( من لم يتعلم من التاريخ تتعطل خطواته نحو المستقبل ) قول مأثور عام 1970 م عندما توفى جمال عبد الناصر , كان عمري 6 سنوات , وجلست أبكى طوال مساء هذا اليوم خوفاً من دخول اليهود إلى مصر بعد موت عبد الناصر . كان هذا تفكيري وأنا طفل صغير وسط هذا الجو المشحون , الذى توقفت فيه كل من برامج التلفزيون والإذاعة واقتصرت على آيات القرآن الكريم وأغنية " الوداع يا جمال يا حبيب الملايين" ؛ والذى ظهرت فيه عبارة تقول : ( أن القوالب نامت, والنُصاص قامت ) , وطبعاً كان المقصود بالقوالب: عبد الناصر, والمقصود بالنُصاص : السادات . وعندما قامت حرب أكتوبر ؛ قت بملء كراسات الرسم بمشاهد الدبابات التي تعبر على الكباري لتصل إلى الضفة الأخرى من القناة , مخترقة خط بارليف والنقاط الحصينة . وعندما سافر السادات إلى القدس كنت يومها في بيت جدي بمنطقة الشاطبى بالإسكندرية , وكانت الأسرة كلها مجتمعة أمام التلفزيون . وعندما تطرق السادات فى خطابه أمام الكنيست إلى تاريخ الأنبياء في المنطقة , علق أحد أفراد الأسرة عل خطابه واصفاً إياه بأنه : غاوي حكايات . واستهواني هذا الوصف وبنيت عليه موقفي من السادات عندما أصبحت في سن المراهقة . وكنت أجادل المؤيدين لكامب ديفيد قائلاً : أن السادات أضاع نصر أكتوبر هباء ؛ لأن سيناء مازالت متدرجة نزع السلاح , ولا سيادة كاملة للجيش المصرى على كامل مساحتها , وأن إسرائيل ضحكت على مصر لتخرجها من النزاع العربى الإسرائيلي وتستفرد هى بالعرب . ومع دخولى إلى كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية , بدأت قراءة الكتب الماركسية واليسارية , وكنت مبهوراً برجال وزعماء مثل ماركس وإنجلز ولينين وستالين . وقرأت كتاب كفاحي لهتلر , وكنت أعتبره عنواناً على المسيرة العظيمة لقائد تاريخى ومفكر عملاق !! ولكننى لم أستمر بكلية الهندسة , وقمت بتحويل مساري التعليمي إلى كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1984 م ؛ وسافرت فى نفس العام فى رحلة سياحية إلى إنجلترا والدنمارك واليونان , وعرفت وقتها أن السفر إلى الغرب هو سفر فى الزمان وليس فى المكان , لأنه سفر إلى المستقبل الذى لم نصل إليه بعد فى المنطقة العربية , وبدأت حيرتي العقلية منذ ذلك الحين , وتمحورت حول عدة تساؤلات منها : - كيف يكون الغرب الإمبريالي الاستعماري هو الذى يحترم حقوق مواطنيه , ويحترم العلم والعقائد وحرية التعبير , وكيف تكون كافة منجزات الحضارة العالمية الراهنة من إنتاجه ؟ - كيف يكون الإتحاد السوفيتي قبلة العدالة الاجتماعية , وحصن الدفاع ضد الامبريالية , وحامل لواء التقدمية هو الذى يقمع مواطنيه ويعصف بحقوق الإنسان , وينشر الفقر والشقاء فى كل الدول التى تسير فى ظله ؟ واستمرت حيرتى العقلية حتى أتممت دراستى بكلية الإعلام , ثم التحقت فى خضم هذه الحيرة بكلية الضباط المتخصصين بأكاديمية الشرطة ؛ لأتخرج ضابط شرطة ؛ وفى ظل مناخ العمل فى وزارة الداخلية غير المتوائم مع خلفيتى العلمية والتعليمية ؛ ازدادت حيرتى العقلية ؛ مما دفعنى إلى تطوير قراءاتي التى اتسعت كثيراً مع إعدادى للماجستير والدكتوراه . فتعرفت عن كثب على الفكر الديموقراطى وحقوق الإنسان والمجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية . وأيقنت وقتها بأن الديموقراطية هى الطريق السليم لكى تنهض مجتمعاتنا من تخلفها المذري . وبمراجعتي لكل قناعاتي السابقة ؛ أيقنت بأن الزعماء الذين على شاكلة: جمال عبد الناصر, ليسوا إلا شخصيات تصادمية تكتسب حب الجماهير وتخلب عقولها باللعب على وتر الكراهية والتعصب , من خلال تأليب الطبقات على بعضها البعض داخل المجتمع الواحد , أو تأليب الشعب على شعوب الدول الأخرى التى تتصادم أيدلوجياً مع فكر الزعيم . كما أيقنت ؛ نتيجة انخراطى داخل حصون الدولة البوليسية بوزارة الداخلية ؛ بأن حكم العسكر لا يمكن أن يقدم أية تنمية أو ديمقراطية أو احترام لحقوق الإنسان . وأن حكم بعض العسكر فى الدول الغربية ليس إلا استثناءً , لأنها دول راسخة ديمقراطياً وتحكمها مؤسسات وليس أفراد , و بالتالي لم يؤدى حكم ديجول لفرنسا ؛ أو إيزنهاور لأمريكا إلى عسكرة الحكم . ولكن في الدول غير الراسخة ديمقراطياً يؤدى حكم العسكر إلى تحويل البلاد إلى معسكر كبير , تحكمه قواعد السمع والطاعة والأحكام العسكرية والأوامر والتوجيهات التى لا تحتمل ولا تطيق المعارضة . وراجعت إنجازات عهد جمال عبد الناصر فوجدتها وهماً كبيراً , لأنها إنجازات أجهضت التعددية وخاصمت الديمقراطية وقيدت الحريات وأطلقت يد الأجهزة الأمنية . ووجدت أنه لا يمكن لأي إنسان يحترم إنسانيته وإنسانية الآخرين , أن يدافع عن نظام حكم استبدادي يحتكر السلطات كلها بين يديه , ويففتح المعتقلات لتعذيب معارضيه , ويتعامل مع الجماهير بمنطق وزير الدعاية النازي جوبلز , ويضحى بمصلحة بلاده من أجل شعارات قومية ورغبة مستميتة في الزعامة لتحقيق الوحدة العربية , التي لم تصبح وحدة - بأي حال - طالما ارتهنت بزعيم أوحد وليس بزعماء متعددين . ولذلك فشلت الوحدة العربية بزعيمها الأوحد , بينما نجح الاتحاد الأوربي بزعمائه المتعددين . كما أن التصادم مع القوى الغربية المتقدمة لا يشير إلى حصافة سياسية أو ذكاء فطرى , وإنما يشير إلى رعونة واستهتار بمصالح الشعب والدولة , من أجل أيدلوجيات لا تساهم فى إطعام الناس وكسوتهم وتعليم أبناءهم ورعايتهم اجتماعياً و صحياً . وبالتالي يظل هذا الموقف المبدئي قائماً فى مجال تقييم كل من: عهد السادات وعهد مبارك , فاستمرار عدم التداول السلمي للسلطة والديمقراطية العرجاء وتزوير الانتخابات والفساد والدولة البوليسية , كلها خطايا لا يمكن التغاضي عنها عند تقييم أى نظام حكم, لأنها إهدار للقيم الإنسانية الفطرية التى فطر الله الناس عليها . عندما وصلت لذلك الوعى الديموقراطى , أيقنت إنني يجب أن أناصب كافة المستبدين العداء , لأن الجبروت والاستبداد والظلم والطغيان ينبغى تقبيحهم فى وجدان الناس . وبالتالى لا مهادنة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وكرامته وحريته التى منحها له الله . كما أيقنت بأن جهلي الطفولى هو الذى جعلنى أبكى يوم وفاة: عبد الناصر, لخوفي من دخول اليهود إلى مصر , رغم أن عبد الناصر كان هو السبب فى دخول الإسرائيليين لمصر , بينما كان موته وقدوم السادات هو الذى أخرجهم منها . كما أدركت أن سيناء المتدرجة نزع السلاح أفضل من سيناءالمحتلة , مثلها مثل اليابان العظيمة اقتصادياً المقيدة عسكرياً . وأن