يتزايد الرعب الصهيوني، كلما حقق الجيش السوري المزيد من الانتصارات، وبات على مقربه من عدوه الحقيقي، حيث يرتعد كيان الاحتلال خوفًا من تطور العمليات الميدانية على الأراضي السورية بشكل عام وفي المنطقة الجنوبية على وجه التحديد، خاصة في ظل الانتصارات التي يحققها الجيش السوري والتقدمات السريعة التي يجريها في مختلف جبهات القتال، وانكسار معادلات القوة القديمة في المنطقة، ليصبح لكل فعل إسرائيلي رد فعل سوري صارم وغير متوقع. تزايد الدعم الإسرائيلي لمسلحي الجولان نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تقريرًا مفصلًا عن آخر تطورات في الجنوب السوري، أكدت فيه أن ما لا يقل عن سبع منظمات مسلحة في الجولان تتلقى الآن أسلحة وذخائر وأموال من إسرائيل لشراء أسلحة إضافية، حيث قالت مُعّدة التقرير "إليزابيث تشوركوف"، المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع العديد من الناشطين في الجماعات المسلحة الناشطة بالجولان، إنها لاحظت تغييرًا في نطاق التدخل الإسرائيلي في الأحداث جنوبسوريا، خلال الأشهر الأخيرة الماضية، ردًا على سلسلة النجاحات التي حققها الجيش السوري في الحرب، وتخوفًا من التمركز الإيراني في سوريا، الذي حذر منه رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، مرارًا. وأضافت المُعّدة أن إسرائيل بدأت في الأشهر الأخيرة بمهاجمة منشآت عسكرية سورية ومواقع مرتبطة بإيران، في أعقاب تطورات عدة وقعت على أرض المعركة في سوريا، أبرزها إعادة سيطرة الجيش السوري على جنوبيسوريا، لاسيما المناطق القريبة من هضبة الجولان، فضلًا عن تطور آخر يكمن في رفض الشرط الإسرائيلي إبعاد القوات الإيرانية شرقًا لطريق دمشق درعا، في إطار اتفاق منع الاشتباك الذي وقعته أمريكا وروسيا والأردن، فيما أشارت إلى أن عشرات الناشطين في المنظمات المسلحة، أكدوا لها حدوث تغيير كبير في حجم الدعم الذي يتلقونه من إسرائيل. وأوضح التقرير أن التغيير حدث في الوقت الذي قلصت فيه واشنطن إلى حدٍ كبير من مشاركتها في جنوبسوريا، لافتا إلى أنه في يناير الماضي، أغلقت الإدارة الأمريكية غرفة العمليات الخاصة التي كانت تديرها وكالة الاستخبارات المركزية في العاصمة الأردنية، والتي كانت تُنسق الدعم للجماعات المسلحة جنوبسوريا، ونتيجة لذلك، تجمد الدعم الذي كان يتلقاه عشرات الآلاف من المسلحين من الأمريكيين، ما دفع الاحتلال إلى تعويضهم بدعم مادي صهيوني لتفادي انقلابهم على المصالح الصهيوأمريكية في المنطقة. على جانب آخر، لفت التقرير إلى أن المساعدات الإسرائيلية لم تقتصر على العسكرية فقط، بل شملت المساعدة المدنية أيضًا، حيث تقدم إسرائيل إعانات مادية إلى القرى التي يسيطر عليها المسلحون، بما فيها الأدوية والمواد الغذائية والملابس، وفي الصيف الماضي، اعترفت سلطات الاحتلال للمرة الأولى، بأنها تقدم مساعدات مدنية للقرى الواقعة في الجولان السوري، لكنها امتنعت عن تأكيد الأنباء حول مشاركتها أيضًا في نقل المساعدات العسكرية، وشدد التقرير على أن الخطوة الإسرائيلية تهدف إلى الحدّ من تقدم قوات الجيش السوري في هضبة الجولان وتحرير القرى التي يسيطر عليها المسلحون بالقرب من الحدود في الجولان. وفي السياق، قال مُحلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، نقلًا عن مصادر أمنية رفيعة في تل أبيب، إن تغييرات سريعة وحقيقية وقعت مؤخرًا في هضبة الجولان المحتل، مشددًا على أن الجيش السوري يركز حاليًا على شن هجمات مكثفة على جيوب مسلحين في إدلب في شمال الدولة السورية، وإلى الشرق من دمشق، كما يُعزز تدريجيًا وجوده في جنوبسوريا بما فيها هضبة الجولان، مشيرًا إلى أن هذه التحركات ترعب الكيان العبري وتجعله يجهز نفسه عسكريًا واستراتيجيًا استعدادًا لمواجهة مستقبلية البعض يراها حتمية، وتابع أّن المدلولات العملية من ناحية إسرائيل، أنه يمكن للإيرانيين الوصول إلى مسافة 20 كيلومترًا عن الحدود وسط هضبة الجولان، وحتى خمسة كيلومترات فقط في شمال الهضبة في