نشرت صحيفة" نيويورك تايمز" تقريرا تقول فيه أن قادة الثورة المصرية فشلوا فى اقتلاع جذور النظام القديم فى مصر حيث انهم أطاحوا بفرعون ، ولكن الآن الدائرة الصغيرة من اليساريين والليبراليين والاسلاميين الذين نظموا وقادوا الثورة في مصر يقرون انهم يدركون أنها فشلوا في اقتلاع شبكات القوى والسلطة التي قام بتغذيتها حسني مبارك على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود . ونقلت الصحيفة عن بعض هؤلاء الذين ساهموا فى اندلاع الانتفاضة المصرية قولهم أنهم كانوا ساذجين حيث تم خداعهم من قبل الجنرالات الذين استولوا على السلطة باسمهم . قال اسلام لطفي , أحد النشطاء السياسيين والذى كان نجما صاعدا فى جماعة الاخوان المسلمين قبل أن يتم فصله منها , أن " النظام كان كأنه آلة بغطاء من البلاستيك ، وما فعلناه هو نزع هذا الغطاء " , كان السيد لطفى قد تنبأ بأنهم إذا أطاحوا برأس الدولة فأن ذلك سيؤدى الى انهيار باقى جسد النظام , لكن قال لطفى ان جذور النخبة الحاكمة كانت " أكثر عمقا وأكثر قتامة " مما كانوا يفهموا في البداية . وتشير النيويورك تايمز انه حتى قبل أن تقوم المحكمة الدستورية العليا في مصر بحل البرلمان يوم الخميس وقبل أن يقوم حكام مصر العسكريين بإعادة فرض الأحكام العرفية ( قانون الضبطية القضائية) ، فقد تم تهميش الشباب المهنيين الذين ذات يوم قادوا الانتفاضة العام الماضي , كما ظهروا على هامش جولة الاعادة لانتخابات الرئاسة التى تجرى بين اثنين من المحافظين : أحمد شفيق ، اخر رئيس وزراء للسيد مبارك ، ومحمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين . قال البعض انهم تم جذبهم من قبل شهرتهم الخاصة بهم ، وتم تشتيت انتباهم عن طريق وسائل الإعلام . فهم فشلوا في بناء حركة يمكن أن تقف ضد اما جماعة الإخوان أو النخبة القديمة . قال أحمد ماهر (31 عاما) , القيادي في حركة شباب 6 أبريل وأحد المنظمين الاوائل للثورة المصرية , " نحن الشرارة التي تثير العالم ، ونحن نعرف كيف نشعل الامور " ، واضاف " لكن عندما يكون لدينا كيان قوي يستطيع أن يقف على قدميه -- عندما نتمكن من تشكيل حكومة - من ثم سنصبح بديلا " . كما قال ان جماعته كانت تبدأ في خطة خمسية للبدء في بناء مثل هذا الكيان . كما قال البعض أنهم تقريبا رحبوا بصعود المقرب للسيد مبارك ، احمد شفيق ، وذلك لأن عودته قد تساعدهم على حشد الرأي العام مرة أخرى . قالت سالي مور ، وهى يسارية مصرية ايرلندية التي كانت في طليعة الحركة التى تدعو لمقاطعة الانتخابات , " عندما تفكر في الامر ، ستجد أن الثوريين لم يكونوا أبدا في السلطة ، أي نوع من الثورة هذا ؟ " . وتنقل الصحيفة عن العديد من القادة الشباب قولهم انهم في تلك الأيام الأولى هم كانوا خائفين جدا من الظهور وكأنهم يستولون على السلطة لأنفسهم . ويقول البعض انهم كانوا فى حالة نشوة بسبب انتصارهم على السيد مبارك . قالت الناشطة أسماء محفوظ " يمكنك القول اننا كنا نريد فقط أن نكون سعداء " . وأضافت أن نشطاء مثلها أصبحوا مشاهير بين عشية وضحاها ، واعتقد البعض خطأ أن الظهور على شاشة التلفزيون سوف ينشر أفكارهم ويحشد الجمهور . وقالت " نحن لم نفهم أن وسائل الإعلام ليست بديلا عن الشوارع ". وتشير الصحيفة الامريكية الى أن الجميع يقول الآن انه تم التلاعب بهم بنجاح من قبل القادة العسكريين . فقال السيد ماهر من 6 ابريل " لقد تم خداعنا " ، وأضاف " نحن اجتمعنا مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 14 فبراير الماضى ، وهم كانوا لطفاء جدا . وابتسموا ووعدونا بأشياء كثيرة ، وقالوا لنا : " انتم أولادنا ؛ انتم فعلتم ما أردنا القيام به لسنوات عديدة " . بينما آخرون ألقوا بالخطأ على جماعة الإخوان المسلمين ، وهى الجماعة الاسلامية التى عمرها 84 عاما والقوة الافضل تنظيما سياسيا ، . فقبل الاطاحة بالرئيس مبارك ، قدمت جماعة الاخوان دعمها الكامل لتشكيل جبهة موحدة من أجل ترشيح محمد البرادعي للرئاسة ، وهو مصدر الالهام والتوجيه للمنظمين الشباب . وخلال التمرد في ميدان التحرير ، أصبحت جماعة الإخوان ركيزة للاحتجاجات ، وقادتها أخذوا الشباب كقدوة لهم . ولكن منذ الاطاحة بالسيد مبارك ، أظهر قادة الإخوان القليل من الاهتمام في الاستماع إلى القيادات الشابة أو التشاور مع السيد البرادعي . بدلا من ذلك ، بدأت جماعة الإخوان تقريبا على الفور فى التحضير للانتخابات . وقامت مع الجنرالات بدعم الاستفتاء الذى حدد اجراء الانتخابات البرلمانية قبل صياغة دستور جديد . قالت السيدة مور , مشيرة الى جماعة الاخوان المسلمين , " انهم خانونا عند أول منعطف , ويستمرون فى خيانتنا " . فالجدول الزمني الناتج قتل أي أمل لتحقيق جبهة وطنية موحدة ضد المجلس العسكرى . وقال السيد ماهر أنه على الرغم من أن العديد من الحركات الثورية لم تدخل في البرلمان ، هم تضرروا بسبب الاستقطاب . وقال " هم كانوا يتهمون بعضهم البعض بالخيانة ، حتى بين الجماعات الشبابية أنفسهم". وفيما يتعلق بالاستقطاب , وصف السيد لطفي , الذى تم طرده من جماعة الاخوان المسلمين وأسس حزبا سياسيا -- حزب التيار المصري -- تحالف مع حملة الانتخابات الرئاسية للقيادى الإخوانى المنشق عبد المنعم أبو الفتوح , المشروع الوسطى لعبد المنعم ابو الفتوح بأنه أفضل أمل لنزع فتيل الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين ، ولكن معظم الليبراليين أو اليساريين , الذين كان يعمل بشكل وثيق معهم في البداية , تجنبوا جهودهم بسبب جذورهم الاسلامية . واعرب انه لم يعد يستطع التحدث مع العديد من النشطاء بسبب الاختلاف فى الخلفيات والايديولوجيات . وقال السيد لطفى أن " الليبراليين المصريين ليسوا ليبراليين حقيقيين "، متهما كثير من الحلفاء السابقين " بالإسلاموفوبيا ". آخرون يقولون انهم ما زالوا يتحدثون أحيانا ولكن لا يمكنهم الأتفاق . قال شادي الغزالي حرب ، وهو ليبرالي صوت لصالح الاشتراكي الناصري حمدين صباحى في الجولة الأولى من السباق الرئاسي لتجنب إما إسلامي أو السيد شفيق , أن السيد لطفي والسيد أبو الفتوح " لا يزالوا يأتون من عالم جماعة الاخوان المسلمين " ، واضاف " نحن لا يمكن ان يكون خيارنا بين اسلاميين حقيقيين واسلاميين غير حقيقيين " . انضم السيد الغزالى حرب بعد ذلك إلى السيدة مور في الدفع إلى مقاطعة الانتخابات التي هي الآن موضع شك تماما ، معربا عن امله فى أن هذه الجهود من شأنها أن تؤدي إلى صعود حركة معارضة أوسع لجماعة الإخوان المسلمين والنخبة العسكرية القديمة . قالت السيدة مور " أنت لا تجد الكثير من الناس حولنا الآن , ونحن نقاتل على جبهتين ، مما يجعل الامر صعبا" وتشير الصحيفة الى انه الان العديد من النشطاء الشباب الذين ساعدوا في بدء التمرد يعودون إلى السيد البرادعي . فالسيد البرادعى بعد ان انسحب من السباق الرئاسي ، قائلا انه كان محكوما عليه بالفشل في ظل الحكم العسكري ، يسعى الان لتنظيم حركة سياسية لليبراليين تعارض الاسلاميين والسلطوية المدعومة من الجيش . ومع ذلك السيد لطفي , والسيد ماهر , والسيدة مور كل واحد منهم يذهب فى طريق منفصل . لكن أيا كان الفائز بالرئاسة ، هم جميعهم تعهدوا بالاستمرار فى النضال . Comment *