إسرائيل لم تضحك على مصر بدليل استعادتنا لطابا بالتحكيم , والتزام إسرائيل حتى الآن بكافة بنود معاهدة السلام . وأن خروجنا من دائرة الصراع هو أمر بديهي , فلا صراع أبدي , ولا عداوات مستحكمة . وأن استعادتنا لأرضنا المحتلة لا يعنى تنازلنا عن دعم الآشقاء لاستعادة أراضيهم ؛ بشرط اعتناق أسلوب الواقعية السياسية ومفارقة منهج الشعارات الحنجورية . كما أيقنت أن سذاجتي ومراهقتي الفكرية, هي التي جعلتني أنبهر بالأيدلوجية الماركسية والفكر النازي والنظرية الاشتراكية غير الديموقراطية , لأن انهيار الاتحاد السوفيتي كان أكبر دليل على فساد هذا الفكر وتصادمه مع الفطرة الحقيقية للإنسان . ... أستعيد دائما هذه الذكريات فى كل عام عندا تحل ذكرى ثورة يوليو أو عندما تحل ذكرى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر ؛ ويزداد يقينى فى كل مرة بأن المصريين لن يستطيعوا الانطلاق نحو المستقبل لو ظلت أقدامهم مقيدة بأكاذيب الماضى الفاحشة . ولقد كنت أُصاب بالإحباط أثناء مشاركتى فى مظاهرات 25 يناير ؛ عندما أرى بعض المتظاهرين يرفعون صور جمال عبد الناصر وشعاراته ؛ لإننى كنت أدرك بأن الشعب المصرى يستطيع أن يسقط النظام لو امتلك إرادته ؛ ولكنه لن يستطيع أن يبنى نظاماً ديموقراطياً جديداً إلا لو امتلك وعيه . ولذلك ينبغى علينا جميعاً محاكمة ماضينا بكل جرأة وتجرد ؛ ليس من أجل الدخول فى صراعات عبثية لتمزيق ملابسنا ؛ وإنما من أجل عدم الاستسلام لخداع الذات ؛ ومن أجل امتلاك وعينا ومن أجل إحقاق الحق ؛ ومن أجل وصف كل شخص بما يستحق . فمن الخبل أن نمجد الطغاة ونحلم بالعدل ؛ ومن السخف أن نحترم الفاشلين ونتوقع النجاح . لذلك لن يمتلك المصريون وعيهم إلا عندما يوقنوا بأن جمال عبد الناصر وثورة يوليو قد أساءا إلى مصر وإلى الشعب المصري أكثر مما أحسنا إليها أو إليه . وعندما يعترفوا بأن جمال عبد الناصر وثورة يوليو لم يرتكبا أخطاء وانما ارتكبا خطايا ؛ دفع ثمنها أجيال وأجيال . وبالتالى .. وحتى نمتلك وعينا .. تعالوا نتعرف معا على خطايا جمال عبد الناصر وثورة يوليو فى حق مصر والمصريين : أولاً : على المستوى السياسى .. ضرب جمال عبد الناصر وثورة يوليو ؛ الحياة السياسية فى مقتل , وجمدا التطور السياسى الطبيعى للتجربة الحزبية فى مصر , التى مهما ما كانت عليه من فساد وضعف , فقد كان مآلها الطبيعى هو النمو والازدهار وليس التجميد و الانحسار . ولم يكن الاتحاد الاشتراكى بأى حال بديلاً طبيعياً للتجربة الحزبية , بل كان تنظيماً شمولياً يقوم على مبادئ الانتهازية السياسية وتأليه الحاكم الفرد وتمرير السياسات الاستبدادية . ومازال الضعف الذى تعانى منه الحركة الحزبية فى مصر حتى الآن نابعاً من الخطوة الكارثية التى اتخذها جمال عبد الناصر وثورة يوليو عندما جمدا النشاط الحزبى فى مصر . ثانياً : على المستوى الاقتصادى .. دمر عبد الناصر وثورة يوليو ؛ التجربة الرأسمالية الوليدة فى مصر والتى كانت تحتاج إلى المزيد من العدل الاجتماعى الذى كان سيتولد مع التطور السياسى للحركة الحزبية والعمالية والنقابية , ولكن سياسات التأميم نصبت العسكر على مقاعد الإدارة فى المصانع وحلت عقلية الأوامر والتوجيهات الصارمة محل عقلية المرونة