أثارت حادثة تسمم العميل المزدوج والضابط السابق في الاستخبارات الروسية سيرجي سكريبال، وابنته يوليا، أزمة دبلوماسية بين روسياوبريطانيا، وتلاحقت الأحداث في تصعيد مستمر حيث أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، الأربعاء الماضي عن سلسلة عقوبات ضد روسيا، بينها طرد 23 دبلوماسيًا وتجميد العلاقات الثنائية، ومقاطعة كأس العالم في روسيا، معتبرة موسكو مسؤولة عن تسميم الجاسوس على أراضيها. من جانبها؛ نفت موسكو، جميع التهم الموجهه إليها، ونددت بالقرارات البريطانية واعتبرتها "استفزازًا وقحًا" ووصفت تصريحات تريزا ماي، بالتصعيد الوحشي غير المسبوق، وقالت إن بريطانيا اختارت طريق المواجهة والرد الروسي لن يتأخر، مؤكدة استعدادها التعاون للتحقيق في الحادثة، ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التحقق من الحادث قبل بحث الأمر مع روسيا. وبدأت الأزمة عندما عثرت الشرطة البريطانية في الرابع من الشهر الحالي علي الجاسوس الروسي سيرجي سكريبال، وابنتة يوليا، في حالة تسمم بغاز أعصاب نادر. وكان سكربيل، عقيد سابق في المخابرات العسكرية الروسية جندته المخابرات البريطانية، حكم عليه بالسجن في بلاده لمدة 13 سنة بعد انكشاف أمره وإلقاء القبض عليه عام 2006، وأطلق سراحه، في إطار أكبر صفقة تبادل جواسيس بين الغرب وروسيا منذ نهاية الحرب الباردة عام 2010 بعد أن أصدر الرئيس الروسي، حينذاك، ديميتري ميدفيديف، عفوا عنه. ويرى خبراء أن ما تقوم به بريطانيا ليس إلا حربا إعلامية هدفها التأثير علي سير الانتخابات الرئاسية في روسيا، وتشويه سمعة روسيا، بالإضافة إلى حشد الرأي العام العالمي ضد روسيا لفرض عقوبات عليها في إطار الحروب العالمية والحروب بالوكالة التي تشارك فيها روسيا. سلسلة العقوبات وكانت تريزا ماي، اتهمت موسكو بالضلوع في محاولة اغتيال الجاسوس الروسي، وطلبت من روسيا تقديم تفسير حول الحادث في مهلة زمنية انتهت مساء الثلاثاء الماضي، وقالت ماي: كان من المنصف منح روسيا فرصة تقديم تفسير لكن رد فعلها ينطوي على استخفاف تام بهذه الأحداث الفادحة"، مشددة على "أنهم لم يقدموا أي تفسير موثوق". وأعلنت ماي، عن سلسلة عقوبات ضد روسيا بدءًا بطرد 23 دبلوماسيًا روسيا من أصل 59 دبلوماسيا معتمدا، تعتبرهم بريطانيا عملاء استخبارات غير معلنين، وأوضحت ماي، أن أمامهم مهلة أسبوع للرحيل عن البلاد، واعتبرت ماي، أن هذا الحادثة عمل رهيب ضد بريطانيا، لا يمكن على أثره أن تكون العلاقة بين البلدين هي نفسها كما في السابق، وقالت: بالتالي سنعلق كل الاتصالات الثنائية رفيعة المستوى بين بريطانياوروسيا، موضحة أن ذلك سيشمل سحب الدعوة الموجهة إلى وزير الخارجية سيرجي لافروف، لزيارة بريطانيا. كما تصاعد التوتر ليطول الحدث الرياضي الأبرز في العالم، حيث أكدت ماي، أنه لن تكون هناك مشاركة من الوزراء أو أيا من أفراد العائلة الملكية في بطولة كأس العالم لكرة القدم المقرر إقامتها هذا الصيف في روسيا. وذكرت الهيئة المنظمة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة في بريطانيا، أنها ستنظر في الترخيص الممنوح لشبكة "روسيا اليوم" التي تعمل في بريطانيا واعتبرتها أداة دعاية