وسط تقارب صهيوأمريكي غير مسبوق، يعززه الرئيس دونالد ترامب بخطوات سريعة تصب في مصلحة الكيان المحتل، ويستغله رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ لانتزاع أكبر قدر من الاستفادة من الإدارة المتصهينة، ينعقد مؤتمر "إيباك" في العاصمة الأمريكيةواشنطن، والذي يعكس حجم النفوذ الهائل لأقوى جماعة لوبي صهيوني موالية لإسرائيل تسيطر على دوائر صنع القرار الأمريكي. مؤتمر إيباك.. حماة الكيان الصهيوني انطلقت أعمال مؤتمر لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية "إيباك" في العاصمة الأمريكيةواشنطن أمس الاثنين، ويشارك فيه كبار الساسة الأمريكيين، ومن بينهم نائب الرئيس، مايك بنس، باعتباره مسيحيًا محافظًا من أقوى مؤيدي إسرائيل داخل البيت الأبيض، وسفيرة واشنطن في الأممالمتحدة، نيكي هيلي، التي استغلت منصة المنظمة الدولية للدفاع عن سياسات إسرائيل واحتلالها للأراضي الفلسطينية وحشد التأييدات للانتهاكات الصهيونية، كما يشارك أعضاء كبار من الكونجرس الأمريكي في المؤتمر، بالإضافة إلى رئيس الكونجرس، بول ريان، وزعماء الحزبين الجمهوري والديمقراطي. يركز مؤتمر إيباك في دورته الحالية، على سبل تعزيز استراتيجية شاملة بشأن إيران، وكبح جماح نفوذها المتعاظم بالشرق الأوسط، الذي تعتبره تل أبيب تهديدًا لوجودها في المنطقة، الأمر الذي ينسجم كليًا مع ما تسعى إليه أمريكا وتحشد له بكل طاقتها عربيًا وأوروبيًا، حيث تلعب الولاياتالمتحدة حاليًا على ابتزاز بعض الدول لحشد التأييدات لفرض عقوبات جديدة على إيران، فيما تحشد أيضًا لإقناع الدول المشاركة في الاتفاق النووي الإيراني إلى الانسحاب منه في حال رفضت إيران تعديل بعض بنوده. ويعكس المؤتمر السنوي الذي أسسه زعماء أمريكيون عام 1951، حجم النفوذ الهائل لأقوى جماعة ضغط موالية لإسرائيل داخل أروقة السلطة في الولاياتالمتحدة، ويهدف لتحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل من خلال التعاون ما بين أجهزة مخابرات البلدين والمساعدات العسكرية والاقتصادية، حيث يسعى المشاركون في المؤتمر إلى الحد من الدعم المالي الذي تقدمه الولاياتالمتحدة للسلطة الفلسطينية، كما يستهدف الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل، والمعروفة اختصارًا باسم "بي دي إس"، إلى جانب دعم الدول التي تصب سياستها في خدمة تل أبيب. ويحضر المؤتمر بعض الدول والشخصيات اليمينية المتطرفة المعروفة بدعمها المتشدد للكيان الصهيوني، وهو ما يظهر في حضور رئيس جواتيمالا، جيمي موراليس، الذي أكد خلال المؤتمر أن "سفارة بلاده في إسرائيل ستُنقل إلى القدس في شهر مايو المقبل، بعد مرور يومين على نقل السفارة الأمريكية"، ليقطع الحديث عن عرقلة قرار النقل، بعدما جمدت المحكمة الدستورية العليا في جمهورية جواتيمالا قرار الرئيس قبل أيام بناء على دعوى قضائية رفعها مجموعة من الحقوقيين برئاسة المحامي ماركو فينيسيو، حيث تم بناء الدعوة على الدستور بصفتها دولة علمانية لا يحق للرئيس ومن منطلقات دينية بحتة أن يتخذ قرارات تضرب التعايش السلمي بين فئات المجتمع. تقارب صهيوأمريكي يأتي انعقاد المؤتمر وسط تقارب غير مسبوق بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فالرئيس الأمريكي، لم يخفِ يومًا دعمه الكامل للكيان الصهيوني، خلال حملته الانتخابية، وظهر بخطوات فعلية بعد تنصيبه رئيسًا في 20 يناير عام 2017، حيث انطلق مؤتمر "إيباك" بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي موعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتحديد 14 مايو المقبل للعملية، ضاربًا عرض الحائط بحالة الغضب الفلسطيني الداخلية، والتحذيرات الأوروبية والتنديدات العربية. OLYMPUS DIGITAL CAMERA تحديد موعد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لم يكن القرار الأول الذي يُعد بمثابة هدية ثمينة من واشنطن للاحتلال، بل سبقه الهدية الأكبر، ففي 6 ديسمبر الماضي وبعد تردد استمر ما يقرب من عام، ورغم التحذيرات الدولية العربية والأوروبية، قرر الرئيس الأمريكي، اتخاذ خطوة خطيرة ومتسرعة ومثيرة للاستفزاز، بإعلانه الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، والشروع في نقل السفارة الأمريكية إلى هناك بدلًا من تل أبيب، وهو القرار الذي أثار حينها ضجة دولية وعربية دفعت العديد من الدول إلى إدانة الخطوة في المحافل الدولية. التقارب الصهيوأمريكي غير المسبوق عبر عنه الرئيس