المنطقة التي يُسيطر عليها السوريون، كما أن هناك مواقع مرتبطة بالحكومة السورية تطل على الحدود مع إسرائيل في منطقة القنيطرة الجديدة شمال الجولان، ما يزيد التهديدات. محاولات لضمان السيطرة يدرك الكيان الصهيوني جيدًا أن الرئيس السوري، بشار الأسد، سيعمل على استعادة هضبة الجولان المحتلة منذ العام 1973، عاجلًا أو آجلًا، بسبب الأهمية الكبيرة الرمزية والاستراتيجية في استعادة السيادة السورية على الهضبة، الأمر الذي دفع الاحتلال إلى اتخاذ جميع الإجراءات السياسية والعسكرية لضمان الحفاظ على النفوذ الإسرائيلي هناك، الذي سعت على مدى سنوات إلى فرضه متبعه سياسة الأمر الواقع؛ من خلال تكثيف الاستيطان ونهب خيرات وثروات الجولان، ومحاولة إقامة منطقة عازلة لفرض واقع ديمغرافي جديد في المستقبل، ناهيك عن محاولة تشكيل جيش "لحد" جديد في المنطقة ليحمي إسرائيل بتقديم كل أشكال الدعم السياسي والمادي والاستخباري والعسكري للفصائل المسلحة المنتشرة في مساحة واسعة من الجولان، لضمان ولاء تلك الجماعات التي تعول عليها تل أبيب في الدفاع عن النفوذ الصهيونية هناك. سياسة الأمر الواقع التي تعتمدها إسرائيل في الجولان ظهرت في يوليو الماضي، عندما كشفت الحكومة الإسرائيلية عن نيتها إجراء انتخابات للمجالس المحلية في قرى الجولان، وفق القانون الإسرائيلي، حيث بعث رئيس حزب "شاس" ووزير الداخلية الإسرائيلي، أرييه درعي، حينها رسالة إلى رؤساء المجالس المحلية المعينة في القرى الأربع، مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة، وعين قنيا، أبلغهم فيها أن وزارة الداخلية تبحث الخطوات اللازمة لإدارة المجالس المحلية في المرحلة الانتقالية، حتى موعد الانتخابات المقبلة، كمحاولة إسرائيلية للالتفاف على امتناع أهالي الجولان عن منح الشرعية للمجالس المحلية في قرى الجولان، التي تم إنشاؤها بعد الاحتلال الصهيوني للهضبة في عام 1967، ففي 14 ديسمبر عام 1981 قرر الكنيست فيما يسمى ب"قانون الجولان" فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على هضبة الجولان. الإعانات الإنسانية والعمل على تطوير البنية التحتية في الجولان، شكّل أيضًا بوابة طرقها الاحتلال الصهيوني لكسب ود الأهالي هناك وترغيبهم في وجوده؛ ففي سبتمبر الماضي كشفت مواقع إسرائيلية أن منظمة إسرائيلية أمريكية يديرها رجل أعمال إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية يدعى "موتي كهانا"، أنشأت مدرسة في محافظة إدلب شمال سوريا، وتعتمد منهاجًا يؤسس لنظرة مختلفة تجاه الكيان الصهيوني، وقالت المواقع العبرية حينها، إن المدرسة تضم 90 طالبًا و15 مدرسًا، وتضاف إلى مدرستين أنشأتهما المنظمة ذاتها جنوبسوريا في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة قرب حدود الجولان، وحسب "كهانا" فإن الخطوة واحدة من مجموعة خطوات تهدف إليها المنظمة لإحداث تغيير في موقف الشعب السوري تجاه إسرائيل. المحاولات السياسية والإعانات الإنسانية التي تحاول إسرائيل من خلالها تطبيق سياسة الأمر الواقع على أراضي الجولان واستعطاف أهاليها هناك، تأتي إلى جانب المحاولات العسكرية التي تمثلت في تقديم حكومة الاحتلال جميع أشكال الدعم لمجموعات مسلحة هناك، حيث سبق أن أكدت تقارير أن تل أبيب أمدت مجموعة من المقاتلين تسمى "لواء فرسان الجولان" بالأسلحة، في محاولة لكسب عقول وقلوب السوريين من خلال إرسال مساعدات إنسانية لهم والسماح للجرحى بتلقي العلاج في إسرائيل. وأشارت عدة تقارير إلى أن عدد الذين تلقوا العلاج في المستشفيات الإسرائيلية خلال الأزمة السورية يقدر بالآلاف، ناهيك عن محاولات كسب ود الجماعات المسلحة هناك من خلال قصف مناطق القنيطرة والجانب السوري من الجولان بين الحين والآخر، بذريعه استهداف مناطق عسكرية لقوات الجيش السوري أو استهداف قوافل نقل الأسلحة إلى حزب الله، لكن القصف كان دائمًا دعمًا للجماعات المسلحة التي تعمل لحساب الاحتلال هناك، لرفع حالاتها المعنوية المنهارة من تقدمات الجيش السوري.