موالية للكرملين. ودعت الخارجية البريطانية رعاياها إلى توخي الحذر في حال أرادوا السفر إلى روسيا، بسبب التوتر السياسي المتزايد بين بريطانياوروسيا، قائلة: يجب أن تتنبهوا لمشاعر محتملة مناهضة للبريطانيين ومضايقات في هذا الوقت، ينصح بالتيقظ وتجنب التعليق علنا على التطورات السياسية الأخيرة. الرد الروسي أدانت الخارجية الروسية بشدة، الأزمة الدبلوماسية التي أثارتها رئيسة الوزراء البريطانية، بسبب قضية تسمم الجاسوس السابق سكريبال، معتبرة تصريحات ماي بمثابة تصعيد وحشي غير مسبوق، يقوض قواعد الحوار الحكومي المناسب، مضيفة أن إجراءات الرد الروسية لن تتأخر. وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أنه سيتم الرد قريبا على التصعيد والإجراءات التي اتخذتها بريطانيا بحق الدبلوماسيين الروس، وأن ما تقوم به لندن مجرد تمثيلية سياسية، متهمًا إياها بمحاولة تضليل المجتمع الدولي، مشيرًا إلى أن الحكومة البريطانية لم تتقدم بأي طلب رسمي للحصول على معلومات متعلقة بالحادث. وأضاف لافروف، أن تصرفات لندن في قضية سكريبال، سببها على وجه الخصوص، عدم قدرة السلطات البريطانية على تنفيذ وعودها بشأن بريكست قائلا: يبدو لي واضحًا، أن هذه القصة تعكس قبل كل شيء، عدم وجود مخرج أمام الحكومة البريطانية الحالية، خصوصًا عندما لا يستطيعون تنفيذ تلك الوعود التي قدموها لشعبهم والمرتبطة بالخروج من الاتحاد الأوروبي. واعتبرت السفارة الروسية في لندن قرار رئيسة الوزراء البريطانية تصرف عدائي وغير مبرر، وحملت مسؤولية تدهور العلاقات الروسية البريطانية إلى القيادة السياسية الحالية في المملكة المتحدة. وصعدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروف، من لهجهتا بعد وصف تريزا ماي ، لوزير الخارجية الروسي لافروف، قائلة: تريزا لافروف هو وزير روسي وليس بريطاني ومسألة تقيميه تخص الرئيس الروسي، أدرك أنك تتمني غير هذا لكن وزيرك هو بوريس جونسون". ونوهت ماريا، إلى أنه في حال إغلاق "روسيا اليوم" في بريطانيا، فلن يسمح لأي وسيلة إعلام بريطانية بالعمل في روسيا. دعم أوروبي وأمريكي لبريطانيا نالت بريطانيا دعما من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في هذه القضية، واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أن روسيا تقف وراء تسميم العميل المزدوج الروسي السابق. وكتب توسك، في حسابه على تويتر "أعبر عن تضامني الكامل مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بعد الهجوم الذي نفذ بإيحاء على الأرجح من موسكو". وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي مع تريزا ماى، عن مشاطرة باريس رأي لندن، فيما يخص مسؤولية روسيا في قضية تسمم العميل سكريبال، مشيرًا إلى أنه سيعلن قريبًا عن الإجراءات التي ينوي اتخاذها في هذا الصدد. من جهته، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في اتصال هاتفي مع تيريزا ماي، أنه على روسيا تقديم أجوبة لا لبس فيها في مسألة تسميم الجاسوس الروسي وابنته. وقال البيت الأبيض إن ترامب وماي "يعتبران أنه لا بد أن تكون هناك عواقب إزاء الذين يستخدمون هذه الأسلحة المشينة، في خرق فاضح للأعراف الدولية.