رمضان ... الوان ... افراح ... اشجان ... و فى الاخر انسان ... فى البدايه اهنئ الجميع بشهر رمضان الكريم اعاده عليكم و على الامه العربيه و المصريه باليمن و البركات . عندما انظر الى ثلاثون عاماً الى الوراء ، عندما كان جيلى صغيراً لا يعرف فى هذا العالم سوى الخير و الرحمه و الحنان و ثلاثين يوم هم شهر رمضان ذو الفوانيس الملونه القليله الثمن ، الفوانيس ذات الشمع ، و اوعى تنطفئ شمعتك . و عم محمد البقال بشارع الظاهر بجانب عم زغلول بتاع الطعميه اللى قدام سينما ريالتو ( سابقاً) الذى ياتى ببعض الفوانيس ليسترزق فى شهر رمضان و يدعو جميع الاطفال و الكبار لشراء فوانيسه ذات الشمع و الاختراع الاعظم الفوانيس ذات البطاريات التى تضئ باللمبه الصغيره التى اذا احترقت يجب تغيير الفانوس تماماً . مرت مريم تلك الفتاه اللطيفه التى كنا نعرفها من اللعب فى حاره قزمان المطله على شارع الظاهر ، لا نعرف عنها شيئاً سوى انها مريم تلك الفتاه التى كانت تنعطف من شارع الجد المواجه لحارة قزمان لتاتى يومياً تلعب معنا بالفوانيس فى رمضان ، و لكن فى تلك السنه بالذات وقفت مريم تنظر الينا و نحن نلعب بالفوانيس محاوله ان تلعب معنا و لكن فانوس كل واحد منا كنز حربى ( ممنوع الاقتراب منه ) ارادت ان تلعب بالفانوس و نحن ليس فى عقولنا ان مريم ليس معها فانوسها حتى قررت ان لا تلعب معنا و تعبر شارع الظاهر جالسه على الرصيف مواجهه بقاله عم محمد ، و رقرقت عيناها الصغيرتين بالدموع و هى تتهشج و مناخيرها نازله ، و يدها الصغيره تمسح دموعها ، وجدت نفسى اقترب منها سائلاً : - مالك فى ايه ؟؟؟ - مليش بس معييش فانوس . لم اعرف بماذا اجيب و هنا ظهر عم محمد من داخل بقالته الصغيره ذلك الرجل المسن الذى كانت لديه ابتسامه عذبه مثل صفاء البحر و نقاء السماء ، نظر الى مريم التى كانت تنهش الفوانيس بعينيها ، اقترب مننا عم محمد قائلاً ... - الجميل بيعيط ليه ؟؟؟ اجبت انا و كاننى المحامى المدافع ... - مريم عايزه فانوس. - بس كده ، امسحى دموعك يا مرموره ... مسحت مريم دموعها فى كم جلبابها ، و نظرت الى عم محمد بفرح طفولى رهيب لا انساه حتى الان مهما مر بى الزمن ، مد عم محمد يده اتياً بفانوس من ابو شمعه معطياً اياه الى مريم التى لم تصدق نفسها فقالت و هى تقفز من الفرحه ... - ده بتاعى انا ... - اجاب عم محمد مبتسماً : ولعلها الشمعه يا واد انت ... اشعلت الشمعه الى مريم و هى تقول : وحوى يا وحوى .... لا اتذكر ان كانت قد شكرت عم محمد ام لا ، الذى رايت فى عينيه دمعه صغيره انفلتت و هو ينادى على بينما مريم تعبر شارع الظاهر لتلعب مع عيال الحاره . - اسمع يا واد لو امها سالتها عن الفانوس ، قولها عم محمد ادهولها . - فاجبته بفلحصه متناهيه : امال ابوها فين ؟ - نظر الى عم محمد بتمعن قائلاً : ابوها ميت ، مريم يتيمه ... لم انتبه الى ما قاله كثيراً و لكن بعقلى الصغير وقتها فهمت ان ابيها مش موجود ، عبرت الشارع لاواصل اللعب مع العيال و ظللنا ننتقل من شارع الى اخر حتى وصلنا الى شارع الجميل المتفرع من الشارع الظاهر حتى وصلنا الى كنيسه الملاك ميخائيل التى بمنتصف الشارع فخرج لنا ابونا بذقنه السوداء الطويله و ملابسه السوداء المميزه و فى يده حلويات موزعاً اياها علينا قائلاً : رمضان كريم يا اولاد ... و لم يجد منا سوى ضحك الاطفال البرئ و التهام الحلوى اللذيذه ما بين شيكولاته و ملبس افراح ملون ، و هنا خرجت من الكنيسه سيده نظرت الى مريم منتهره اياها و لم تكن تلك سوى امها ... - ايه ده يا مريم انتى جبتى الفانوس ده منين . لم تعرف بما تجيب مريم فتدخلت لانقاذ الموقف متبعاً نصيحه عم محمد ... - يا طنط ، عم محمد هو اللى ادى الفانوس لمريم ... و هنا التف حولى خالد و زينب و غيرهم من العيال لتاكيد تلك المعلومه الى ام مريم ، فضمت الاخيرة ابنتها الى حضنها و عينيها ظهر بها رقرقه من نوعاً ما لم اعلمها وقتها قائله ... - شكرتى عم محمد يا مريم ... فجرت مريم و نحن معها لتشكر عم محمد .... كبرت و عرفت ان مريم لم تكن سوى ابنه عم جرجس فراش الكنيسه و كفى . سنعبر جميع المحن معاً طائرين الى سماء الحريه باجنحه النسور و قلوب الاسود و سياتى جيل ستكون فيه مصر للاحرار ، و رمضان كريم ، اكرم من كل انسان ... لان رمضان روحاً قبل ان يكون شهراً .... Comment *