عند الحديث عن أهرامات مصر لا يطرأ للأذهان سوى أهرامات الجيزة الثلاثة، وهرم سقارة المدرج، بينما تضم قائمة أهرامات مصر قرابة 150 هرمًا، بناها الفراعنة باختلاف حقبهم التاريخية في العديد من المواقع، غير أن معظم تلك الأهرام باتت في طي النسيان نتيجة الإهمال الحكومي والغياب الإعلامي. ورغم الأهمية المعلوماتية البالغة لأهرامات مصر، تركت وزارتا الآثار والسياحة ذلك التراث التاريخي الفريد قيد التضارب والأخطاء الإحصائية، فموقع «ويكيبيديا» باعتباره أكبر موسوعة معلوماتية على محركات البحث أخطأ في حصرر عد الأهرام، فبدلًا من 150 هرمًا، أفاد بأن هناك 118 هرمًا فقط، كما حصر مناطق بناء الأهرام بين محافظتي الجيزة والفيوم، في حين يقف أقدم هرم بناه الفراعنة في منطقة حبنو الأثرية بالمنيا. يقول الخبير الأثري محمود النبراوي إن المصريين القدماء بنوا 150 هرمًا، على مدار أكثر من ألف سنة، وقد تدرج البناء الهرمي عبر العصور، فمن الشكل الهرمي المتدرج كهرم زوسر بسقارة إلى هرم مائل الشكل، ثم إلى الشكل الهرمي المتمثل في أهرامات الجيزة، وفي عصر الدولة القديمة بُنيت الأهرامات كبيرة الحجم من الحجر، كهرم خوفو وخفرع ومنكاورع، ونظرًا لتكلفتها بُنيت الأهرام التي تلتها أصغر حجمًا، ثم بُنيت بعد ذلك من الطوب اللبن كما في عصر الدولة الوسطى (2630ق.م إلى 1640 ق.م.)، وكانت أضلاع الأهرام الأربعة تتعامد مع الاتجاهات الأصلية الجغرافية الأربعة (الشمال والجنوب والشرق والغرب). وبحسب نصوص الأهرام القديمة التي فسرها علماء الآثار فإن الأهرامات مبانٍ ملكية بُنيت في الفترة 2630 ق.م. وحتى سنة 1530 ق.م. وشُيدت معظم الأهرام بصحراء غرب النيل، للارتباط العقائدي الفرعوني بنظرية الشمس، إذ اعتقد الفراعنة أن روح الملك الميت تترك جسمه لتسافر إلى السماء مع الشمس كل يوم، وعندما تغرب الشمس ناحية الغرب تعود الروح الملكية لمقبرتها داخل الهرم لتجدد نفسها، ولذا كانت مداخل الأهرامات في وسط الواجهة الشمالية من الهرم، وخلال الدولة القديمة (2585 ق.م. إلى1640ق.م.) نقش الكهنة والفنانون بالهيروغليفية على جدران حجرة الدفن للمومياء الملكية نصوصًا عبارة عن تعليمات وتراتيل يتلونها أمام الآلهة عند انتقال المتوفى للعالم الآخر، وتعاويذ لتحرسه في ممره لما بعد الحياة الدنيا. وتأكيدًا للأخطاء الإحصائية حول مناطق بناء الأهرامات، في منطقة حبنو الأثرية الكائنة بقرية زاوية سلطان شرق مدينة المنيا، التي كانت تمثل عاصمة الإقليم السادس عشر، يقف هرم منعة خوفو، أي مرضعة خوفو، الذي بُني في الأسرة الثالثة على شكل مدرج، بناه الملك حوني تكريمًا لمرضعة ابنه خوفو. وقال أستاذ الآثار بجامعة المنيا ومفتش منطقة آثار مصر الوسطى دكتور علي صبرة إن الهرم يعد الأقدم في تاريخ الدولة القديمة، ويسبق في تاريخ بنائه أهرامات الجيزة، وهو مليء بالأسرار، فلم يتم العثور على حجرة الدفن خاصته حتى الآن، رغم محاولات علماء أجانب ومصريين. وذكر مفتش الآثار أن العالم الألماني "واي" قام في القرن التاسع عشر بدراسة الهرم وتنظيف جوانبه، وحاول التعرف على مكان مدخل الهرم والوصول لحجرة الدفن، حتى إنه حفر حفرة بمنتصف الهرم، ولم يعثر على حجرة الدفن أو تابوت صاحب الهرم، وأضاف أن الهرم يحتوي على 4 مدرجات, أطوال أضلاعه 22,5 متر وارتفاعه 17 مترًا, وأحجاره مائلة إلى الداخل، وتصل في نهاية المصطبة الأخيرة، لتكون أصغر من أحجار القاعدة، ليتمكن المعماري وقتها من بناء الهرم. وعن سبب غياب المعرفة حول مجمل أهرامات مصر قال دكتور صبرة إن بعض تلك الأهرامات تبعد عن مواقع الجذب السياحي، فعدم تمهيد الطرق الموصلة إليها، وإحاطتها بأسوار وتوفير حراس عليها، تسببت في عدم وضعها على خارطة السياحة، وبالتالي سقطت إعلاميًّا، كما أن بعض تلك الأهرامات كانت تغطيها الرمال قبل اكتشافها، وجميعها أصغر حجمًا من أهرامات الجيزة. من جهته أكد العالم الأثري الدكتور زاهي حواس في ندوة نظمتها كلية الآثار بجامعة القاهرة، الخميس، أن القائمة الهرمية في مصر تضم 150 هرمًا، مضيفًا أن فترة حكم الملك سنفرو كأحد بناة الأهرام استمرت قرابة 450 عامًا، وأن الهرم المنحني الذي بناه أحد أهم الأهرامات، نظرًا لتواجد غرفة دفن الملك سنفرو به.