أكدت الاكتشافات الأثرية الأخيرة التي أعلنت عنها وزارة الآثار، خاصة بمنطقة تونا الجبل غرب محافظة المنيا أمس، عن نجاح اللصوص في الوصول إلى جميع الاكتشافات المُعلن عنها قبل المسؤولين بعشرات السنوات، وسرقة خيراتها من التماثيل والحلى الذهبية وغيرها من المقتنيات الفريدة، رغم أنها على أعماق كبيرة في مناطق بعيدة بالصحراء، استغرق وقت اكتشافها والوصول إليها من قبل الأثريين عدة سنوات. تدمير المومياوات بحثًا عن الزئبق الأحمر العديد من المومياوات طالتها أيدي تجار الآثار منذ سنوات عديدة، وأثبتت ذلك المقابر المكتشفة مؤخرًا، حتى تم تدمير غالبيتها، زعمًا من العصابات بأنها تحوي السائل الأحمر، الفريد من نوعه ليتم استخدامه فيما بعد للكشف عن المقابر الأُثرية الأخرى. ويستعين اللصوص ببعض الدجالين الذين يطلبون الزئبق الأحمر بحجة إعطائه للجن حارس المقبرة للسماح لهم بالدخول، الأمر الذي يدفع هؤلاء الأشخاص إلى فحص بعض المومياوات بشكل يصل إلى تكسيرها للعثور ولو على القليل منه. شائعة الأربعينات تطارد الاكتشافات الأثرية قصة الزئبق وما تلاها من تدمير العديد من المقابر الأثرية، ظهرت واشتدت منذ أربعينات القرن الماضي، حين تم اكتشاف زجاجة تخص أحد كبار قواد الجيوش القديمة، والذي تم تحنيطه في داخل تابوته، وعثر داخل الزجاجة على سائل أحمر، وقال عنها عالم الآثار المصري والمدير العام السابق لمتحف التحنيط بالأقصر، الدكتور محمد يحيى عويضة، إنها لا تتعدى كونها زجاجة كانت أسفل مومياء "آمون.تف.نخت"، قائد الجيوش المصرية خلال عصر الأسرة 27 في مصر القديمة، وعُثر أسفلها على سائل ذو لون بني يميل إلى الاحمرار، كان من بين المواد المستخدمة في عملية التحنيط؛ عبارة عن "ملح نطرون، ونشارة خشب، وراتنج صمغي، ودهون عطرية، ولفائف كتانية، وترينتينا"، وإن السائل لا يزال محفوظاً في الزجاجة نفسها، التي تحمل خاتم وشعار الحكومة المصرية، ونتيجة إحكام غلق التابوت على الجسد، حدثت عملية تفاعل بين مواد التحنيط الجافة والجسد، أنتجت السائل الذي تسلل بعضه إلى الزجاجة، وبتحليله، وجد أنه يحتوي على 86 إلى 90% سوائل آدمية من ماء ودم أملاح وأنسجة رقيقة وصمغ ومادة بروتينية. وهناك روايات أخرى، تؤكد أن الزئبق الأحمر يتم استخراجه من الذهب؛ من خلال تعريض الذهب الخام إلى الإشعاع، بالإضافة إلى أنه يتم استخراجه من باطن الأرض ويخرج من فوهة البراكين بعد ثورانها، لكن الكميات المستخرجة منه قليلة جدا لا تتعدى مليجرامات، ونوع آخر يتم تحضيره صناعيا، وهو الزئبق الأحمر الكيميائي. اكتشافات تونا الجبل تعكس إهمال الكنوز الأشهر الثمانية الأخيرة، شهدت اكتشافين أثريين شديدي الأهمية بمركز ملويجنوبالمنيا، والذي احتضن عاصمة مصر القديمة متمثلة في منطقة "تل العمارنة"؛ حيث عُثر على الاكتشافين بمنطقة تونا الجبل، لكن تبين فيما بعد سرقتها منذ عشرات السنوات قبل توصل الخبراء الأثريين إليها. وآخر الاكتشافات المنهوبة ما أُعلن عنه، أمس السبت، بمنطقة الغُريفة شمال تونا الجبل غرب مركز ملوي، حيث قال خالد العناني، وزير الآثار، إن المنطقة كانت مطمعًا للصوص، ووصلوا إليها منذ سنوات قد تمتد للستينات والسبعينات، وهي واعدة لأنها تعد عاصمة الإقليم الخامس عشر لإقليم مصر الوسطى، ولم تقم بها الحفائر اللازمة وبدأت الحفائر فيها منذ سنوات قريبة، وهي عبارة عن جبانة أثرية، تضم كشفا كبيرا له قيمة علمية وكل متخصص أثري سيدرس شكل التابوت والبقايا الآدمية التي تم العثور عليها، ونحتاج لسنين عمل ودارسة لكي نفهم المنطقة. وأكد العناني أنه تم سرقة الجبانة شديدة الأهمية، وما كشف الأمر، عثور بعثة الحفائر على "علب كبريت" في المقابر أسفل الأرض تدل على تلك الفترة الزمنية، مشيرا إلى منطقة الغريفة عثر بها حتى الآن على 8 مقابر بها 40 تابوتا لكهنة وكبار موظفين كانوا يعبدون المعبود الأساسي لهم وقتها "جحوتي"، ووجدت مجموعة مجوهرات في حالة رائعة، وتوابيت خشبية مطعمه و4 أواني كوبانية، وأكثر من ألف تمثال. الدكتور مصطفى الوزيري، الأمين العام لهيئة الآثار المصرية، قال إن وصول اللصوص لمنطقة الغريفة كان بدافع الوصول إلى ما يسمى ب"الزئبق الأحمر" لبيعه أو استخدامه في بعض الأعمال الخاصة بالشعوذة.