الأمريكي، اليوم الثلاثاء، خلال استقباله رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، قبل توجه الأخير لإلقاء كلمته في مؤتمر "إيباك"، حيث قال ترامب إن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لم يسبق أن كانت أفضل مما عليه الآن، وأضاف أنه قد يزور إسرائيل لافتتاح السفارة الأمريكية في القدس يوم 14 مايو المقبل، فيما أشاد نتنياهو بما وصفه بالقرار التاريخي. انتقادات واحتجاجات واسعة بالتزامن مع انطلاق أعمال مؤتمر اللوبي الصهيوني، اندلعت عاصفة من الاحتجاجات والتنديدات الفلسطينية والدولية للتعبير عن رفض دعم أمريكا للكيان المحتل، حيث نظم عشرات من النشطاء الفلسطينيين واليهود والأمريكيين مظاهرة أمام البيت الأبيض للاحتجاج على الدعم الأمريكي لإسرائيل، ورفع المتظاهرون لافتات تندد باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وبالدور الذي تقوم به "إيباك" في دعم ممارسات الاحتلال المجحفة بحق الشعب الفلسطيني. في ذات الإطار، احتضنت واشنطن مؤتمرًا مناهضًا لنفوذ اللوبي الموالي لإسرائيل في أمريكا، وتأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية؛ بتنظيم من مجلة "واشنطن ريبورت"، بالتعاون مع قسم الشرق الأوسط التابع لمعهد الأبحاث الأمريكية، وناقش المتحدثون في المؤتمر ومعظمهم أكاديميون وصحفيون، الاستراتيجيات والسياسات والوسائل التكتيكية لإسرائيل واللوبي المؤيد لها في التأثير على الكونجرس وقراراته والإدارات المتعاقبة، وقال المنظمون إن وعي الأمريكيين بهذا التأثير في ازدياد، وإن قرابة 85% يعارضون اليوم حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل الذي بلغ ربع تريليون دولار منذ تأسيسها عام 1948، علمًا بأن الدعم لا يقتصر على المساعدات العسكرية والمالية فقط. من جانبها، انضمت الحركة اليهودية المعادية لإسرائيل، أمس الاثنين، إلى احتجاجات ضد انعقاد مؤتمر "إيباك"، حيث قال المتحدث باسم الحركة، يسرول ديفيد ويس، خلال المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني والمناهضة للمؤتمر "إننا ندعو إلى تفكيك سريع وسلمي لهذا الاحتلال بكامله"، مضيفًا أنه "يحظر علينا الجرأة في سرقة الأرض وانتحال هوية لشيء غير مقبول على الإطلاق"، وحمل ناشطون آخرون من الحركة اليهودية المعادية لإسرائيل "ناطوري كارتا"، لافتات ورد فيها "فلسطين يجب أن تعود للسيادة الفلسطينية بأكملها"، و"يجب تحرير القدس"، ووجه المتظاهرون، عبارات تدعم إرادة الشعب الفلسطيني وتثبت حق ملكيتهم في الأرض بعبارات "من النهر إلى البحر، ستكون فلسطين حرة"، ونددوا بقيام دولة إسرائيل "غير الشرعية" على أرض فلسطين. إنقاذ مستقبل نتنياهو السياسي مؤتمر إيباك يأتي في توقيت مناسب جدًا بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حيث يواجه الأخير وضعا سياسيا صعبا للغاية، بعدما خضع مؤخرًا لعدد من التحقيقات الجنائية، والمتوقع أن تقضي على مستقبله السياسي وتقود تل أبيب إلى انتخابات مبكرة، حيث كانت شرطة الاحتلال أصدرت قبل نحو أسبوع لوائح اتهام ضد نتنياهو بتهم تلقي رشاوي في قضيتي فساد وأوصت بمحاكمته. يرى العديد من المراقبين أن خطاب نتنياهو أمام القادة والمسؤولين الأمريكيين واليهود في مؤتمر إيباك، قد يكون الفرصة الأخيرة للدفاع عن نفسه في أعقاب الاتهامات الموجهه له، الأمر الذي سيستغله نتنياهو في إظهار نفسه بصورة "القائد القوي والمستقر سياسيًا وأمنيًا، والقادر على تعزيز مكانة بلاده على الرغم من التحديات التي تواجهها". تعميق العلاقات الخليجية الإسرائيلية العلاقات الخليجية الإسرائيلية التي اتخذت في السنوات الأخيرة منعطفًا جديدًا من التقارب غير المسبوق، أخذت حصتها أيضًا من الدعم الصهيوني في المؤتمر، حيث دعا رئيس مؤتمر إبياك، ستيفن جرينبرج، إلى دعم جهود التغيير والتطوير في السعودية وبقية دول الخليج خاصة الإمارات والبحرين، وقال في كلمة ألقاها خلال المؤتمر: إن تغييرًا حقيقيًا يجري في السعودية ويتعين دعمه، كما تحدث عن انطباعاته لزيارة قام بها لكل من الإمارات والأردن، وأشاد بقادة الإمارات. من جانبه، قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، داني إيالون، إن هناك علاقات جيدة تربطه بالقادة السعوديين، وأضاف أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بين إسرائيل وكل من السعودية والإمارات والبحرين، خاصة فيما يتعلق بمواجهة نفوذ إيران في المنطقة، قائلًا إنها "عدونا المشترك".