شهد الأسبوع الماضي مجموعة من التطورات الدبلوماسية، التي تدور في فلك المصالحة الفلسطينية بشكل مباشر، من خلال زيارة وفد من حماس إلى القاهرة، وغير مباشر عن طريق زيارة وزير خارجية أمريكا للقاهرة، والتي تناولت ملفات لها علاقة بالإرهاب والانتخابات الرئاسية والعلاقة مع واشنطن. المصالحة الفلسطينية يوم الجمعة الماضي غادر وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، قطاع غزة إلى القاهرة؛ للقاء المسؤولين المصريين، ووفقُا لمصادر فلسطينية مطلعة فإن الزيارة جاءت في إطار جهود حركة حماس للتشاور مع مصر للتخفيف من معاناة سكان قطاع غزة وحل أزماته المختلفة. زيارة هنية لمصر تأتي في خضم التفاعلات السلبية على ملف المصالحة الفلسطينية إلى جانب معطيين جديدين، الأول إقالة مدير مخابرات مصر العامة اللواء خالد فوزي، يناير الماضي، وتعيين عباس كامل. والمعروف أن فوزي كان مسؤولًا عن ملف المصالحة، وهو من أشرف على إتمامها بين فتح وحماس في 12 أكتوبر 2017، وتقول مصادر إن المصالحة الفلسطينية هي من أحد أسباب إقالة فوزي نتيجة لتعثرها. المعطى الجديد الثاني يتمثل في أن زيارة إسماعيل هنية للقاهرة تختلف عن سابقتها، فهو حضر إلى القاهرة هذه المرة دون مباركة أمريكية، حيث في نهاية يناير الماضي، أدرجت الولاياتالمتحدة اسم إسماعيل هنية على لائحتها السوداء للإرهابيين. المعطى الثاني على جميع الأحوال لا يخدم الجهود المصرية والتي تسعى لتقريب وجهات النظر بين فتح وحماس، فواشنطن تصب الزيت على النار، وهجوم الولاياتالمتحدة على حماس ورموزها في هذا التوقيت بالذات له دلالات بعدم وجود رغبة أمريكية لإتمام المصالحة، خاصة أن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، بات يركز على نقطة سلاح حماس، وهي النقطة التي تسعى القاهرة لتأجيل النقاش فيها حتى إشعار آخر؛ كونها لا تعزز المصالحة. وهناك ثلاثة أسباب للزيارة المفاجئة لحماس، الأول تعثر بنود المصالحة الفلسطينية بين وفدي الحركة، وهو سبب رئيسي فى حضور الوفد، خاصة فيما يتعلق بتمكين الحكومة، إضافة إلى أزمة ملف الموظفين الذين عينتهم حماس أثناء سيطرتها على غزة، بما يشكل عائقًا أمام توحيد المؤسسات الرسمية الفلسطينية. والسبب الثاني له علاقة بالقرار الأمريكي تجاه حماس، حيث قال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، إن زيارة وفد حماس للقاهرة تأتي للتأكيد على رغبة مصر فى رفض القرار الأمريكي بوضع هنية على لائحة الإرهاب، وهو بمثابة رد دبلوماسي مصري على القرار الصادر، وقد ظهر جليًّا فى ترؤس هنية وفد الحركة أثناء زيارته مصر، خاصة أن الزيارة جاءت بدعوة مصرية. والسبب الثالث للزيارة هو بحث التطورات الأخيرة على الصعيدين الأمني والإقليمي فيما يتعلق بالنواحي الأمنية على الحدود مع سيناء، فزيارة حماس تتزامن مع عمليات الجيش المصري الشاملة لمكافحة الإرهاب في سيناء. أطراف من فتح رفضت الإفصاح عن اسمها قالت إن عدم وجود وفد من حركة فتح بالقاهرة يؤكد أن المحادثات تتعلق بشيء آخر بخلاف الحديث عن المصالحة. تيلرسون في القاهرة بدأ الوزير الأمريكي، ريكس تيلرسون، جولته لمنطقة الشرق الأوسط والتي تضم مصر والكويت والأردن ولبنان وتركيا، بلقاءات في القاهرة مع نظيره المصري سامح شكري والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ووصل تيلرسون مساء الأحد الماضي إلى العاصمة المصرية في زيارة تأتي قبل بضعة أسابيع على الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 26 مارس المقبل التي يترشح فيها السيسي لولاية جديدة. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري يوم الاثنين الماضي، أكد الوزير الأمريكي أنه تم الاتفاق بين الطرفين على استمرار التعاون الوثيق في مواجهة الإرهاب مع مصر، وبيّن أن التزام البلدين بهزيمة داعش راسخ، ونفى وجود فجوة بين مصر والولاياتالمتحدة، وهو الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام، خاصة في ظل اتفاق الجانبين المصري والأمريكي على إقامة آلية جديدة للتعاون بين البلدين بصيغة "2 + 2″، أي تضم وزيري الدفاع والخارجية في الدولتين، ليكون هناك تعاون مشترك بشكل مستمر بين الطرفين، فالحديث عن آلية جديدة يأتي في ظل مجموعة كبيرة من التوترات التي شابت العلاقة بين واشنطنوالقاهرة، الجديد منها قد يكون له علاقة بتلميحات تيلرسون بضرورة إجراء انتخابات شفافة وذات مصداقية بمصر، وتصريحات الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء الماضي، ألمحت إلى إثارة ملف حقوق الإنسان مجددًا، حيث قالت إنها تتابع قضية توقيف هشام جنينة، وأثارت مع مصر حرية الانتخابات، وقالت هيثر نورت، الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "الوزير تيلرسون خلال لقاءاته بنظيره المصري والرئيس المصري تطرق إلى ملف حقوق الإنسان وقضايا الاعتقالات، وشدد على أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة، يمكن فيها للجميع المشاركة بالطريقة التي يرغبون بها". وتابعت المتحدثة الأمريكية بالقول: "نائب الرئيس بنس كان في مصر أيضًا، وتحدث عن قانون الجمعيات الأهلية الذي نشعر نحوه بقلق شديد"، وأعربت نورت أن الجمعيات الأهلية هي من الأمور التي تراقبها واشنطن عن كثب.