تعتبر الزراعة هي عماد الحياة الاقتصادية، فلزم الأمر إجراء الأبحاث والدراسات لرفع الإنتاجية الزراعية بالتزامن مع خفض تكلفتها، وعدم التأثير السلبي على البيئة، وهو ما تحقق مع تطبيق النانو تكنولوجي، والذي حقق طفرة نوعية في المجال الزراعي بكافة تخصصاته، حيث قام بتطوير التقنيات الزراعية لتحقيق معدلات إنتاجية عالية تواكب الزيادة السكانية المطردة، كما تم استخدامه في إيجاد حلول فعلية للمشكلات التي تواجه الزراعة والفلاح خصوصًا، وتتسبب في زيادة الأسعار، وتعتبر الأسمدة والمبيدات أهم هذه المشكلات، حيث إنها تستهلك 80% من تكاليف إنتاج المحصول، هذا بخلاف الأضرار طويلة الأمد على صحة الإنسان والحيوان والبيئة، والتي بدورها تكلف الدولة والمواطن ما يقرب من 60% من الدخل. ووفقًا لتقرير رسمي صادر من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فإن مصر احتلت المركز ال 22 من بين 106 دول في مجال نشر أبحاث النانو تكنولوجي خلال عام 2017، متقدمة بذلك 15 مركزًا خلال العشر سنوات الأخيرة، وكذلك زيادة أبحاث النانو تكنولوجي المصرية المنشورة ل (1786) بحثًا خلال عام 2017 بزيادة قدرها 9% عن العام الماضي، وبزيادة تصل ل 209% مقارنة بالأبحاث المنشورة خلال عام 2013. وفي دراسة للمركز القومي للبحوث ثبتت فاعلية استخدام تقنية النانو في المجال الزراعي وخاصة في حفظ الاغذية ومكافحة الآفات الحشرية وألاكاروسات ورصد أماكن تواجد الإصابات الحشرية داخل الحقول الزراعية وتقليل الفقد في المحاصيل الزراعية وتنقية التربة من العناصر الثقيلة التى تعيق امتصاص النباتات للعناصر الغذائية والماء، كما تساعد في تنقية المياه من المواد الثقيلة العالقة بها بصورة تفوق عملية التناضح العكسي وبشكل أقل في التكلفة. وأشارت الدراسة إلى إمكانية استخدام المواد النانوية في التسميد الزراعي كبديل فعال للأسمدة التقليدية وبأسعار تنافسية وبكميات أقل، كما يمكن تخزينها لفترات أطول؛ نتيجة ثباتها العالي تحت الظروف المختلفة؛ كما تدخل في عملية معالجة بعض المنتجات الثانوية الأقل أهمية اقتصادية، من خلال ما يسمى "نانو بيوبروسسينج" والوقاية من الأمراض الحشرية والمسببات الميكروبية، من خلال تعزيز دفاعات النباتات بالتعديل الجيني داخل الخلية النباتية أو التعديل في أشكال المبيدات؛ لجعلها مركبات أكثر فاعلية وأقل ضررًا وأوسع انتشارًا، كما يمكن تخليق المواد النانوية من بعض النباتات؛ مما يقلل أضرارها على الإنسان، ويقلل من تكلفة استخلاصها، مثل استخلاص السليكا ذات البنية النانوية من قش الأرز. وأوضحت الدراسة أن المواد الكيميائية عند استخدامها رشًّا على النباتات في الغالب تصل نسبة قليلة منها إلى الأماكن المستهدفة في النبات، وهذا يرجع إلى بعض المشاكل، مثل التحلل الضوئي أو التحلل المائي أو التحلل الميكروبي، أو انحرافها بعيدًا عن النباتات المستهدفة بفعل الرياح أو الأمطار، مما قد يتسب في بعض الآثار السلبية، مثل تلوث التربة والمياه وزيادة كمية المتبقى في النبات، مما يؤثر بصورة غير مباشرة على الإيسان والثدييات، ولذلك تم اللجوء إلى استخدام كبسولات النانو (تغليف المبيدات والمواد الكيميائية بمركب نانوي) ذات القدرة العالية على الذوبان والتخلل داخل النبات والاستقرار والثبات داخل حيز التطبيق (المنطقة المعاملة) كما أنها تقلل من كمية المواد الكيميائية المستخدمة، وتقلل من عمليات تكرار التطبيق، كما أنها توفر أفضل وأسهل طريقة لاختراق النباتات من طرق عدة؛ نتيجة صغر حجمها وسرعة انتشارها. وذكرت الدراسة أنه تم استخدام جزيئات السيليكا ذات البنية النانومترية كغلاف لمبيد الفيرماكتين، مما أدى إلى تقليل عملية التحلل لمركبات المبيد وزيادة بقائها داخل البيئة وقدرتها على التخزين لفترات أطول تحت ظروف مختلفة، حيث تكون المادة ذات البنية النانومترية ناحية الخارج والمادة الفعالة للمبيد الكيماوي داخلها، أي أن المادة النانومترية تعمل كحاملة فقط للمبيد، كما تم استخدامها كبديل للأسمدة التقليدية أو كحوامل لمكوناتها لها صفات مميزة، منها زيادة السيطرة والتحكم على عملية التوجيه، والقدرة على زيادة الاستجابة النباتية للأسمدة النانومترية، وتم تطبيقها على محصول القمح، فكانت الأسمدة ذات البنية النانومترية ذات تأثيرات آمنة على البذور، وارتفعت فيها نسبة الإنبات إلى 99%، مما زاد من كمية المحصول والنمو، وهذا يرجع إلى قدرة المركبات النانومترية على الوصول واختراق البذور وزيادة حيويتها من خلال تحسين امتصاصها للمواد العضوية الهامة وتحسين وظائفها الحيوية. وكمضادات لمسببات الأمراض الميكروبية (فطريات أو بكتيريا أو نيماتودا أو بروتوزوا أو فيروسات… الخ) تم استخدام جزيئات الفضة ذات البنية النانومترية للقضاء على الأمراض التي تسببها الفطريات، واستطاعت اختراق جدر الخلايا الفطرية والهيفات الممرضة للأنسجة النباتية مثل أمراض التعفنات في محاصيل الخضر المختلفة، حيث إن الفضه ذات البنية النانومترية AgNPsتسبب انفصالاً للهيفات من جدران الفطر أو نهيار الهيفات بكاملها، كما تنجح في تقليل نمو الكونيدات وقدرتها على التمدد والنمو والانتشار وتثبيط النمو الميكروبي.