلى أن أمريكا قوة آفلة، وأن الاهتمام الزائد بربط عجلة اقتصادنا بها فكرة حمقاء، فضلا عن أنها فكرة غير وطنية وغير مفيدة لاقتصاد البلاد ورفاهيته، ولنا فى ثلاثين عاما فى العهد البائد مثل واضح. فأرجو من السيد رئيس الوزراء ألا يردد على مسامعنا البشرى بأنه على وشك الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى أو البنك الدولى أو القول بأن القرض شهادة حسن سير وسلوك للاقتصاد المصرى، وهو نفس التعبير الذى قاله لى عصام شرف فى المرة الوحيدة التى التقيته فيها. وأذكر أننى نصحت شرف بالسفر إلى الصين واقترحت عليه من باب تخصصه أن يعقد اتفاقا مع الصين لبناء خط قطار سريع سرعته بين 300 و500 كيلومتر فى الساعة. ولكنه استخفّ بالفكرة وطالب منّى القيام بذلك!!
زيارة الرئيس مرسى للصين فرصة للحديث عن أهمية العلاقات الخارجية فى حل مشكلات مصر الداخلية، وسنعود لهذا الحديث. وكل عام وأنتم بخير بعيد الفطر، أول عيد فطر بدون مبارك وطنطاوى!
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.