والتفكير العملى لدى رجال الأعمال , ولم تصنع التجربة الناصرية لا الإبرة ولا الصاروخ , وإنما فبركت سيارة مسخرة تسمى ( رمسيس ) كانت عنواناً على بؤس التجربة الصناعية لحكم العسكر . ولعل الطفرة التى حدثت فى الخطة الخمسية الأولى لم تكن إلا من نتاج التراكمات المالية من تأميم الملكيات الصناعية , وليس من نتاج قاعدة إنتاجية نشيطة تملك خلفية البحث العلمى والعقلية الابتكارية . بينما أدى قانون الإصلاح الزراعى إلى تخريب الاقتصاد الزراعى فى مصر عندما تم تفتيت الملكيات الزراعية وتوزيعها على الفلاحين بواقع خمسة أفدنة للفلاح , ونسى جمال عبد الناصر بأن الشريعة الإسلامية من خلال نظام المواريث تؤدى إلى تفتيت الملكية . وبالتالى فإن الفلاح الذى حصل على 5 أفدنة ستتفتت ملكيته الصغيرة لتتحول إلى بضعة قراريط يمتلكها أبناءه , وبالتالى انهار النشاط الزراعى الذى لا ينمو - وفقا لبديهيات الاقتصاد الزراعى - إلا فى ظل الملكيات الكبيرة . وكانت كارثة الكوارث فى تجربة الحكم الناصرى وثورة يوليو ؛ تتمثل فى تخفيض إيجارات المساكن وتجريم خلو الرجل , الأمر الذى أدى إلى هروب المستثمرين من بناء المساكن للإيجار والتحول إلى نظام التمليك , وبدلاً من أن يدفع المواطن جزء من راتبه لكى يستأجر شقة , أصبح مطلوباً منه أن يدفع ثروة لن يجمعها إلا بعد 40 سنة لكى يحصل على مسكن . بينما تحولت العقارات القديمة التى أصابتها التخفيضات فى القيمة الإيجارية إلى خرابات لا يمكن لملاكها صيانتها نتيجة الأجرة الزهيدة و امتداد عقود الإيجار للمستأجرين إلى ما لا نهاية . وسيذكر التاريخ أن المناطق العشوائية و كل الضحايا الذين ماتوا تحت أنقاض العقارات القديمة المنهارة أو العقارات التمليك التى تم بناءها بعد ذلك فى عصر الانفتاح , كلها معلقة فى رقبة عبد الناصر وثورة يوليو نتيجة السياسة الكارثية فى مجال الإسكان , التى أدت إلى أزمة إسكان مستحكمة ليس لها مثيلاً فى أى مكان بالعالم ومازالت توابعها تتراكم يوماً بعد يوم . ثالثاً : على المستوى العسكرى .. تم استنزاف الجيش المصرى من خلال تنصيب قيادة عشوائية على قمته تتمثل فى عبد الحكيم عامر وزير الدفاع ؛ و من خلال توريطه فى نزاعات خارجية مثل حرب اليمن ؛ ومن خلال بريق المناصب المدنية التى رأى العسكريون أن أقرانهم يغترفون فيها من ذهب السلطة وبريقها وهيلمانها بعيداً عن جفاء الحياة العسكرية وصرامتها . وبالتالي أصبح الجيش المدخل للعمل السياسي أو الاقتصادي وليس العسكري , مما أصاب المؤسسة العسكرية المصرية في مقتل تجلت أولى نذره فى يونيو 1967م . رابعاً : على المستوى الاجتماعي .. أسس عبد الناصر وثورة يوليو ؛ لفوضى طبقية كانت هى المسئولة عن تدمير الطبقة الوسطى فى مصر وليس كما يدعى غلاة الناصرية بأن سنوات الانفتاح هى المسئولة عن ذلك . فالطبقة ليست مجرد تراكم مالى وإنما هى تراكم فى العادات والتقاليد والقيم والأصول , وبالتالي فإن تدمير طبقة ما يعنى تدمير كل تلك الجوانب التى هى جزء من تراث أى أمة , ويتعجب الإنسان من ارتباط الطبقة التى دمرها عبد الناصر وثورة يوليو بعدد كبير من الإنجازات العظيمة فى المجالات الفكرية والفنية والمعمارية والتعليمية والخيرية والسياسية والاقتصادية . ولهذا كان تدمير الطبقة بمثابة تدمير لكافة منجزاتها , وكأن علينا أن نبدأ دائماً من الصفر كلما جاء فرعون دمر آثار الفرعون السابق . ولقد أدت الفوضى الطبقية إلى ترييف المدن فزحفت قيم القرية إلى المدينة , رغم أن قيم القرية لا تصلح إلا للقرية وقيم المدينة لا تصلح إلا للمدينة , و تكفل من بعد ذلك عصر السادات بأن تزحف قيم المدينة إلى القرية , وهكذا تم ترييف المدينة فتخربت المدن ؛ وتم تمدين القرية ففسدت القرى ؛ ثم تكفل عهد مبارك بتدمير أى قيم باقية لتتساوى القرية والمدينة فى شيئين لا ثالث لهما هما : الفساد والعشوائية . خامساً : على مستوى العلاقات الدولية .. وهو الوهم الذى يوجع به أدمغتنا الناصريون والقوميون العرب ؛ بأن العرب كان لهم عزة وكرامة أمام باقى الأمم بفضل عبد الناصر وسياساته الخارجية . ولا أدرى ما هو معنى العزة والكبرياء والكرامة فى العلاقات الدولية . فالسياسة هى : علم إدارة المصالح والأصول الوطنية وتنظيم المجتمعات الإنسانية . وفى الفقه السياسى المصلحة هى الإستراتيجية والولاء هو التكتيك ؛ فأينما وُجدت المصلحة اتجه مؤشر الولاء ؛ وبالتالى لا توجد فى السياسة صداقات دائمة أو عداوات مستحكمة وإنما صديق الأمس يمكن أن يكون عدو اليوم ؛ وعدو اليوم يمكن أن يكون صديق المستقبل . و لكن جبال الكبرياء مثل عبد الناصر يديرون العمل السياسى وكأنه قضية شخصية وكرامة ذاتية ؛ وبالتالى تندلع الحروب و تسيل دماء الشباب و تتخرب المدن و يتم تهجير سكانها ؛ وكل ذلك من أجل كبرياء وعناد رجل واحد . فأى كرامة تلك عندما يتحكم فى أمة أو شعب كبرياء رجل واحد , أى كرامة تلك عندما ترتهن مصائر الشعوب بالكرامة الشخصية لفرد يمكن أن يخطئ كما يمكن أن يصيب . و بالتالى كانت النتيجة الطبيعية لذلك الكبرياء الذى لا يسمع إلا صوت صاحبه أن يتم مسح الأرض بكرامتنا جميعا فى يونيو 67 نتيجة عشوائية المشير وعناد جبل الكبرياء , و باتت مصر دولة مهزومة معزولة على المستوى الغربى , بل و العربى , فقد خشى العرب على ممالكهم وجمهورياتهم وإماراتهم من تطلعات جبل الكبرياء الى الزعامة والتحكم والتسلط .... ... من المفجع أن ترى الملك عارياً ؛ ولكن الفجيعة الآكبر أن يكون الملك عارياً والآخرين كلهم يرونه كذلك ماعدا أنت ؛ لأنه عندئذ عليك أن تتحمل سوء التفسير لوجودك منفرداً مع الملك وهو عارى. أقول ذلك ؛ لمن مازالوا بعد ثورة 25 يناير يدافعون عن جمال عبد الناصر وثورته وزمانه ؛ وكنت أتمنى بدلاً من ان يكتب الأستاذ هيكل كتاباً عن : مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان ؛ أن يكتب كتاباً عن : عبد الناصروثورة يوليو من حلم الحرية إلى كابوس الاستبداد .. لست من أبناء مبارك ولا من مريدي السادات , فكلهم من معين واحد ؛ عسكر فى عسكر , حكموا مصر بالحديد والنار ومكنوا الفاسدين والمستبدين والفاشلين من مقاعد السلطة , فكانت النتيجة الخراب . كلهم سلسال واحد كان يسلم الراية لمن يليه ؛ والضحية هى مصر والشعب المصرى .. لذلك إذا أراد الشعب المصرى أن يمتلك مستقبله ؛ فعليه أن يحاكم ماضيه ليفضح المستبدين السابقين ؛ فيمتلك وعيه ؛ فينفضح المستبدين الحاليين ....... ***** دكتور / محمد محفوظ [email protected] Comment *