17 عاما تمر على رحيل مؤذن الثورة الشيخ إمام ، إمام محمد أحمد عيسى ابن قرية النمرس محافظة الجيزة مواليد 2 يوليو 1918، أصيب بالرمد الحبيبي في طفولته وفقد بصره وهو في عامه الأول ، وقد كانت أمه هي مصدر كل الطاقات في حياته وكانت تحاول أن تعوضه عينه التي فقدها، وكانت تحزن كثيرا كلما عايره أحدهم بفقده للبصر ، وقد اعتاد امام أن يجالس النساء في طفولته في مواسم الحج والأفراح ليستمع لغنائهم ولذا نشأ صاحب أذن موسيقية ، كان والده جدا قاسيا في معاملته وكان يرغب في أن يرى ابنه شيخا أزهرياً كبيرا ، وكانت صدمته يوم فصل ابنه "الشيخ إمام" من الجمعية الأزهرية بمثابة صدمة بالنسبة له ، وكان إمام عاشق لصوت الشيخ محمد رفعت ويداوم على متابعته من خلال الإذاعة ، فيما كانت الجمعية تعتبر سماع الإذاعة من المحرمات في هذا الوقت ، قضى بعدها الشيخ إمام فترة بين الحسين والأزهر وحين علم أبوه بالأمر ذهب إليه ليعنفه وضربه ومنعه من العودة لقريته مرة أخرى ، وبالفعل لم يرجع إليها الشيخ إمام حتى مات والده ، وقد أثر ذلك فيه خاصة أنه لم يتمكن من تشييع جتمان والدته بسبب والده، وقد لعبت الصدفة دور البطولة في حياة الشيخ إمام فقد قادته الصدفة في وقت لاحق للتعرف على الشيخ دوريش الحريري أحد كبار العلماء في الموسيقى والذي أعجب بصوت الشيخ إمام وقرر أن يعلمه الموسيقى ، ومن خلال رفقة الشيخ إمام للشيخ درويش الحريري في جلسات الطرب والإنشاد تعرف الشيخ إمام على الشيخ زكريا أحمد ، وكان ذلك في منتصف الثلاثينات بالتقريب ، واستغل الشيخ زكريا أحمد ملكة الحفظ عند الشيخ إمام ليحفظ ألحانه خصوصا تلك التي كان يؤلفها لأم كلثوم لأنه كان يضيق ذرعا بالحفظ ، إلى أن بدأت بعض الألحان في التسرب فاستغنى عنه الشيخ إمام ، وقتها قرر الشيخ إمام أن يتعلم عزف العود وكان ذلك على يد كامل الحمصاني وبدأت محاولاته مع التلحين ، وفي عام 1962 تعود الصدفة لتعلب دورها في حياة الشيخ إمام فيلتقى برفيق دربه أجمد فؤاد نجم عن طريق بعض الجيران والأصدقاء المشتركين ، ليبدءا معا رحلتهما ، كان الشيخ إمام يقول أنه لم يكن يلحن لأنه لم يجد كلماته تشجعه على ذلك حتى إلتقى نجم ، وقد فتحت لهم الإذاعة المصرية أبوابها في بداية مشوارهما ، وذاع صيتهما سويا وضما إليهما فيما بع عازف الإيقاع محمد علي ، ولم تقتصر أغانيه في هذا الوقت على ما كتب نجم فقط بل لحن وغنى أيضا لسيد حجاب ونجيب سرور وزين العابدين فؤاد وتوفيق زياد وغيرهم ، وجاءت النكسة لتشكل علامة فارقة في حياتهم مثلما هي حياة كل المصريين وفي تاريخهم ، بدأت نغمة السخرية تعلو في أغانيهم ثم بدأوا في المعارضة الصريحة للنظام بعد تبرئة كل المسؤلين من المسؤلية عقب الهزيمة ليبدأ مشوارهم ضد الحكومة ، وقد تم اتهام الشيخ إمام بتعاطي الحشيش أول مرة في عام 1969 ولكن القاضي برأه ، ثم ما لبث أن قضى هذه الفترة وحتى نصر أكتوبر متنقلا بين السجون ومن قضية إلى أخرى بصحبة رفيق دربه أحمد فؤاد نجم ، وأخيرا أفرج عنهم بعد اغتيال الرئيس أنور السادات ، وقد أحيى الشيخ إمام عددا من الحفلات في باريس وقد لاقت نجاحا واسعا هناك في منتصف الثمانينات ، وتعددت حفلاته وجولاته في أوربا والدول العربية ، وكانت علاقة الثلاثي إمام ونجم ومحمد علي قد شهدت فترة توتر وخلافات لكنها انتهت قبل وفاة الشيخ إمام بفتر قصيرة ، وأخيرا قرر الشيخ إمام أن يعتكف فيه بيته ويعتزل العالم في منتصف التسعينات ليرحل في 7 يونيو 1997 في هدوء تام ، وتبقى أغانيه فارقة ومؤثرة حتى اليوم في التاريخ العربي والمصري. Comment *