خرجت مسيرات ضخمة في شوارع العديد من الولاياتالأمريكية السبت الماضي، لتعد من أكبر المظاهرات في التاريخ الحديث للولايات المتحدة؛ تطالب بضبط حيازة السلاح في المدارس، ووضع حد لانفلات حمل السلاح واستخدامه بصفة عامة، بعد المجزرة التي ارتكبها طالب بإحدى المدارس الثانوية في ولاية فلوريدا الشهر الماضي، والتي راح ضحيتها 17 طالبا وأصيب فيها العشرات. وشارك مئات الآلاف من الأمريكيين في المسيرات التي خرجت تحت شعار "مسيرة من أجل حياتنا"، أبرزها في ولاية واشنطن؛ حيث وصل عدد المشاركين فيها إلى 800 ألف شخص، فيما قدر عدد المشاركين في ولاية نيويورك بحوالي 130 ألف شخص. كما خرجت تظاهرات ضخمة كذلك في ولايات اتلانتا وبوسطن وشيكاغو وسينسيناتي ودالاس وهيوستن ولوس أنجلوس وميامي ومنيابولس وناشفيل وسياتل وولايات أخرى، وأشار منظمو المسيرات إلى أن حوالي 800 مسيرة سوف تخرج في جميع أنحاء البلاد وخارجها. ويطالب المتظاهرون بالحد من انتشار الأسلحة في أمريكا الذي يشكل خطرًا على حياتهم وحياة أبنائهم، متهمين السلطات بتجاهل التحقيق مع منظمات بيع الأسلحة في الولاياتالمتحدة بسبب المكاسب الطائلة التي تجنيها الحكومة جراء بيع الأسلحة، كما يطالبون الكونجرس الأمريكي بإقرار تعديلات دستورية تقضي بالتشديد علي حيازة أسلحة هجومية مثل التي استخدمت في مذبحة فلوريدا، كما دعوا إلى تشديد الفحص في بيانات مشتري أي أسلحة قبل الشراء. وقاد المسيرات الطلاب الناجون من حادث فلوريدا، وانضم إليهم فيما بعد أسر الضحايا وناجون آخرون من حوادث إطلاق نار مماثلة، وكانت تصدرت مبادرة طلبة الثانوية في أمريكا المشهد العام في الأسابيع الماضية، حيث قدم الممثل جورج كلوني ومقدمة البرامج وأوبرا وينفري والمخرج ستيفن سبيلبرج تبرعًا بقيمة 500 ألف دولار لدعم الحركة الطلابية، كما شارك عدد من النجوم في المظاهرات. وحرص الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، على دعم الطلاب بقوله "الصغار الذين يشاركون في تلك المسيرات يمثلون مصدر إلهام لي أنا وميشيل أوباما"، موجها رسالة إلى المشاركين في المسيرات طالبهم فيها بمواصلة العمل والمضي قدما، مشيرًا إلى أنه لا يوجد شيء يمكنه أن يقف في طريق ملايين الأصوات التي تطالب بالتغيير. وأصدر البيت الأبيض بيانًا أثنى فيه على المتظاهرين واصفًا إياهم "بالشباب الأمريكي الشجاع الذي يمارس حقه في التظاهر بموجب الدستور"، وأشار البيان إلى هناك عدة إجراءات سيتخذها البيت الأبيض من أجل معالجة العنف المسلح؛ من بينها منع بيع الأسلحة نصف الآلية المطورة، وتعزيز الإجراءات الأمنية حول المدارس، وتدريب الطلبة والمعلمين وأفراد الأمن المحليين على مواجهة مثل هذه الحوادث. ومنذ عملية إطلاق النار في ولاية فلوريدا، لم يقدم الكونجرس إلا تعديلات متواضعة على قوانين حيازة الأسلحة، فيما قوبل اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتسليح الأساتذة برفض واسع. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقع على مذكرة حول عدم شرعية الأجهزة التي تزيد من معدل سرعة إطلاق النار من البنادق، ودعا إلى تعزيز المدارس من خلال تسليح الموظفين فيها، بما في ذلك المدرسون المدربون تدريبًا خاصًا. وفي الوقت نفسه، قال ترامب، إنه ينتوي حماية حق الأمريكيين في حمل السلاح، المنصوص عليه في التعديل الثاني للدستور، رغم موجة السخط في جميع أنحاء البلاد ضد انفلات السلاح، ورغم أن عملية إطلاق النار التي وقعت في فلوريدا تعد الشرارة التي أطلقت الحراك ضد حمل السلاح في أمريكا إلا أنه ما لبث أن توسع الحراك ليتناول مشكلة العنف الناجم عن استخدام الأسلحة النارية بشكل عام والذي يروح ضحيته أكثر من 30 ألف قتيل كل عام ما بين حوادث قتل وانتحار وإطلاق نار بشكل عشوائي.